تابع العالم المقابلة الصحفية وسط قصر " الكرملين " الرئاسي في موسكو مساء يوم الثامن من شهر شباط الحالي / 2024 التي أجراها الصحفي الأمريكي المشهور تاكر كارلسون من قناة "X" لصاحبها الملياردير الكندي الكبير "اليون موسك " مع رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ، و أعد نفسه و أوراقه الصحفية عاما كاملا ، و جاءت متزامنة مع استمرار الحربين في أوكرانيا و في غزة ، لكنها لم تتطرق للحرب في غزة التي راح ضحيتها حتى الساعة 28 الفا من المواطنين الفلسطينيين المسالمين الى جانب عدد غير معلن عنه من الإسرائيليين ، و العدد الكلي للقتلى مرشح للتصعيد بعد رفض إسرائيل وقف اطلاق النار وعدم القبول بشروط حماس .
وتم التركيز على تعثر العلاقات الأمريكية و الأوروبية والأوكرانية ( الغربية ) من جهة و الروسية من جهة أخرى ، وعلى الحرب ( الأوكرانية ) التي كشف الرئيس بوتين بأنها ، لم تبدأ من موسكو ، وبأن كل ما تفعله روسيا هو التصدي لها و الدفاع عن نفسها . وكشف بوتين أكثر بأن من بدأ الحرب هو رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون ، و كييف العاصمة الذي أعلن رئيسها زيلينسكي رفضه التفاوض مع موسكو تحت تأثير رغبات واشنطن و اعتقادا منهما ومن الغرب بأن النصر سيكون حليفهم، وهو المستحيل عندما يواجهون دولة و قطب عملاق بحجم روسيا.
وحمل الصحفي الأمريكي كارسلون في جعبته ملف اطلاق سراح الجاسوس الامريكي ايفان غيرشكوفيتش ،الصحفي – مراسل وول ستريت جورنال ، الذي القي القبض عليه متلبسا في منطقة الأورال في مدينة ( يكاتيرنبورغ ) بتاريخ 29/ أذار 2022 يجمع معلومات - جس نبض - عن رأي الروس حول الحرب الأوكرانية . وهو الأمر الذي نفاه الجانب الأمريكي و يطالب بالأفراج عنه ، وسبق لوزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكين أن أثار قضيته ، و السفارة الأمريكية في موسكو متابعة عن كثب لموضوعه ،وتحضر جلسات محاكمته .
والأهم هنا هو أن المقابلة الصحفية لكارلسون لم تكن مستقلة كما أشيع ، فلقد حملت معها ملفا للحكومة الأمريكية تعلق بالصحفي الأمريكي ايفان المتهم من قبل روسيا بالتجسس وفي وقت غير مناسب تشهده العلاقات الروسية – الأمريكية ، بل متشنجة بسبب موقف أمريكا المنحاز للعاصمة " كييف " و تشجيعها على مواصلة الحرب بدلا من طرح موضوع المفاوضات فوق الطاولة ، و التمادي يتزويدها بالمال الأسود والسلاح الحديث وبشكل دائم، وبرقم ملياري كبير تجاوز المئتي مليار دولار ، وبنتيجة وصلت الى الصفر.
وقابل الرئيس بوتين طلب الصحفي الأمريكي كارلسون بالافراج عن الامريكي ايفان بعرض ملفه على التفاوض ، وبأنه في نهاية المطاف سوف يعود لبيته . ومجرد قبول الرئيس بوتين والكرملين مقابلة كارلسون أعطت اشارة أن نوايا موسكو حسنة حتى تجاه التفاوض على الحرب الاوكرانية التي تعتبر بأنها ليست طرفا في بدئها ، وتعتبر كما ورد على لسان الرئيس بوتين بأن أمام أمريكا ملفات عديدة تستطيع الأنشغال فيها وترك أوكرانيا تعالج قضية حربها بنفسها ، وهي التي اضاعت فرصة عام 2008 في تركيا و اتفاقية " مينسك " و الحوار .
وأوضح بوتين لضيفه كارلسون بأن بلده أمريكا معقدة التركيب ولا أحد يعرف من يديرها، و بأنه أراد سابقا عام 2000 ادخال روسيا الى الناتو لكن أمريكا رفضت الاقتراح الذي كان بإمكانه لجم الحرب الباردة و سباق التسلح . و رغب بعد زيارة لسيادته لمنطقة ساحلية أمريكية و لقاء الرئيس الأمريكي آنذاك بتشكيل شبكة دفاع روسية – أمريكية – أوروبية مشتركة ، لكن أمريكا أفشلت المشروع .
وتحدث الرئيس بوتين مستغربا لماذا عرضت أمريكا على أوكرانيا دخول ( الناتو ) عام 2008 بعد ذلك ، وهو الأمر الذي يعكس عدم ثقة أمريكا بروسيا – بوتين و تخوفها منه . و أفصح بوتين أكثر بأن قرار الحرب الأوكرانية والذي هو غربي ، الأصل أن يعالجه الغرب نفسه ، و هي ليست وظيفة لروسيا . وطالب ( الناتو ) الانصياع لسلام الأمر الواقع في الوقت المناسب ، و اتهم بوتين أمريكا مباشرة بتفجير خط الغاز ستريم 2 ، و أبدى استعداد بلاده روسيا لإعادة تشغيل الخط تجاه أوروبا من جديد ، وهو الذي ترفضه المانيا الان .
وكشف بأن العقوبات الغربية الاقتصادية على روسيا جعلتها تتبوأ المركز الاقتصادي رقم 1 في أسيا . وقال بأن أمريكا تخشى الصين التي تتربع على عرش اقتصاد العالم و لا تخشى روسيا . و شخصيا أضيف هنا ، و هو الذي غفل بوتين ذكره بأن أمريكا تخشى تفوق روسيا عسكريا ، وهي كما ذكر بنفسه بأنها تطور سلاحها باستمرار و لا تستهدف أمريكا ، و لا تخطط لضربة نووية أولا من شأنها تدمير البشرية و الحضارات باعتبارها دولة فوق نووية .
وشرح الرئيس بوتين لضيفه الامريكي قصة بناء أوكرانيا في زمن جوزيف ستالين ، و حصولها على مساحات اضافية على ضفاف البحر الأسود ، وخاصة في زمن نيكيتا خرتشوف ، و حول تسمية العاصمة بكييفسكايا روس ، و لاحظ ذات الوقت بأن ما يقوله ربما كان مملا ، لكن كارلسون أجاب بالعكس ، فالموضوع ممتع له . وقال بوتين بأن لا مطامع لروسيا في هنغاريا أو في غيرها . و بأن سياسية الصين الخارجية ليست عدوانية ، و لروسيا علاقات استراتيجيةو تاريخية و تبادل تجاري و صل الى 230 مليار دولار ، و المسافة التي تربط روسيا بالصين محدودة . و لقد أصبح اعتماد روسيا على الين الصيني أكثر بكثير من الاعتماد على الدولار .
وتحدث الرئيس بوتين عن قلق بلاده من توسع ( الناتو ) خمس مرات رغم تعهده بعدم التوسع تجاه روسيا شبرا واحدا . و بالمناسبة فإن توسع ( الناتو ) شكل سببا رئيسا لإندلاع الحرب الأوكرانية تضليلا ، و التي هي أمريكية – غربية بعد تشجيع " كييف " عليها ، و استبدال الحوار و السلام بحرب بلا نهاية هدفها ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح و استنزاف روسيا و حتى تقسيمها في الوقت المناسب ، لكن استمرار صعود إسم بوتين حطم كل مشاريع الغرب السوداء ، و أبقى روسيا ناهضة ، تقود توجه عالم متعدد الاقطاب لتحقيق العدالة الدولية و لرفض تغول عالم احادية القطب الذي قدم الازمات و الحروب على السلم و السلام العالمي و التنمية الشاملة المستدامة .
وأوضح الرئيس بوتين دور التطرف الأوكراني في الحرب ، وهو المتمثل بالتيار البنديري الذي يصفق الغرب لرموزه ، وهم من اشتركوا في محرقة " الهولوكست " . وتحدث عن دعم أمريكا للإرهاب في القفقاس و اعتباره معارضه -وتعليقي هنا- هو بأن روسيا عانت طويلا من غزو الارهاب لها عبر حدودها و في داخلها ، و يبدو أن أمريكا ومعها غربها لن يهدأوا ان لم ينتصر خيار عالم متعدد الاقطاب و يطرح أرضا احادية القطب و كواليسها .