"إنَّ الثورةَ تولدُ من رحمِ الأحزانْ" هكذا كتب شاعر الحُب نزار قبّاني مناجيا بيروت لتستفيق , و هكذا غنّت بصوتها الملائكي ماجدة الرّومي لتثور بيروت و تنتفض ...فما هي ثورة ماجدة الرومي ؟.
إن أقل ما يمكن أن يقدّمه الانسان تجاه وطنه المُمزّق المنهوب الذي يعاني فساد البشر و دمار الحجر هو البوح , فالبوح ثورة و ثوران , فيه إنصاف للانسان الذي يُخلِصْ و يعمّر بيدٍ نظيفة البُنيان ...لكن أنصاف البشر , الذين يملكون اشباه الضمير يقلقهم الكلام فيغتالون الاقلام و يعلّقون المشانق للاحلام ! ... همّ من اقلقتهم ماجدة الرومي عندما افصحت عن كوابيس لبنان , عن دمار الانسان المجرم به ... عن وطنٍ كان في في الجمال آية " كالمنيكان "... أصبح يُختصر بالكلام يُختصر " بكان " ...
ماجدة من حفلها في أبوظبي مؤخرا ناشدت الناس بأنْ يزورا لبنان , أن تكون وجهتهم الصيفيّة بيروت , فبلد الأرز اليوم في أمسّ الحاجة للدعم على كافة الاصعدة , فقد أُنهِكَ حدّ التخمة , اقتصاديّا و سياسيّا و اجتماعيّا , فجنوبه بات فوهّة بركان, مشاحنات تدخل شهرها الخامس مع عدوٍ يأبه الهدوء , يتمنى أن تصبح بيروت غزّة ثانية ...كما يكتب و يهدّد و يحذّر! .
لبنان كان في الماضي وجه الشرق الجميل , الصورة الناصعة التي بها يُنصف الشعب العربي , فعندما كان ابناء الغرب يتباهون بباريس , كان العرب يرفعون صور بيروت في وجه من يظنّون أنّ التخلّف عنوانً لهم , و بأنّ الجمال مفقود شرق المتوسط , فقطعة السماء هذه باتت كابوسا لسكّانها , هذا الكابوس الذي يكره الفاسدين التحدّث به...فيريدونه كما العادات أن تبقى الكوابيس اسرار لكي لا تتحقّق ...متناسين أن بأيديهم باتت الكوابيس واقعا يعاش , و حاضرا دخل مرحلة الانعاش بقراراتهم و انانيتهم و كرههم المغلّف بالسياسة ..
صوت لبنان الراقي , كانت لعقود خير سفيرة لهذا البلد الجميل , بحضورٍ مُتزن و صوت يلامس الوجدان و الضمير , و بايمانٍ كبير حد القداسة في الاداء , انصفت ماجدة لبنان في وقتٍ خذلها كُثر ممن يتجارون بالوطنية في بورصة الدمار , فهل اليوم بعد أن اعطت الكثير لبلدها تصبح خائنة و منافقة لصراحتها ؟ و هل إن مَدَحت بلدا زاهرا و ذمّت " فئة " في بلدها تصبح ماجدة منزوعة المجد ؟.
كان من الاولى أن يثوروا لأجل لبنان , أن تُصحّي بهم هذه الصرخة بواقي الضمير , أن ينظروا للبحر و الميناء , البقاع و الجبال , الشاطىء و الوديان ,السهول و الخضار , كيف كان لبنان و ما زالت ارضه تعجّ بالجمال , أن يستفيقوا من سُبات الزعامات وينقذوا الاوطان من أيدي الاوغاد مقسّمي الكعكات , فأصاب عقولهم الحَوَل و راحوا يحاكمون ردّة الفعل و يطلقون سراح الفِعل .
يظنّ من عنوانهم العريض الفساد , أنّهم يعيشون في جزيرة معزولة , و أن الضمائر العربية اصابها البكم , بحيث انقطعت عن التعبير , أو ممنوعون من التعبير بحكمٍ " الوطنية " , يُهيّا لهم أن علاقة الانسان بالاوطان , مبنية على الصمت المطبق , هذا الصمت الذي يريحهم و يبيح لهم التغوّل اكثر في جسد البلدان , فهم يخافون أن تضرب احدى الاصوات العالية صاعقة في ضمائر الناس لتثور , " فكلّن يريد أن يُسكت كلّن " ليعيش باقي " كلّن " كابوسا داخل الوطن .
فلماجدة الرومي سيّدة ثورة بيروت كلّ الحبّ ...و للبنان امنيات السلام و الاطمئنان..