"المحصلة المشتركة" هي عالم بلا بركة
نسيم الصمادي
20-03-2011 01:50 PM
"ليس هناك أغبى ممن يظن أنه يستطيع فصل أي شيء عن أي شيء في هذا العالم الغبي." هذه مقولة جديدة اخترعتها وأنا أفكر فيما حدث مؤخرا في كل من:
* مؤتمر ديفوس 2011 عندما حاول السمسار الاستراتيجي "مايكل بورتر" تسويق نفسه من جديد في يناير الماضي.
* كلية لندن للاقتصاد التي استقال عميدها "هوارد ديفيس" بعدما تبين أنه باع شهادة دكتوراة لـ "سيف ابن القذافي" بثمن بخس؛ نصف مليون دولار فقط لا غير "يا بلاش!".
* ولاية بوسطن حيث تقع جامعة هارفارد و شركة "الرقيب الاستشارية" التي يعمل بها "بورتر" استشاريا غير متفرغ، حيث بدأت أصابع الاتهام تشير إليه وإلى شركته وجامعته والصفقات المشبوهة والمبالغ الملهوفة التي امتصها من دم الشعب الليبي.
* في اليابان حيث بدأت مفاعلات الطاقة النووية التي بنتها "جنرال إلكتريك" تتداعى والشركة تدعي أنها أكبر دعاة وحماة ورعاة البيئة في العالم.
فما هو الخيط الذي يربط بين "هارفارد" و "ليبيا" "ولندن" و "ديفوس" و مدينة "كيشينوما"؟.
في عام 2006 ذهب "بورتر" إلى ليبيا ممثلا لشركة "الرقيب" الهارفردية وبدعوة من "سيف القذافي" بحجة هندرة ليبيا وإعادة إحيائها كدولة فاشلة. وكانت النتيجة أن قدم تقريرا من 200 صفحة نقل معظمه من كتابه القديم "الميزة التنافسية للأمم". تقاضى "بورتر" وفريقه 250 ألف دولار مقابل كل صفحة من التقرير الذي وضعه القذافي على الرف. ومع بدء العد التنازلي لنظام القذافي بدأت صفحات الصفقات المشبوهة تتكشف. فقد تبين أن القذافي استعان بعراب "الاستراتيجية" الأمريكي ليعيد تسويق نفسه للغرب، بينما كانت "شركة الرقيب" تعيد توجيه مليارات الشعب الليبي لتستقر قبل سقوط القذافي في بنوك نيويورك في صفقة سرية سنعرف عدد ملياراتها عما قريب.
ومع أن سماسرة "كلية لندن للاقتصاد" و "هارفارد" يدعون أنهم أذكى أذكياء العالم، إلا أن الثورات العربية المتلاحقة في أفريقيا بدأت تسقط أوراق التوت عنهم واحدا تلو الآخر. ففي 26 يناير 2011 ومع لحظة انطلاق الثورة المصرية كان "بورتر" يعتلي إحدى منصات "مؤتمر ديفوس" ليتحدث عن نظرية جديدة سماها "المحصلة المشتركة" في محاولة منه لإعادة هندرة نفسه، بعدما تأكد أن صفقته مع القذافي قد انكشفت، وأن نظريته حول "تنافسية الأمم" قد فشلت.
حاول "بورتر" ركوب موجة "المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات" فأطلق عليها اسما جديدا مدعيا أنه يتحدث عن فكر جديد. وكان مما قاله أن أرباح الشركات الكبرى لا ينبغي أن تتم على حساب البيئة، وأنه لا بد من توسيع دوائر سلاسل القيمة، وخلق تجمعات صناعية جديدة حول العالم ليتشارك العالم كله في الثروة.
هذه الشعارات ليست جديدة، فهي نفس شعارات "جنرال إلكتريك" التي تلوث مفاعلاتها اليابان. ولكن اللافت للنظر هو أن "بورتر" قد جاء إلى "ديفوس" وكأنه يبشر بطريق ثالث بعدما قرأ كتاب "القذافي" الأخضر عن ظهر القلب. فهو يدعو لما يبدو وكأنه نظرية ثالثة أو رابعة اسمها "الرأسمالية الاشتراكية" أو "الاشتراكية الرأسمالية".
ما طرحه المستشار السمسار "بورتر" سبق وأن طرحه خبير الاستراتيحية الهندي الأصل والأصيل "سي كي براهالاد" في كتاب "الثروة عند أسفل الهرم" قبله بخمسة أعوام. و "براهالاد" – لمن لا يعرفه – هو صاحب نظرية "التنافس على المستقبل" من خلال الجدارات المحورية. لكن مشكلتنا مع "بورتر" الذي أدرك متأخرا أنه في طريقه إلى مزبلة تاريخ الاستراتيجية العالمية، هي أنه ترك بيننا فرقا من الاستشاريين المزورين، الذين يحملون شهادات مزورة، ويقدمون استشارات مزورة، لقيادات مزورة، في مبادرات - جودة وتميز وتطوير وتغيير – مزورة. تلامذة وأبناء "بورتر" و "هوارد ديفيس" – وعلى رأسهم "بن سعد" أكبر المدافعين عن القذافي وبن علي - سيسقطون هم أيضا بعدما انقطع خيط العولمة الملوث الذي كان يربط بين "ديفوس" و "بورتر" و "بيرلسكوني" و "القذافي" وشركة "الرقيب" السرية، وشهادات اقتصاد "القص واللصق" اللندنية، والدكتوراه الفخرية، وأرصدة التوريث المصرفية.