ثورة التقنية الجينية في مواجهة الأمراض
صالح سليم الحموري
12-02-2024 11:20 PM
قبل ثلاث سنوات، خلال إحدى جلسات القمة العالمية للحكومات وفي محاضرة مخصصة لاستشراف مستقبل الطب والتقدم التكنولوجي، تم التطرق إلى تقنية جديدة واعدة قيل إنها ستفتح آفاقًا واسعة في عالم الطب الاستباقي لعلاج عدد كبير من الأمراض. وبالفعل، بدأت الأخبار تظهر عن تقدم هذه التقنية الذي يسير جنبًا إلى جنب مع تطورات الذكاء الاصطناعي، مما يعد بإمكانية تحقيق تقدم ملحوظ في هذا المجال بفضل التطورات في الذكاء الاصطناعي.
في السنوات القليلة الماضية، تطورت الهندسة الوراثية بشكل مذهل، لا سيما مع ظهور تقنية "كريسبر" التي غيرت قواعد اللعبة في البيولوجيا والطب. تقنية "كريسبر"، التي تعد بمثابة أداة دقيقة لتعديل الجينوم، فتحت آفاقًا جديدة لعلاج الأمراض الوراثية والمزمنة التي كانت تُعتبر سابقًا دون علاج. هذه التقنية تعمل على "قطع" وإدخال أو حذف تسلسلات جينية بدقة، مما يمكن العلماء من تصحيح الطفرات المسببة للأمراض واستبدالها بنسخ صحية، مما يشكل خطوة كبيرة نحو علاج أمراض مثل الثلاسيميا، الكيستيك فايبروسس، وأنواع معينة من السرطان.
تقنية "كريسبر" لم تقتصر فقط على تطوير علاجات للأمراض الوراثية، بل تعدت ذلك لتشمل تطوير علاجات موجهة للسرطان. حيث يعمل الباحثون على تعديل الخلايا المناعية للمرضى بطريقة تمكنها من التعرف وتدمير الخلايا السرطانية بكفاءة أعلى، مقدمة بذلك بديلاً واعدًا للعلاجات التقليدية.
كما تقدم "كريسبر" إمكانيات هائلة في مجال الوقاية من الأمراض، من خلال استخدامها لتطوير نماذج حيوانية تحمل طفرات جينية محددة لدراسة تطور الأمراض وتحسين فعالية اللقاحات عبر تعديل الجينوم لإنتاج استجابات مناعية قوية.
على الرغم من الإمكانيات الهائلة لتقنية "كريسبر" ، فإنها لا تخلو من التحديات والمخاوف الأخلاقية المرتبطة بتعديل الجينوم البشري، بما في ذلك مخاوف من إمكانية حدوث طفرات غير مقصودة. هذه التحديات تتطلب نقاشًا معمقًا وتوجيهًا أخلاقيًا لضمان استخدام هذه التقنية بما يخدم البشرية بأسلوب مسؤول وآمن.