رسالة إلى الأحزاب الناشئة لتصويب مواطن الخلل
عبدالله حمدان الزغيلات
19-02-2024 11:34 AM
الدور المنشود لمؤسسات المجتمع المدني في تعزيز المشاركة السياسية لدى الشباب: فرص وتحديات
تعتبر مؤسسات المجتمع المدني إحدى أهم المقومات الرئيسة في تمكين الشباب، وتفعيل دوره الحقيقي، نظرًا لأهمية الدور المنوط بها في عملية التنمية الشاملة، والسياسية على وجه الخصوص، وقدرتها الكبيرة على الضغطـ، والتأثير، والمناصرة لقضايا الشباب، وأبرز وأهم الأدوات التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني يأتي من خلال تعزيزها لمبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وتعزيز منظومة سيادة القانون، والقيام بحملات وأنشطة تدعم فئة الشباب من خلال تبني مبادرات وحملات شبابية، وتوعيهم، وتكسبهم المهارات اللازمة، وتركز بعض مؤسسات المجتمع المدني بشكل كبير على المحور السياسي الذي يتضمن تفعيل الدور الشبابي في الرقابة المجتمعية، وتبني خطط للشباب على مستويات عدة؛ من أجل تفعيل المشاركة الشبابية الحقيقية في صنع القرار.
إن الشباب في الأردن يواجهون تحديات ومشاكل متراكمة؛ نتيجة عوامل داخلية وخارجية عدة منذ عقود، وتعتبر مؤسسات المجتمع المدني حلقة الوصل بين الفرد والدولة، فلا بد من الوقوف على ثنائية هذه العلاقة. وعليه برزت ظاهرة الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني، باعتبارها تقترب من قضايا الشباب، ومشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية بصورة ملموسة، وذلك يساعد فئة الشباب أكثر على التأثير في واقعهم، ويساهم بشكل فعلي في تكوين قيادات شبابية تشاركية دون إقصاء من أحد، وفضلًا عن هذا، فإنها تبنت مجموعة من القضايا كالبطالة، والتشغيل، والتعليم، والصحة والثقافة، والمشاركة المدنية، والسياسية، وأكثر معرفة لخصوصية الشباب وميوله واهتماماته المتنوعة.
إن إدماج فئة الشباب في مؤسسات المجتمع المدني، والعمل من خلالها يخولانهم للمشاركة الحقيقية في تدبير الشأن العام وإن كان بشكل غير مباشر، وأيضًا المساهمة في تطوير المجتمع ودعم عملية التنمية الشاملة، والمساهمة في محاربة المشاكل الاجتماعية السلبية.
تعددت العوامل (التحديات) التي تعيق الشباب في المشاركة بالحياة السياسية وذلك ناتج عن البيئة السياسية والمجتمع المدني وكذلك الشباب أنفسهم، وتشمل العوامل ما يلي:
1- ضعف الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الشباب.
2- غياب الحس بالمسؤولية لدى الشباب.
3- ضعف الوعي السياسي وثقافة المشاركة السياسية الحزبية.
4- ضعف البيئة الحزبية وضعف بيئة المجتمع المدني.
5- غياب لغة الحوار والممارسات الديمقراطية.
6- الوضع الاقتصادي القائم ومدى تأثيره الكبير على فئة الشباب.
7- تفشي ظاهرة البطالة بين صفوف الخريجين وعدم مواءمة مخرجات التعليم العالي مع الحاجات الحقيقية لسوق العمل.
8- افتقار الشباب لروح العطاء والعمل التطوعي.
نخلص مما سبق إلى أن أهم أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية، يكمن فيما يلي:
1- انعدام ثقة الشباب في المجالس النيابية، وذلك يعود لضعف أداء هذه المجالس وعجزها عن تلبية طموحات الشباب.
2- الإحباط المستمر الذي يغمر فئة الشباب وذلك بسبب تفشي ظاهرتي الفقر والبطالة والظروف المعيشية التي يعيشونها وخصوصًا في المحافظات.
3- غياب التواصل بين الشباب وصناع القرار، وخاصة في اللقاءات الرسمية، حيث يقتصر ذلك على مجموعة محددة من الشباب، ويتم تكرار دعوة نفس الأشخاص في أغلب اللقاءات الرسمية.
4- غياب الحوار الجدي بين الشباب والمعنيين والذي بدوره يعزز العلاقات ويبني جسور الثقة بينهم.
5- تجاهل النواب المستمر للشباب وعدم التواصل معهم والإنصات لمطالبهم والعمل على متابعتها.
6- انتشار الواسطة والمحسوبية وانتشار أشكال الفساد الإداري وخاصة في التعيينات.
7- تدني الثقافة السياسية لدى الشباب وضعف الوعي السياسي، ويعود ذلك لعدة أسباب تراكمت عبر السنوات الماضية.
8- التركيز على أدوات التعامل مع الشباب وحصرها في الأعمال التطوعية والمعسكرات التقليدية دون إعطاء أهمية للمجال السياسي.
9- غياب المؤتمرات الشبابية السنوية التي تصيغ خططًا وبرامج تلبي حاجات ومطالب الشباب.
لطالما دائمًا نشيد بالشباب وأهمية دورهم في شتى المجالات في المجتمع، ونطلق عليهم الكثير من المسميات المختلفة كقادة المستقبل، وفرسان التغيير، دون إيلائهم العناية المطلوبة، وإن الشباب الأردني مدرك ومسؤول ولديه الهمة والقوة للعطاء إذا أتيحت له الفرصة وحظي بالاهتمام المطلوب، بما يحقق طموحاته المستقبلية بعيدًا عن الوعود الوهمية والتنظير الإعلامي.
تعد بعض تصرفات مؤسسات المجتمع المدني في الأردن، ذات النشاط السياسي، تحدیًا أمام رغبة الشباب في المشاركة السياسية، حیث تلجأ بعض المؤسسات لدعوة نفس الشباب الذي شاركوا في أنشطتها السابقة للمشاركة في أنشطة جدیدة، فلا بد من وجود معايير اختيار مشاركين في المشاريع والبرامج تتوخى العدالة والأولوية؛ لأنه تبين وجود معايير غير واضحة وغير شفافة ولا تراعي تكافؤ الفرص بين الشباب وخاصة في المحافظات، مما يدفع الشباب للشك بمعايير الاختيار، خاصة في البرامج والزمالات التي تنفذها المؤسسات بالتعاون مع منظمات دولية عاملة في الأردن، وهناك مزيد من عدم الثقة بتلك المنظمات والغياب عن المشاركة في معظم أنشطتها، وقد تتجدد هذه الحالة في معظم المؤسسات. وعلى مؤسسات المجتمع المدني بذل جهود إضافیة لمواجهة التحدیات التي تعيق إشراك الشباب في الحياة السياسية (الفرص)، وأبرز ما يتطلب من هذه المؤسسات ما يلي:
1- إعادة تقويم جهود مؤسسات المجتمع المدني كافة الموجهة للشباب ومدى الأثر الناتج عنها.
2- دعوة المؤسسات كافة للمساھمة في توجيه الدعم والتمويل لبرامج ومشاريع تمكين الشباب، وتعزيز دورهم في الحياة السياسية.
3- إشراك الشباب في صياغة أفكار المشاریع الموجهة لهم وإدارتها من قبلهم.
4- إفساح المجال للشباب لقیادة الحوار مع صناع القرار والمعنيين حول السیاسات المختلفة.
5- توفير مساحات في مختلف المحافظات، حتى يتسنى للشباب تنفیذ الفعالیات السياسية.
6- تطوير مستوى شفافية مؤسسات المجتمع المدني الشبابية، لإعادة الثقة مع الشباب.
7- تطویر مستوى التعاون والتشاركیة وتكامل الأدوار مع المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص الداعمة.
8- إنشاء صندوق دعم من قبل تحالفات مؤسسات المجتمع المدني، يمكنها من توفير تمويل ذاتي مستدام لدعم النشاطات السياسية الشبابية.
وعليه، يجب تكاتف جهود مؤسسات المجتمع المدني العاملة بنفس المجال، وبالتعاون مع القطاعات المختلفة، لبناء جسور الحوار بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومة وقطاع الشباب، للتغلب على نقص الثقة عند الشباب، مما ینعكس أیضًا على زيادة ثقة الشباب بمختلف مؤسسات المجتمع المدني.