نعترض بالعلن ونشاهد بالخفاء
بسمة العواملة
14-02-2024 06:16 PM
ها قد اقترب شهر رمضان، ولسان حالنا يقول باي حال عدت يا عيد، يأتي رمضان هذا العام وفي القلب غصة عما يحدث لأهلنا في غزة، نحن شبه عاجزين عن وقف هذا الجنون عن وقف كل ما يحدث في هذه البقعة المعزولة عن العالم الذي كان يسمى بالإنساني والمتحضر.
ماذا عسانا أن نقول وقد فقدت الكلمات مضمونها ولم نعد قادرين على استيعاب ما يحدث ، ما زلت ادعوا الله واناجيه في غسق الليل علها تكون ساعة استجابة ، يا رب ارحم الشعوب من نار الحروب ، وأقول في نفسي وماذا بعد ، هل غدت حياتنا اشبه بمن يشاهد استعراض مسرحي طويل الى درجة الألم ، والله لقد كانت الشعوب العربية تتعاطف مع ضيوف برنامج رامز جلال اكثر من تعاطفها عما يحدث من قتل و تشريد و إبادة ، رغم علمنا يقيناً بأن كل ما يجري هو من قبيل الفن الاستعراضي الممزوج بقليل من الإثارة والحماس ، لضمان تكملة المشاهد الى النهاية.
ولكن الغريب في الأمر أننا في بداية برنامج رامز جلال كانت كثير من الأصوات تعلو مطالبة بوقف البرنامج كونه يمجد العنف و يشجع على امتهان كرامة الضيوف و التنكيل بهم و تعذيبهم بشتى الوسائل ، ثم يتبع هذه المطالبات ردود بين موافقة ورفض وفي النهاية يتم عرض البرنامج بعد أن يكون قد احتصل على تسويق ودعاية مجانية ، والمفاجأة الأكبر حين يتبين لاحقاً بأن البرنامج حظي بنسبة مشاهدة عالية جداً تخطت كل التوقعات ، مما كان يشكل صدمة لجمهور المعارضين ، لا بل و استمر الامر على هذا الحال لسنوات عدة ،
الكثير من الجماهير العربية تعترض على البرنامج في العلن و هؤلاء انفسهم المعترضين نكتشف لاحقاً بأنهم متابعين لحلقاته بل و ينتظرون عرضها بفارغ الصبر .
هذه المقاربة الغريبة يمكن اسقاطها عما يحدث في غزة تماماً ، فالشعوب بدأت تصرخ مطالبة بوقف الحرب في بدايتها ، ثم بدأت تعتاد و تألف المشهد و تتابعه بانتباه و تركيز، ثم تحولت الى متابعة لمجريات الامور و المشاهد بشكل اقرب بمن يشاهد عرض مسرحي لشكسبير في المسرحية التي كتبها في النصف الاخير من حياته و كان مضمونها أن الأمور بخواتمها
و تقول كل شيء بخير وسينتهي بشكل جيد All's Well That Ends Well هذه المسرحية الساخرة لشكسبير ، كثيراً ما تعتبر من مسرحياته التي أثارت جدلاً ، وذلك كون مثل هذه المسرحيات لم يُستطع تصنيفها مأساوية أم ساخرة، و هذا هو حالنا مع ما يحدث
نشاهد مأساة انسانية واقعية تحدث امام اعيننا كل يوم بمنظار السخرية من العدو و من خساراته المادية في المال و العتاد و التي لا تُقارن مع عشرات الالاف من الارواح البريئة التي ازهقت ، و مئات العائلات التي شردت ، و مثلها من البيوت التي هدمت ، وما زال ينتظرهم الاقسى و الاصعب و الاشد ضراوة و نحن مازلنا على حالنا نشاهد على امل ان ينتهي المشهد كما نهايات حلقات رامز بالمشاهد السمجة.
او ينتهي كما برنامج الصدمة يبدأ بايهام الحاضرين بموقف انساني و عندما يتدخل الاخرين لإيقاف دموية المشهد يظهرون لهم بأنه كان مشهداً تمثيلياً لقياس درجة تعاطف وإنسانية من كان حاضراً ، ثم يفاجأون من ابدى انسانية تجاه ما رآه من اساءة وتجريح بأن المشهد لم يكن سوى مشهداً تمثيلياً ، فيظهر المقدم السمج و المخرج الاكثر سماجة وهم يتضاحكون على من اظهر إنسانية و نخوة او شهامة لانقاذ انسان تعرض لموقف مؤلم او تجريح متعمد
وبعد كل هذا الكم الذي اغرقتنا به الدراما العربية من هكذا برامج اجدني اطرح سؤالاً قد يبو ساذجاً ايعقل أن تكون كل هذه البرامج هي تمهيد لما سيكون عليه حالنا
وكل هذه المبالغ الخيالية التي صرفت على برامج تهدف الى نزع بذره التعاطف تجاه المواقف الإنسانية و برمجة العقل على انها مشاهد تمثيلية وغير حقيقية ام انها تهدف الى قياس درجه التغير لدى المواطن البسيط من انسان شهم أصيل يدافع عن المظلوم الى انسان لا يبالي بمن حوله ؟!.
كثير من التساؤلات تثور في نفسي وانا اشاهد ما وصل اليه حالنا ولسان حالي يقول لكم الله يا اهل غزة فنحن لا نكاد نقوى على استيعاب كل ما حدث ويحدث وسيحدث•••