التوتر .. مخاطرة وكيف تتأقلم معه بطرق بسيطة
محمد الزيوت
18-02-2024 12:08 PM
نحن نتعرض يوميا لمواقف وضغوطات حياتية، لأسباب كثيرة منها: مشاكل عائلية أو اجتماعية، أو ظروف عمل، أو أفكار ومشاعر سلبية، نحن هنا ليس للحديث عن تجنب هذه الأنشطة اليومية، بقدر ما نحن هنا للحديث عن "التوتر" والذي هو رد فعل نفسي وجسدي طبيعي تجاه هذه الأنشطة، وكيفية التأقلم مع هذا التوتر.
التوتر أو الإجهاد (بالإنجليزية stress) هو تدخل مشاعر القلق والعصبية والانزعاج مع هذه المواقف والضغوطات الحياتية.
بلغت نسبة التوتر في الأردن وفقا لإحصائية تمت نهاية عام 2021، 58% من الأردنيين، لمختلف الأسباب، وهذه النسبة تدل على عدم معرفتنا بالتعامل مع الضغوطات اليومية والتأقلم مع التوتر.
التوتر قصير الأمد -والذي يستمر لدقائق أو ساعات- هو إحدى آليات البقاء الأساسية في الطبيعة والذي ينتج عن ضغوطات بسيطة ومؤقتة، وهو عبارة عن محفز للجهاز المناعي في الجسم، كما في حالة المواجهة أو الفرار (fight or flight)، بالإضافة إلى القلق والمشاعر السلبية فقد يؤدي التوتر قصير الأمد إلى بعض الأعراض الجسدية بما فيها نقص التركيز والأرق والشعور بالتعب والصداع وزيادة ضربات القلب وتعرق اليدين وغيرها.
لكن، ماذا إذا تعدى التوتر الدقائق والساعات، أو ما يسمى بالتوتر طويل الأمد، ليواجه الشخص لوم الذات والاستسلام للمشاعر السلبية والانعزال، والبداية في مشوار من الرداءة النفسية.
في هذه الحالة قد يؤثر التوتر على صحة الجسم! وليس كما نعتقد جميعا، أن الموضوع فقط الشعور بالقلق والعصبية والتعب، بل إن التوتر طويل الأمد يعمل على تحفيز الجهاز العصبي المركزي لحالة المواجهة أو الفرار (fight or flight) لمدة أطول من اللازم، وإذا استمر التوتر لفترة أطول فقد يسبب عدة أمراض خطيرة تستمر لسنوات، من ضمن هذه الأمراض:
1.ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، حيث تتسبب هرمونات التوتر زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم بشكل مؤقت، ولكن أظهرت بعض الدراسات أن التوتر طويل الأمد قد يتسبب أيضا بالإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
2.اضطرابات الجهاز الهضمي، هناك علاقة وثيقة بين الجهاز العصبي والجهاز الهضمي، فقد يسبب التوتر اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو عسر الهضم أو الانتفاخ، وقد لا يقتصر الأمر على هذه الأعراض البسيطة فقد يسبب متلازمة القولون العصبي أو قرحة المعدة.
3.السمنة، يؤدي الاضطراب الهرموني وخصوصا زيادة هرمون الكورتيزول إلى زيادة الشهية وخصوصا الأطعمة عالية السعرات مما قد يسبب زيادة الوزن.
4.ألام العضلات، التوتر طويل الأمد قد يسبب إجهاد في عضلات الجسم وتشنجها. مما يتسبب بآلام الرقبة والظهر أو الصداع النصفي.
5.ضعف المناعة، والتي تؤدي بدورها إلى سهولة الإصابة بنزلات البرد أو الرشح.
6.أمراض المناعة الذاتية، قد يؤدي التوتر طويل الأمد إلى اضطراب الخلايا المناعية والجهاز المناعي مما يسبب حدوث اضطراب في تعرف الجهاز المناعي على بعض خلايا الجسم السليمة. فيقوم الجهاز المناعي على مهاجمة هذه الخلايا على أنها خلايا مرضية، والتي بدورها تتسبب بأمراض المناعة الذاتية المزمنة.
ومع هذه المشاكل والأمراض التي يسببها التوتر، إليك بعض الطرق اليومية البسيطة التي تساعد على التأقلم مع التوتر وتقليل أمده قبل اللجوء للأدوية:
1.خذ القسط الكافي من النوم في فترات الليل، لأنه يساعد على إعادة تنظيم عمل أجهزة الجسم وكذلك قلة النوم تسبب ضعف الإدراك والمناعة.
2.استعن بالرياضة والاسترخاء، فقد يساعد المشي لفترة قصيرة أو الرياضات الجماعية وكذلك أساليب الاسترخاء الجسدي أو العقلي كالتنفس العميق أو التأمل على تخفيف موجات التوتر.
3.التزم بنظام غذائي صحي، لقد أثبتت الدراسات أن الالتزام بغذاء متوازن يقلل من التوتر كذلك هناك بعض أنواع الأطعمة تخفف من التوتر مثل الأسماك، والشوكولاتة الداكنة، والجوز، والمكسرات والأفوكادو والغريب فروت والموز وكذلك بعض المشروبات العشبية مثل اليانسون والشوفان.
4.اشرب حاجتك من الماء، شرب كمية كافية من الماء تساعد على بقاء جسمك رطبا وتقلل تركيز النورإبنفرين في الدم والذي ترتفع نسبته عند التوتر.
5.نظم وقتك، اعمل وادرس بذكاء أكثر من أن تعمل بجهد، وتدرس بجهد، وذلك بتنظيم وقتك اليومي وترتيب مهامك وأخذ قسط من الراحة كلما شعرت بالإجهاد.
6.ساعد الأخرين، يجب أن تعلم أنك تشعر بالسعادة عند مساعدة الناس، حتى لو كانت مساعدة بسيطة، لذلك اجعل جزءا من وقتك لأعمال المساعدة والتطوع.
7.أحط نفسك بأشخاص إيجابيين، ظهور الأفكار والمشاعر الإيجابية يعطيك الأمل والقوة دائما في خطواتك القادمة لذا أحط نفسك بأشخاص إيجابيين.
8.توقف عن التدخين، سواء كانت سيجارة عادية أو الكترونية؛ لأنها تشعرك بالراحة لمدة قصيرة، لكنها مؤذية نفسيا وجسديا جدا على المدى الطويل.
9.كافئ نفسك! لا تنسى أن تكافئ نفسك من وقت لآخر كلقاء بعض الأصدقاء أو التسوق أو قراءة كتاب.
وأخيرًا، التوتر والإجهاد يسببان الأمراض ويضع حياتكم في خطر، لذا فإن تجنب الأفكار السلبية والأساليب غير الصحية والتي تزيد من مخاطر التوتر قد يحد من القلق والعصبية والأمراض المزمنة، ومعرفة كيفية التأقلم مع التوتر والحد من مسبباته للتمتع بحياة هادئة وصحة أفضل.
*طالب في كلية الصيدلة بجامعة اليرموك
*إشراف- د. غيناء أبو ذياب - كلية الصيدلة/ اليرموك