السجناء الأحرار .. والأحرار السجناء ..
سهير جرادات
20-03-2011 04:11 AM
على مدى أكثر من شهر ، تابعنا تصريحات رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو ، وهو يطلعنا على آخر المستجدات المتعلقة بقضايا الفساد التي تلاحقها الهيئة ، وإقراره بزيادة رقعة الفساد في بلدنا ، وبالتالي زيادة شريحة المفسدين ..
مثل ذلك جعلنا ندرك أكثر من قبل ، ما يدور حولنا من اعتصامات ومسيرات رافضة للفساد ، الذي ينتشر كالنار في الهشيم ،والمطالبة بالإصلاح الفوري للحد من انتشاره .
كل ذلك دفع الناس للجوء إلى الاعتصامات ، والتي هي ليست بالشيء الجديد على الشعب الأردني ، إنما الجديد ، هو موقف الحكومة من تلك الاعتصامات والمسيرات والاحتجاجات المختلفة ، التي غضت الطرف عنها ، ولم ترفضها ، كما كان يحدث في السابق.. خاصة بعد ما شهدته المنطقة العربية من حركة شديدة مليئة بالاعتصامات والمسيرات، المطالبة بالإصلاح والتجديد والتغيير .
ولبت بعض الاحتجاجات الطموح العربي - بعد أن أطيح ببعض الرؤوس - ومنها ما زالت قائمة للحظة الحالية ، تقاتل وتسعى لتحقيق المطالب ،وما تزال امال الشعوب في عداد المنتظرين .
والملاحظ في هذه الفترة ، مهادنة الحكومات للشعوب ، التي لم يسبق لها الموافقة على إقامة الاعتصامات إلا بعد التقدم بطلب رسمي ، وفي الغالب كان لا يوافق إلا على القليل منها، وقد تكون للحكومات رؤية في حالة الموافقة على الاعتصامات والمسيرات ، فهي فرصة مناسبة للتعرف على ما يدور في فكر الجماهير من أفكار وتطلعات وتوجهات.
أكثر ما أعجبني ، تلك الأصوات التي تعالت بعد ما تناهى إلى مسامعها ما يتمتع به المساجين الأحرار داخل سجن سلحوب ، الذين ينعمون بحرية التنقل داخل وخارج حدود الوطن ، إما لتلقى العلاج ، أو لقضاء فترة نقاهة ،هذه النعمة التي يتمتع بها أولئك المساجين ، دفعت المحتجين إلى التفكير جديا بتنظيم مسيرة تطالب مساواة الشعب الأردني بالحقوق مع سجناء سجن سلحوب ، الذين أصبحوا سجناء أحرار ، أكثر من المعتصمين الأحرار الذين سجنوا في وطنهم لتمسكهم بمبادئهم ومواطنتهم الصالحة وانتمائهم الغيور للوطن .
نعم ، فسجن سلحوب يقع على مرتفع ضمن منطقة بيئية خلابة ،وعلى محمية برية تطل على هضبة شجرية محاطة بالغابات ،ويتوفر به جميع وسائل الراحه والرفاهية والتسلية ، ولا يقطنه إلا "الحيتان" و"النافذين" من الطبقة المخملية ، وكأن المخمل أصبح مخصصا للفاسدين .. يتمتع النزلاء هناك بمظاهر الرفاهية ، حيث يقدم في هذا السجن السياحي مختلف الخدمات الفندقية ، بكلفة يومية تقدر ب 200 دولار للسجين الحر ، لأنه سجن يضاهي بخدماته فندق خمس نجوم ، تشمل حق اختيار نوعية الطعام والشراب للوجبات الثلاث التي يريدها المساجين ، بينما باقي الشعب الاردني الشريف المنتمي لا خيار أمامه ، إلا تناول الفلافل والحمص والخبيزة والفيتة والعلت..
والمفارقة العجيبة ، ان مياومة المواطن المنتمي لا تتعدى 5 – 7 دنانير يوميا ، مقسمة على أجرة الدار ، والمياه والكهرباء، بينما السجين تصل الكلفة اليومية للواحد 200 دولار .. والسؤال الأهم من يدفع هذه الكلف ؟ .. الدولة ! نعم ومن خزينتها ، يعني " آكل شارب سارق مسجون على حساب الدولة " ، أى تسرق ، وتقضي أيامك في سجن الدولة ، وتأكل وتنفق ؛ على حساب الدولة التي سرقتها .. صدقا أي درس بالانتماء نتحدث ؟؟!
Jaradat63@yahoo.com