نظرة في هشاشة الدور العربي في قضية غزة
م. عبدالله الفاعوري
20-02-2024 06:53 PM
من عايش وقرأ وسمع عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وجميع الصراعات لوجد أن هذا العدوان الغاشم هو الأعنف والأشد فتاكة عن سابقه، بما تمثل من حجم الأطنان الملقاة على الشعب الإسلامي في غزة إضافة إلى استهداف المدنيين والصحفيين. فالسؤال المطروح بالأذهان؛ ما سبب ضراوة واشتداد هذا العدوان عن سابقه؟، وما سبب اختلاف وضعف عمق الدور العربي والإسلامي في هذه الحرب عن سابقها؟، وإلى ماذا ستؤول هذه الحرب؟.
يعود السبب في الوحشية الصهيونية في هذه الحرب هو ما أحدث لهم السابع من أكتوبر من أثر عميق زلزل كيانهم وأكد على ضعف جيش الكيان وأظهره على شكل نمر من ورق أمام العالم أجمع، حيث إن حادثة السابع من أكتوبر لم تأت من فراغ إنما هي شكل نضالي بطولي قادته فصائل مقاومة تدافع عن أرضها ومقدساتها التي تدنس وتتعرض لاعتداءات باستمرار، إن هذه الوحشية أيضا تعود لأن هذا الكيان بعد فضيحته وتعرية ضعفه اعتبر هذه المعركة عن سابقها معركة الوجود من العدم، إضافة أن هذا الكيان تمكن بالمنطقة بالتدريج بمساعدة الدول الداعمة استراتيجيا من فرض السيطرة والسيادة لهذا الكيان، ممثلا بعدة خطوات تستهدف جميع الأجزاء؛ ديموغرافيا وفكريا قيميا إضافة إلى سيادة اقتصادية في المنطقة بمساعدة قوى الشر المختلفة. ولنبدأ بتوضيح كل نقطة على حدي؛
أولا: ديموغرافيا؛ إذ ساهم الربيع العربي منذ عقدين من الزمن على ضرب دول المنطقة الإقليمية المحيطة بالكيان بمقتل وحولها من دول طامحة للنمو والارتقاء وتبني أفكار أيدولوجية هادفة إلى دول تبحث عن الاستقرار في خضم صراعات أهلية طائفية ودينية داخلية، وسوريا والعراق واليمن ولبنان خير مثال على ذلك، إذ نجد أن حلفاء الكيان في المنطقة بوجهة نظري أمريكا وإيران استطاعوا من حياكة المؤامرات والصراعات خطوة بخطوة بربيع عربي في هذه الدول مطالب بإسقاط أنظمة مما قاد لفوضى سياسية في هذه الدول وعدم وجود سيادة مما مهد لإيجاد داعش ودخول صراعات طائفية مع ميليشيات شيعية تمكنت في هذه الأقطار بدعم الدول الطامعة مما غير من ديموغرافية هذه الدول المحيطة بالكيان بإقصاء الشعوب السنية التي أظهرت عبر تاريخ الصراعات الصهيونية الفلسطينية رفضها لوجود هذا الكيان ولكن مع قتلها وتشريدها من هذه الأقطار ساهم في هذا التفرعن للكيان وضمان أمنه في عديد الجبهات.
ثانيا: فكريا قيميا؛ إذ نجد اليوم الغزو الثقافي استباح بقية الأقطار الإسلامية السنية الأمنية، بزراعة أذرع النظام العالمي المزركش بالعلمانية الإلحادية مما عززت الأنا في النفوس وقزمت المسؤولية الاجتماعية الإسلامية إلى المصلحة الفردية على كافة المستويات، بالإضافة إلى الأفكار الهابطة التي بثت في الأركان والأقطار العربية كافة، مما قاد إلى الانسلاخ عن قيم الإسلام ومروءة العرب.
ثالثا: اقتصادي؛ إذ نجد هذا الكيان بدعم اقتصادي وعسكري من حلفائه يمتلك أفضل التكنولوجيا والإعداد والقوى الاقتصادية والإعلامية.
والخلاصة في الختام نجد أن الكيان عزز وجوده على حساب الاجهاش على الشعوب الإسلامية السنية في محيطة بمساعدة قوى الشر في المنطقة وحلفائه الاستراتيجيين في المنطقة كإيران وإن كان الظاهر غير ذلك، فمن وجهة نظري أن ضعف الدور العربي الإسلامي في هذه الحرب عن سابقها يعود إلى استهداف الإسلام السني في شعوب المنطقة عسكريا بالقتل والإبادة وفكريا باستهداف الثقافة والقيم وسلخها عن الوحدة ومعانيها إلى الفرقة والتشتت، وفي الختام نسأل الله أن يحقن دماء المسلمين وأن تتكلل الجهود إلى إيقاف هذا العدوان الغاشم.