الانتخابات النيابية المقبلة
د. نهلا المومني
18-02-2024 12:22 AM
التحضير للانتخابات النيابية القادمة والاستعداد لخوضها بدأ مبكرًا، خاصة في ظل قانون الانتخاب الجديد الذي يؤمل أن يحدث تغييرًا في المشهد الديمقراطي الأردني، وأن يطور من تركيبة المجلس النيابي بما يضمن ترسيخ وتعميق دور السلطة التشريعية ورقابتها.
وفي هذا السياق فإن الحديث عن الانتخابات النيابية والسعي نحوها، لا بدّ وأن يرتبط بالدور الأصيل لمجلس النواب وهو سنّ التشريعات التي تعبر عن ضمير الأمة وتعكس المبدأ الدستوري الثابت والأصيل بأنّ الأمة هي مصدر السلطات وهو المبدأ الذي كرسه الدستور الأردنيّ في المادة 24/1.
هذه الوظيفة التشريعية الأسمى والأهم لمجلس النواب تتطلب أن يكون حاضرا في الذهن دوما نص المادة (128/1) من الدستور الأردني المتضمن عدم جواز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها، وهي مادة كانت ثمرة التعديلات التي أجريت على الدستور عام 2011م وأهم هذه التعديلات على الإطلاق؛ لما تعكسه من رؤية ونية واضحة نحو تعزيز وحماية الحقوق والحريات ابتداء من التشريع بوصفه الحلقة الأولى التي تقود الى التطبيق الجيد على أرض الواقع.
وفي السياق ذاته لا بد من أن يبقى حاضرا بأن الصّياغة التشريعيّة المُنضبطة والقائمة على أسس منهجية ورؤية واضحة تعدّ الطريق المُؤدي إلى كفاية التّشريع، ومفهوميته، وبلوغيته، وتحقيقه للتّوازن بين مصلحة الجماعة وحقوق الأفراد وحرّياتهم. والصّياغة التشريعيّة بمفهومها المُتكامل لا تقتصر على إخراج النّص القانونيّ بصورته النهائيّة وإنّما تتجاوز ذلك لتشمل دراسة مدى الحاجة إلى النّص التشريعيّ، ودراسة الجدوى التشريعيّة منه، ومدى وجود ثغرات حقيقية في المنظومة القائمة على أرض الواقع تستدعي تبنّيه؛ وذلك منعاً للتّضخم التشريعيّ وما قد ينتج عنه من تضارب تشريعيّ وازدواج تشريعيّ أيضاً يؤدي إلى إضعاف الهيكل القانونيّ للدولة ويقف حائلاً أمام تحقّق العلم اليقينيّ للمُخاطبين بنصوصه.
لذلك؛ فإنّ السؤال الذي يتوجب أن يبقى حاضرًا دوما في ذهن كلّ من أخذ على عاتقه مسؤولية التشريع، هو مدى استناد سنّ القوانين أو تعديلها إلى سياسة تشريعية واضحة المعالم ابتداءً، سياسة تقود بالفعل إلى تطوير التشريعات بما يؤدي إلى تقوية النظام القانوني في الدولة، وهو أمر يقع ابتداء على عاتق السلطة التشريعية التي يتوجب أن تضع هذه المسائل في قائمة أولوياتها.
لذا فإن البرامج الانتخابية للمرشحين يتوجب أن تعكس رؤية المرشح في مجال التشريع والنهوض والارتقاء به، وأن تنطوي هذه البرامج على منظومة تؤطر لإحداث نقلة في العملية التشريعية لا أن تكون الإشارة للتشريعات عابرة ومحدودة؛ فالأردن وضع المكنات القانونية اللازمة لإحداث تغيير مرتقب في الانتخابات القادمة من خلال تعديل قانوني الأحزاب والانتخابات، ويبقى على من ارتضى أن يخوض غمار هذه التجربة أن يغير الأدوات وأن يقدم ما يليق بالأردن ومئويته الجديدة.
الغد