لقد أبدعت الأنظمة العربية في عصرنا الحالي, عصر التنافس الدولي في التكنولوجيا والإبداع والاختراعات, وأنتجوا تشكيلا أمنيا وعسكريا جديدا أضافوه إلى خريطة التشكيلات الأمنية الأخرى المتعارف عليها في العالم .. مثل ( أمن الدولة, والبوليس السياسي, والإنتربول , والمباحث ) وغيرها من التشكيلات الأمنية التي خبرها العالم وأفرزتها أهم وأشهر الكليات العسكرية الدولية.
نعم, أبدعت الأنظمة العربية فأنتجت لنا تشكيلا أمنيا جديدا ميزته أنه قليل الكلفة بشكل كبير جدا, إذ حددوا لهذا التشكيل الأمني الجديد أسلحة بدائية لا تكلف الكثير من المال, بحيث لن يستفيد سماسرة الأسلحة من أية عمولات ترهق خزائن الدول, وتنعش جيوب الفاسدين وتجار الأسلحة الفتاكة المتعارف عليها عالميا... فسلاح التشكيل الأمني الذي ابتدعته الأنظمة العربية بسيط جدا وفي متناول الأيدي, فهو عبارة عن ( بلطة , عصي , شومة, ( البعض يسميها بومة ), سكين, خنجر, وأية أدوات حادة) وكذلك ما تيسر من أدوات الإيذاء, ويمكن في بعض الأحيان استخدام قنابل المولوتوف والإبل, والخيول والحمير ولكن ذلك يكون في حالات محددة.
وقد اختار العرب تسمية مميزة لهذا التشكيل , وجاءت للأمانة تسمية مبدعة, حيث ربطوا اسمه باسم نوع رئيسي من السلاح الفردي الذي يستخدمه المجند بهذا التشكيل الأمني الجديد , فأطلق عليه اسم ( البلطجية ) .
أما عن شروط الالتحاق بهذا التشكيل فهي سهلة جدا, ولا يحتاج المجند إلى أية شهادات تعليمية على الإطلاق, كما لا يحتاج إلى حسن سلوك, أو عدم محكومية, فكل ما يحتاجه هو ملف أمني ضخم يشير إلى أن المتقدم للوظيفة سيء السلوك ومحكوم عليه, ويتمتع بصفات تميزه عن المواطنين العاديين, مثل أن يكون ( أزعر , سرسري , قاطع طريق, لص , خريج سجون ) أما إذا أراد أن يكون في مرتبة مسؤول عن مجموعة من هذا التشكيل فيشترط أن يكون معروف في الأوساط الشعبية وفي مكان إقامته بأنه ( ابن حرام ).
أما بالنسبة لدور ومهمات التشكيل الأمني الجديد ( البلطجية ) فهو دور كبير وأساسي في قمع المظاهرات والمسيرات الشعبية السلمية, التي يجرؤ المواطنون الذين سلبت الدكتاتوريات حقوقهم وحرياتهم,على تنظيمها مطالبين بإعادة تلك الحقوق والحريات المسلوبة إليهم.
كما ويمكن الاستفادة من تشكيل ( البلطجية ) من خلال زجه بين المتظاهرين ليحول سلمية المظاهرات والمسيرات عن أهدافها وإطلاق شعارات مضادة لأهداف المسيرة, والقيام بالاعتداء على المؤسسات العامة والتخريب, ما يجعل رجال الأمن الانقضاض على المسيرة بحجة التخريب والغوغاء .. وطبعا هذا دور مساند ويعطي مبرر قوي لقوات الأمن الرسمي للتدخل واستخدام القوة في فض المسيرات.
ويمكن لأي نظام دولي في العالم يرغب الاستفادة من الاختراع العربي الجديد وإنشاء تشكيلات ( البلطجية ) مراجعة جامعة الدول العربية, والتقدم بشهادات تثبت دكتاتوريته وطغيانه على شعبه, وإثبات وجود مؤسسات فساد منهجية, وشاملة لكل مؤسسات الدولة.. وعند ذلك يمكن لجامعة الدول العربية تزويده بالخبراء ( البلطجيين ) مجانا.