عمون - يواجه الرئيس السابق دونالد ترامب أسبوعاً مزدحماً بالجلسات في 5 قضايا في 5 محاكم على الأقل، مع جدول مزدحم بدعاوى قضائية قد يتداخل ويؤثر على حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض، باعتباره المرشح الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري. وتثير هذه الملاحقات القضائية كثيراً من الجدل حول تأثيرها سياسياً ودستورياً، عدا عن الوضع القانوني للرئيس السابق ومستقبل حملته الرئاسية.

قضية التلاعب المالي

ومن المحتمل أن يصدر آرثر إنغورون قاضي المحكمة العليا في نيويورك حكمه بشأن الأضرار في قضية الاحتيال المدني المرفوعة ضد ترامب، بعد أن حكم بالفعل عليه وعلى شركته بارتكاب عمليات احتيال من خلال المبالغة في تقييم العقارات بشكل متكرر لسنوات، للحصول على فوائد من المقرضين وشركات التأمين.

وقد أرجأ إنغورون حكمه، بعد أن ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن أحد الشهود، وهو المدير المالي السابق لترامب، ألين فايسلبيرغ، كان يتفاوض على اتفاق إقرار محتمل بالذنب بتهمة الحنث باليمين خلال المحاكمة. لكن محامي ترامب والمدعي العام للولاية ليتيشيا جيمس حضّوا إنغورون على إصدار حكمه من دون انتظار اتهامات جنائية محتملة ضد فايسلبيرغ.

وقد يصدر القاضي حكمه بالموافقة على طلب المدعية العامة ليتيشيا جيمس بتغريم ترامب 370 مليون دولار ومنعه من ممارسة أعماله في نيويورك، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على إمبراطورية ترامب المالية وشركاته العقارية، لكن ترامب تعهد باستئناف حكم إنغورون.

وفي القضية المتعلقة باتهام ترامب بالتدخل لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2020، فإن الأنظار تتطلع إلى قرار القاضي، بتأجيل المحاكمة الفيدرالية أم لا، وما هو الموعد الآخر الذي سيحدده.

ويوم الاثنين المقبل من المقرر أن يشارك ترامب بحضور جلسة استماع مغلقة في فورت بيرس بولاية فلوريدا، في قضيته الفيدرالية التي يزعم فيها سوء التعامل مع وثائق سرية بعد مغادرة البيت الأبيض. ومن المقرر أن تجتمع قاضية المقاطعة إيلين كانون مع ترامب ومحاميه لمناقشة الأدلة في القضية من دون المستشار الخاص لوزارة العدل جاك سميث.

وفي وقت لاحق من يوم الاثنين، يواجه ترامب موعداً نهائياً ليطلب من المحكمة العليا في العاصمة واشنطن، الاستماع إلى الحجج حول ما إذا كان محصناً إزاء الملاحقة القضائية بتهمة التدخل في الانتخابات. وقد طلبت المحكمة العليا من المستشار الخاص تقديم رده قبل ظهر يوم العشرين من فبراير (شباط) الحالي. وقد قضت محكمة سابقاً بأن ترامب ليس محصناً، لكن محكمة الاستئناف وافقت على مواصلة تأجيل محاكمة القاضية الجزئية تانيا تشوتكان، إذا التزم ترامب بالاستئناف أمام المحكمة العليا.

ويأتي ذلك، في أعقاب جلسة المحكمة الدستورية العليا يوم الخميس الماضي حول ما إذا كان بإمكان ولاية كولورادو استبعاده من الاقتراع الرئاسي بالولاية بتهمة التمرد والانخراط في هجوم الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.

وفي يوم الخميس الموافق الثاني والعشرين من فبراير، يعقد القاضي سكوت مكافي في مقاطعة فولتون، في ولاية جورجيا، الذي يشرف على القضية التي تتهم ترامب و14 آخرين بالسعي لإلغاء خسارته الانتخابية في تلك الولاية، جلسة استماع حول ما إذا كان سيتم استبعاد المدعية العامة فاني ويليس التي قدمت الاتهامات... وطلب ترامب ومتهمون آخرون عزل ويليس من القضية بسبب علاقتها الشخصية مع مدع عام آخر هو ناثان ويد. وهي اعترفت بالعلاقة، لكنها قالت إنها لم تستفد منها مالياً، وإنها تنوي البقاء في القضية ضد ترامب. وقد يؤدي عزلها إلى تأخير المحاكمة التي من المتوقع أن تبدأ قبل أغسطس (آب) المقبل.

وفي اليوم نفسه في نيويورك، يعقد قاضي المحكمة العليا بالولاية خوان ميرشان جلسة استماع بشأن اتهامات بتزوير سجلات الأعمال لترامب في عام 2016 لدفع أموال لممثلة الأفلام الإباحية وعارضة الأزياء ستورمي دانيالز.

وكان القاضي ميرشان قد حدد موعداً لبدء المحاكمة في 25 مارس (آذار)، لكن العمل التمهيدي للمحاكمة في القضية توقف مؤقتاً، بينما احتلت القضايا الفيدرالية مركز الصدارة. ومن الممكن أن توضح جلسة الاستماع متى يمكن إحالة القضية إلى المحاكمة. وإذا أصدر القاضي قراره بتحديد الموعد كما هو مقرر في 25 مارس المقبل، فإن هذه القضية ستكون أول لائحة اتهام جنائية يواجهها ترامب تحال إلى المحاكمة.

ويقول الخبراء، إن ترامب أصبح متورطاً في شبكة من القضايا القانونية المتشابكة لدرجة أنها تكاد تستعصي على الفهم، وتدفع هذه المجموعة من الإجراءات القضائية لاختبار قدرة النظام القضائي على التعامل مع مجموعة من الاتهامات الجنائية والمدنية ضد رئيس سابق من المحتمل أن يخوض الانتخابات الرئاسية، وينجح في الفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة.

ولم يهرب ترامب من متاعبه القانونية، بل استغلها أفضل استغلال في الترويج لحملته الانتخابية، وحصد المزيد من التأييد بين مناصريه، والتأكيد على أنه يتعرض لمؤامرة ومحاكمات بدوافع سياسية لعرقلة تقدمه في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد ظهر ترامب بشكل متكرر في قاعات المحاكم مهاجماً الملاحقات القانونية التي يواجهها باعتبارها «مطاردة ساحرات» للإضرار بمكانته في استطلاعات الرأي.

وحتى الآن (على الأقل) نجح ترامب في انتزاع مكاسب سياسية من خلال التهوين من الجهود لمحاسبته قانونياً، ولكن خبراء يعتقدون أن شعبيته بين الناخبين، يمكن أن تتأثر بشكل خطير إذا أدت أي من هذه القضايا التي يواجهها إلى إدانته.

ويسعى محامو ترامب إلى تعقيد الإجراءات والدفع بطعون ومطالب لتأجيل هذه المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وإذا نجحت هذه الاستراتيجية فإن ذلك من شأنه - وفق الخبراء - أن يمنع خطط الاستماع إلى الأدلة التي تم جمعها ضد ترامب، وقد تؤثر على الأحكام المحتملة بالإدانة. وكانت خطوة ترامب بالطلب من المحكمة الدستورية العليا تمديد نظر جلسة التدخل في الانتخابات على أساس أن الرئيس يجب أن يكون محصناً من الملاحقة القضائية، خطوة تكتيكية مهمة، يأمل منها ترامب النجاح في أن يستغرق الاستئناف وقتاً كافياً بما يصعب محاكمته بتهم التدخل في انتخابات 2020، إلى ما بعد موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024.


الشرق الأوسط