كم اعمارنا ستكون لو انها تحدد بحسب الأيام السعيدة التي عشناها ؟
لنقم معا بعدّ الأيام الذي انتابنا السعادة بها ومقارنتها بعدد السنوات التي عشناها ، هل ستكون مثل الخليفة هبد الرحمن الناصر والذي صرح بأن عمر السعادة في حياته لا يتجاوز الأربعة عشر يوم مقارنة بثلاث وسبعين عام عاشها ؟
ربما سماع هذا الكلام له جلال كبير يصعب على عقولنا حتى ادراكه على الرغم من ان عقولنا لا تغفو ولو ثواني عن التفكير في مسألة السعادة ، والذي نحن اشداء الضمأ اليها حيث تعتبر الموضوع الاساسي لمطامح نفوسنا والذي نسعى لها للحصول عليها وذلك ما يختلف الناس في فهمه .
" اتمنى لو انني اخترت ان اكون سعيد ، فالسعادة هي خيار "
من ابرز الاشياء التي ندموا عليها في حياتهم التي يعيشون آخر لحضاتها هو ادراكهم لمعنى السعادة الحقيقي بمفهومه الصحيح متأخر جدا .
السعادة هي قرار اي شعور داخلي يعبر عن الحالة النفسية للشخص اي انها حالة خاصة بنا نابعة من داخلنا نستطيع الوصول اليها متى نشاء دون عون من احد وبأي وقت اي ليس للشعور بهذه المشاعر لحظة او مكان محدد مثلما نظن .
(حقا عندما انتهي من إكمال هذه المرحلة سأكون بغاية السرور )
لو اردنا ان نحلل النفس البشرية لاكتشفنا انها معقدة وليس بسيطة كما يقال .
حيث اننا نقضي اعمارنا بانتظار محطة نجهل تماما اذا كنا سنكون بها ام لا ، ممتنعين عن الاستمتاع بما نحن عليه الآن دون اي سبب سوى اننا نملك آفاق واسعة بأن التالي افضل من الحالي ربما لاننا لا نعرف قيمة اللحظات حتى تصبح ذكرى دليل الحنين الذي ينتابنا كلما عدنا بذاكرتنا الى تلك اللحظات الذي كنا ننتظر ان تمضي .
(لو اني املك ما يملكون لن اكون الا سعيد )
المُلك غالبا بنظر الأنسان مرتبط بالمال
المال وسيلة من وسائل السعادة بلا جدال ، فالفقر قد تعوذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن لو كانت السعادة بأكملهت متواجدة به مثلما نظن لأنقذت الاثرياء الذي انتحروا بسبب الاكتئاب على الرغم انهم يملكون كل ما يتمناه الفقراء الا ان وللأسف كلما زاد المال اصبح سبب للتعاسة وقلت السعادة لانه يصبح المال غاية بدلا من وسيلة وينسينا الغاية الذي خلقنا الله واستودعنا بالارض من اجلها الا وهي عمارة الارض وان المال وسيلة لتحقيق تلك الغاية وليس غاية بحد ذاتها نعيش لأجلها فقط وذلك ما يجعلنا نسقط في هاوية الشقاء والعذاب بلا شك لابتلاء الإنسان بقلة الرضا والقناعة واللذان هما بوابة السعادة ومفتاح الراحة ومغادرتهما عن النفس البشرية تجعل منها نفس ألفة النعم غافلة عن الاستمتاع بها محرومة من النظر لجمالها متجاهلة عددها اللامحدود، طامحة الى الاخذ والحصول على الكثير والكثير دون شكر او رضا .
وماذا لو كنا مخطئين وان سر السعادة لايكمن بالاكناز بل بالعطاء؟
فان اول المستفيدين من العطاء هم المتفضلون به وهي اعلى مراتب السعادة حيث ستجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك .
( الراحة ستأتيني عندما اصل الى هدفي واحقق حلمي )
" كن سعيد وانت في الطريق الى السعادة ، فالسعادة الحقة هي في المحاولة وليس في محطة الوصول "
السعادة هي بالدرجة الأولى كفاح وليست مكافأة .
( اخاف من ان يحدث لي ما لا استطيع على حمله ، انا تعيس بسبب الماضي الذي لا استطيع نسيانه )
لو تعلم كل نفس ان لن يصيبها الا ما كتبه الله لها وهو الرحمن الرحيم وان غدا مفقود لا حقيقة له وليس له وجود حيث اننا نشغل اذهاننا بأيام قد لا نصل اليها اصلا ، وان ما مضى فات ولنا الساعة التي نحن فيها .
لأطمئنت ارواحنا .
ولا ننسى ان كلما كانت الروح مطمئنة فهي بالتأكيد ستكون سعيدة
أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
فهو طريق مختصر الى انقاذ النفس من اوصابها واتعابها وهو الفوز والفلاح في الدنيا والاخرة الذي يوجد بها السعادة المطلقة لان السعادة بالدنيا مقيدة ليس دائما .
وان الله قد فضلنا على بعضنا البعض وانعم علينا ما لا يعد ولا يحصى وان بشكره تزداد اانعم والاستمتاع بالحياة هو شكل من اشكال حمدالله على نعمه .