facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عقيدة الإبادة القتالية المبتكرة للجيش الاسرائيلي


صالح الشرّاب العبادي
21-02-2024 11:01 AM

* عقيدة الضاحية، عقيدة القطاع

حرب الإبادة للشعب في غزة

لكل جيش من جيوش الدول في العالم له عقيدة قتالية عامة تدخل في مضمونها عقيدة قتالية خاصة ، تتميز بطبيعة الدولة نفسها التي تصيغ عقيدتها القتالية وتطبقها وتحدثها بناءاً على عدة عوامل، اهمها ، طبيعة التهديد للدولة ، الجغرافية العسكرية، طبيعة الحدود، العمق الجغرافي ، العمق الاستراتيجي، العلاقات مع الدول المجاورة ، التسليح العام ، العلاقات الدولية ، الأوضاع الداخلية ، التحالفات السياسية والعسكرية، وسياسة الدولة العامة ، وطبيعة تأهيل الجنود وتدريبهم وتأسيسهم..…

يغلب على كل عقائد الجيوش القتاليّة ( الدفاع ) وهو يعتبر واجب قومي وطني شكلت لأجله الجيوش وطورت وان كانت هناك انتماءات وائتلافات تؤثر على اساس العقيدة القتالية بشكل عام تتبع في مجملها إلى ما يسمى العقيدة الغربية ، او العقيدة الشرقية والتي ظهرت في المحورين الرئيسيين في العالم ( امريكا وروسيا) ولا ننسى العقيدة القتالية الصينية والمبتكرة من كتاب «فن الحرب» للمفكر الصيني الاستراتيجي صون تزو Sun Tzu .

في تاريخ الحروب الإسلامية ظهرت العديد من العقائد القتالية والتي لا زالت تبهر العالم لغاية الان ، عقيدة التحصين الدفاعية ( غزوة الخندق ) عقيدة نقل المعركة إلى أرض العدو ( معركة مؤتة واليرموك) عقيدة الدفاع المتحرك ولأول مرة ( معركة اليرموك الخالدة) .

ولا يغيب عن بناء العقيدة القتالية ايضاً الاتجاه العقائدي الديني الذي تنتهجه الدولة حيث لابد من ادخال الوازع الديني العام وخاصة عندما يكون العدو الرئيس لها يتبع شريعة ودين آخر يظهر في عقيدتها وتمارسه في تنفيذها على الارض ..

في هذه المقال سأتحدث عن العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي وبشكل عام ، علماً انه هناك دراسات عديدة بحثت في هذه العقيدة المنفردة والخاصة لهذا الجيش المحتل .

طبيعة العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي هي هجومية ردعية دفاعية ، بنفس الوقت ، تعتمد على عدة أسس ومبادئ اعتمدها قادة الجيش من بداية تأسيسهم للعصابات المسلحة المدعومة من الغرب ، اهمها ، الضربة الاولى الوقائية المسبقة ، والحرب الخاطفة المصحوبة بالقتل الجماعي ( التخويف والهلع ) ، نقل المعركة إلى خارج الحدود، الحسم العسكري السريع ، مع العمل على تقليل الخسائر البشرية وان كان هذا المبدأ الأخير قد تلاشى شيئاً فشيئاً بعد ان تم سن قانون هنيبعل الخاص بالجيش الاسرائيلي والذي ينص على الاسير يعتبر مفقود او مقتول ..وبعد ما شاهدنا اعداد القتلى في حرب غزة والذي لم يثني هذا الجيش عن الاستمرار في الحرب رغم تزايد اعداد القتلى بين صفوفه حتى في اعلى الرتب العسكرية.

هذه العقيدة التي يتبعها الجيش الاسرائيلي هي هجومية دفاعية دامية ، من اجل حرمان طرف الحرب الاخر من احراز اي نصر سواءاً كان عسكريا ً او سياسيا ً. ومحاولة انهاء الحرب بانتصار حاسم وهذا ما حدث في حرب ١٩٤٨ وحرب ١٩٦٧، وفي حال النصر بالحسم ، يتوقف عند احراز احتلال الارض او السيطرة على اهداف استراتيجية، ثم ما يلبث ان يدعم هذا الانتصار داخلياً ودولياً ليلتهم مناطق ويقتطعها بتطبيق كل أنواع المجازر والقتل والتدمير بشكل مخيف ومهول .

لا تعتمد القوات الاسرائيلية على مبدأ الدفاع بصورة هجوم فقط ، فقد فرضت عليها طبيعة التهديدات اتخاذ مبدأ الهجوم من اجل إحراز مبدأ الدفاع الطويل المطلوب والمفروض عليهم بسبب عدم وجود عمق استراتيجي جغرافي وبالتالي عدم وجود حرية كاملة في المناورة العسكرية العميقة .. نظراً لطبيعة التهديد المحيط بها وضيق المساحة الأرضية المسيطرة عليها ، وهذا ما يفسر استمواتها على تسطيح العلاقات بدعم أمريكي غربي مع الدول العربية من طبيعة عدائية تقليدية الى تطبيع دبلوماسي تمثل في اتفاقيات السلام الدولية وان كانت لم تنزل من مستوى الدبلوماسية الرسمية إلى المستوى الشعبي الذي يرفضها جملة وتفصيلا وهذا واضح من المواقف الشعبية العامة برفض التطبيع رغم معاهدات السلام ، وكذلك ما تبعها من تطبيع علاقات فردية بحاضنة امريكية مع دول عربية والشعور انها مرغوبة شعبيا ولو جزئياً ،

يعتمد الجيش الاسرائيلي على جيش الاحتياط الذي يتمّ استدعاؤه في العمليات والذي يستغرق وقتاً ومدة طويلة نوعاً ما من اجل النقل والتأهيل والتدريب ثم الزج به في ارض العمليات ، وهذا ما يبقي مبدأ الدفاع الممزوج بالهجوم من اهم المبادئ في العقيدة القتالية التي يتبعها الجيش الاسرائيلي ..

من الأمور المهمة التي تكون سبباً في متغيرات العقيدة القتالية للجيش الاسرائيلي، الحديث والمتغيرات السياسية وتوجهات عمليات السلام والعودة إلى حدود عام ١٩٦٧ ، حيث يعتمد هنا على ما يسمى دفاع المناطق والذي تلعب به المستوطنات دوراً كبيراً والتي تكون محصنة بشكل كبير ، يقطنها العديد من الاحتياط وخاصة مهجرين اليهود من العالم وهم بمثابة قوات دفاع متقدم وقوات إنذار وتأخير لاي قوة مهاجمة الى حين وصول القوات النظامية..واستلام المعركة .. وهذا من شأنه ان يغير او يسقط مبدأ الضربة الاستباقية الردعية الاولى ، التي لو تم التخطيط لها بشكل كافي ووقت دقيق قد تؤدي إلى إخلال وعدم توازن للطرف المهاجم ، كما حدث في حرب النكسة عام ١٩٦٧ ، وبناءاً على احتمالات السلام والمتغيرات العالمية والإقليمية، استعاضت عن اتباع مبدأ الردع بعمليات استطلاع واستخبارات موسعة تتعدى الحدود ، تحصل من خلاله على المعلومات عن نوايا او مقاصد عدوانية حتى لا تقع في مفاجآت هجومية .. ومع كل ذلك فقد سقط هذا المبدأ ( المعلومات الاستخباراتية المؤكدة عن العدو ) في هجوم المقاومة يوم السابع من اكتوبر التي اخترقت كل الدفاعات الضخمة والمتسلسلة رغم عمليات الاستطلاع والمراقبات التكنولوجية والبصرية .. المباشرة وغير المباشرة وبالرغم من خط المستعمرات الدفاعية على طول الحدود.

تهدف العقيدة القتالية التي يتبعها الجيش الاسرائيلي الى كسب نصر عسكري حاسم،
يكون بمضمونة انهاء الحرب بسرعة وتحقيق اهداف محددة لا يتم التنازل عنها وهذا ما يسمى الردع ، معتقدة ان ذلك يحقق أمن اسرائيل وأمن حدودها المزعومة كما تدعي ،،وقد أخفقت هذه النظرية عملباً ونظرياً في السابع من اكتوبر حيث سقطت نظريات الردع والاستخبارات التي تولي اسرائيل اهمية كبرى بالنسبة لهما …وتعتمد عليها عمليات الجيش الاسرائيلي المستقبلية اعتماداً كبيرا ً .. الأمر الذي اجبرها على اتباع نظرية الحسم ونقل المعركة إلى ارض الطرف الاخر ودخولها في حرب برية سقطت معها عدة مباديء…وهي الحرب الخاطفة ، الضربة الاولى الرادعة ، والضربة الاستباقية، والعمليات الحاسمة من ارضها وموقعها ، وتحقيق الاهداف للحرب .
فهي ( اي اسرائيل) لا تؤمن بنتيجة غير واضحة المعالم للحرب، أو التعادل مع الخصم ، دون نتائج عسكرية حاسمة، وتعتقد أن الوقوف في غموض المواقف وعدم الحسم وتحقيق الاهداف ، هو نصر للطرف الخصم المقابل ( في هذه الحرب تحديداً ) وسيكون ذلك سبباً كافياً ومطمع حقيقي للطرف الخصم مقاومة كانت او غيرها ، على الاستعداد للهجوم والتحدي والتحرك ومعاودة الكرة مرة أخرى.

اما مبدأ الحرب الخاطفة والحسم ، والذي نجحت بانتهاجه القوات الاسرائيلية عام ١٩٦٧ حيث اخترقت قوات اسرائيلية حديدية ومظلات ومشاة منقولة ومشاة راجلة ..والتي احدثت انتصاراً حاسماً على معظم الجيوش العربية على جميع الجبهات ، وحسمت المعركة ووقفت عند الحدود التي وصلت اليها ، حيث يوفر هذا المبدأ، سرعة إنهاء الصراع والنصر بعد فرض واقع جديد في أرض الطرف الاخر وقبل أن يتحرك المجتمع الدولي للتدخل .

بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة واصبحت السيطرة للمقاومة حماس وبدأت في قصف اسرائيل التي باتت ليست ذات مأمن من صواريخها والتي وصلت الى شمال وشرق فلسطين المحتلة وكذاك وجود حزب الله في جنوب لبنان وخلال حربها مع جنوب لبنان عام ٢٠٠٦ ، ظهرت ما يعرف بعقيدة الضاحية ( نسبة الى الضاحية الجنوبية للبنان ) والتي أسسها غادي إيزنكوت مع هيئة ركنه ، انذاك وقوامها صب اكبر قوة نار قاتلة ومدمرة على مصدر التهديد حتى لو كانت غير متكافئة او متناسبة مع ذلك التهديد، وتحدد المناطق التي تطلق منها الصواريخ فيتم تدميرها حتى تسوى بالأرض مع قتل المدنيين المتواجدين في تلك المناطق حتى تصبح غير صالحة للعيش بها ، والهدف حسب هذه العقيدة مسح وابادة القاعدة الشعبية في منطقة التهديد وتدميرها ، من اجل ان يدفع الشعب الثمن الباهض مقابل اختيارات القادة الذين اتخذوا هذه القرارات، ومن اجل تاجيج سكان هذه المناطق ضد قادتهم من جراء الآلام والمعاناة والمآسي التي تخلفها هذه الكارثة.. ومع كل ذلك فشل هذا المبدأ في حرب تموز على جنوب لبنان حيث استمرت شهر دون توقف او سيطرة لحماية المستعمرات الشمالية التي عانت ما عانت من صواريخ حزب الله ..

في حرب الإبادة بعد السابع من اكتوبر ، نجحت اسرائيل بمبدأ نقل المعركة إلى أرض العدو ، فرض عليها من جراء نتيجة ، قوة الضربة وقوة الاختراق والهجوم يوم السابع من اكتوبر بعد ان سقط مبدأ الردع والاستخبارات والمعلومات والضربات الاستراتيجية الاستباقية ، خوفاً من استمرار المعركة داخل حدودها كما تدعي ، ونظراً لصغر مساحة الرقعة الجغرافية وعدم وجود عمق أستراتيجي ، مع استطاعتها الأكيدة على القيام بعمليات تدميرية كبرى في القطاع من غلاف غزة ، والسبب الذي اجبرها على الحرب البرية هو تحرير الأسرى لدى المقاومة والقضاء على ( حماس ) كما تدعي ، وهذه الاهداف من المستحيل إنجازها بدون تدخل بري كما اعتقدت.

بعد نسيان هذه العقيدة( عقيدة الضاحية ) وفشلها عام ٢٠١٤ ، ظهرت الان في حرب غزة بعد السابع من اكتوبر ، حيث تم تسميتها ب ( عقيدة القطاع ) والذي تطبق الان في قطاع غزة طمعا في إنجاز عسكري يحفظ ماء وجه اسرائيل وقادتها من الفشل الذي يلاحقهم مرحلة بعد مرحلة ، ما يدل على إفلاس وعقم عسكري للجيش الإسرائيلي في تحقيق الاهداف المعلنة والاستعاضة عنه بعمليات الابادة الجماعية والقتل الممنهج المستمر وتدمير جميع مقومات الحياة للمدنين ( الحاضنة الشعبية للمقاومة )

في حرب غزة التي نشهدها الان والتي اعتقدوا قادة الجيش الاسرائيلي انها ستكون سريعة خاطفة وحاسمة ، لكنها وقعت في شباك المقاومة الفلسطينية في غزة وغطست في وحل ارض الشريط البحري الصغير جغرافيا وأعملت فيها المقاومة ما أعملت ..من قتل الجنود والضباط وتدمير الاليات الحديدية وعطبها .. الأمر الذي أسقط تلقائيا مبدأ الحرب الخاطفة والحاسمة وكذلك سقط تلقائيا معها مبدأ تقليل الخسائر البشرية..

بالرغم عدم وجود توازن قوى عسكرية بين الجيش الاسرائيلي والمقاومة، إلا أن المقاومة الفلسطينية في غزة نجحت في خلق توازن قوى من خلال :

الهلع والخوف والرعب داخل انفس قادة وضباط وجنود هذا الجيش المحتل مما أدى إلى قتل مئات الضباط والجنود .

وخلقت المقاومة أيضاً توازناً في قيمة السلاح المتوفر لديها والتي استخدمته بكفاءة وقدرة عالية
وكذلك احدثت المقاومة توازن بمبدأ التدريب الاحترافي في القتال داخل المدن وفي المناطق السكنية،.
وكذاك توازن في استخدام حرب الانفاق الذي كان اكبر عقبة وتحدي امام قوات الاحتلال المهاجمة ، حيث ان الخطط والاستراتيجيات والعقائد القتالية التي تم استحداثها وتطبيقها قد فشلت فشلاً ذريعاً ، وان تلك العقائد القتالية الابادية المبتكرة، والاستراتيجيات النوعية قد تحطمت امام اسلحة المقاومة وتكتيكاتها القتالية واتباع جملة من المهمات العسكرية الخاصة النوعية ، بالرغم من عمليات القصف التدميري الكلي الممنهج الواسع والقتل الجماعي للشعب ، حيث فشلت بالتالي في خلق حالة حنق وغضب وتذمر داخل الحاضنة الشعبية المؤيده للمقاومة ..
مع تطبيق عقيدة القطاع والتي تتمثل بالإبادة الجماعية ادركت القيادة السياسية والعسكرية انها لم تحقق نصراً حاسماً او ملحوظاً الأمر الذي حدى بها بالإضافة إلى الإبادة الجماعية، عمليات التطويق والحصار المميت والتجويع بضرب حصار صارم خانق على الاحياء داخل القطاع مع استمرار القتل على مبدأ ( من لم يمت بالقصف يموت بالجوع والعطش والموص والمعاناة والألم ) وهذه هي ( عقيدة القطاع للإبادة الجماعية المبتكرة من عقيدة الضاحية ) .

هذه نبذة عن استراتيجيات العقيدة القتالية للجيش الاسرائيلي والتي تعدل عليها وتغير حسب اتجاه التهديد والتي تنتهجها إسرائيل وهي فشلت معظم مبادئها تباعاً ، مع اتباع المقاومة عقيدة الحق والعدل والحرية والكرامة ، حيث انها اقوى تأثيرا وأعظم شأنا ويهابها ويخشاها كل معتدي وظالم ومحتل مهما تسلح من قبب حديدية او تحصن في اقوى دبابة او اتبع اقوى العقائد القتالية اياً كان لونها ومصدرها .

* كاتب ومحلل شؤون عسكرية سياسية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :