تعد المشاركة السياسية من المؤشرات الدالة على نضج المجتمع سياسياً وثقافياً ، فارتفاع نسبة المشاركة في مجتمع ما يدل على تقدمه ووعيه بحقوقه السياسية ، كما يدل على مستوى عالٍ من الثقافة السياسية. والمشاركة السياسية تعني إنخراط الفرد سواءً رجل أو امرأة في نشاطات الحياة العامة وفي جميع مجالاتها وممارسة حقوقه المدنية المكفولة بالدستور والقوانين الناظمة للعمل السياسي وهي تأتي بصورة طوعيه من قبل الفرد والتي تعزز قيم المشاركة الشعبية السياسية وتحديداً القيم الديمقراطية والتعددية وحرية الرأي .
وتمثل المشاركة السياسية أرقى أنواع الديمقراطية من خلال مساهمة مختلف أبناء المجتمع في تحمل مسؤولياتهم السياسية سواء بالانتخاب أو بالترشيح . وقد كانت عملية المشاركة السياسية مقتصرة في البداية على الرجال دون النساء، ولكن تحت الضغط والحركات الاجتماعية والسياسية ومع ظهور الأحزاب السياسية تطور مفهوم المشاركة السياسية فلم يعد يقتصر على الرجال بل امتد ليشمل النساء أيضا .
وتمر عملية المشاركة السياسية بمجموعة من المراحل تبدأ بالاهتمام بالشأن العام ومن ثم تتطور للاهتمام بالقضايا السياسية إلى أن تنتهي بالوعي بضرورة تحمّل المسؤوليات السياسية وتعاطي النشاطات السياسية وكل أشكال العمل السياسي.
وحتى تحقق عملية المشاركة السياسية أهدافها فأنه لابد أن تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات سواء الرجال أو النساء آو مختلف الأعراق والأديان ، وضرورة الاعتراف بالمساواة بين جميع هذه الفئات في الحقوق والواجبات الأساسية ، واحترام إرادتهم بما يمكنهم من التعبير عن أرائهما على أكمل وجه .
وتتعدد أشكال المشاركة السياسية لتشمل كذلك تقلد الوظائف العامة في مختلف السلطات الحكومية سواء التنفيذية أو التشريعية أو القضائية ، وممارسة العمل النقابي والاجتماعي ، والتوقيع على العرائض، وتقديم التقارير بهذا الشأن لدى السلطات المختصة للمطالبة بتحسين أحوال المواطنين، واستخدام مختلف منابر وسائل الإعلام لإيصال صوتها لمختلف المسؤلين بالطرق القانونية .ويرتبط مفهوم المشاركة السياسية بالنظم الديمقراطية لأنها تقوم أصلاً على المشاركة السياسية لأفراد الشعب ، وهذه من أوضح صور الديمقراطية، إذ أن افتقار النظام السياسي لمبدأ التمثيل النيابي يعني ببساطة إلغاء حق التمثيل السياسي لأفراد الشعب.
والمشاركة السياسية تتوزع أيضاً على مجالات الحياة العامة الأخرى مثل الانتساب للنقابات والأحزاب والجمعيات بجميع أشكالها وأنواعها، وايضا المشاركة في المناقشات السياسية والتعبير عن الرأي سلمياً .
وتتأثر المشاركة السياسية بالبيئة المحيطة لنشأة الفرد، فنجد أفراد ومجتمعات تشارك بفاعلية بسبب توافر ظروف بيئية مناسبة يوفرها مناخ الديمقراطية وقابلية النظام السياسي لذلك . بينما نجد في مجتمعات أخرى انعدام وضعف واضح في مشاركة الأفراد بمختلف جوانب الحياة السياسية بسبب البيئة غير المناسبة ديمقراطياً.
Hasanayed@yahoo.com