بعنوان " اسمعوني واشتموني.. بترتاحوا " أطلّ المذيع اللبناني المخضرم طوني خليفة لينصف الاردن عبر شاشة المشهد , هذا البلد الذي انتقد و هوجم و رُجِمَ غيابيا عبر الفضاء الالكتروني و التُهمة المُعلنة " المشاركة في مباريات كأس آسيا " !
وهنا يلخّص خليفة السؤال " و هل الاردن الوحيدة التي شاركت بين الدول ؟ " و هل شاركت الدول التي تتصدر مشهد القضية أم اعتكفت و اعتذرت ؟ الجواب لا ...إذن لماذا الاردن ؟ و هل ما يُحلَّل للجميع يُحرّم على عمّان ؟ أم أنّ المهاجمة الكُروية تحمل في طيّاتها أحقاد دفينة وجدت في المستديرة "مِطية " ؟
لا شك أن الاردن ليست الدولة الوحيدة التي شاركت , بل حتى فلسطين أم القضية , و الجزائر و قطر و سوريا و لبنان و كل الدول التي تُعنى بالقضية شاركت فلماذا لم ترجم سوى عمّان , يسأل طوني خليفة منزعجا من الاستهداف المُمنهج الذي تتعرض له الاردن مع كل حدث و مناسبة , و لمن يبرّرون الهجوم باحداث غزة ...ماذا فعلتم أنتم لها , اكثر مما فعلت الاردن ؟
يكفي زيفا و تخلّفا و اصطيادا بالماء الصافي , فالآن اصبحت كل المشاهد مكشوفة و واضحة للعيان , حملة مُمنهجة تسير بتوازٍ وقتيّ مع الاحداث المؤسفة في غزة , ابواق اعلامية حُركّت فقط لتشويه صورة الاردن , هذا البلد الذي كان و لا زال لعقود الحضن الدافىء لكل لاجىء أو عابر للسبيل أو ضيف أو نازح اصبح اليوم لا ينفع ! يريدونه فقط أن يحترق من الداخل لينل " رتبة الشرف " المزيّفة ! تلك الرتبة التي لا تضع حسابات للقوانين الدولية و الاعراف و المعاهدات و الالتزامات و الانظمة و اخيرا القوى العسكرية , يريدونه متبجّحين أن يطلق صاروخا واحدا نحو اهدافهم لينل هذه الرتبة , و هنا السؤال "من اطلق في الماضي هذه الصواريخ و نال من بعدها رتبة الشرف ليتساوى مع المحتلّين في احتلال الاوطان و قهر الجيران ؟ أين بلاده الآن ؟ " ألم تصبح تلك الحضارة العريقة لقمة سائغة للاعداء فقط بسبب قرارات غير عقلانية و بعيدة عن الواقعية و المنطق ؟ و لمن يمجّد هو كمن يضع النياشين على قومة من القشّ ...بلا احتساب للانهيار القابع تحت القشّ !
طوني خليفة يعلنها صراحة " هذه الفئة تريد خراب الاوطان " و هو محقّ فيما يقول , لأنه هؤلاء المتسلّقين لا يقومون بدراسة الجدوى لأيّة كلمة يتفوّهون بها , يريدون تفتيت الاوطان , كدمى الخيوط تحرّكهم سرطانات سياسية تلتهم الدول , و على أرض الواقع نستطيع رؤية تلك الدول قبل و بعد السرطان الذي حلّ بها , نستطيع أن نرى التشتت و التمزّق التي تعيشه , لا كهرباء بها ولا ماء , لا أمن ولا استقرار , كلمتها مُرحّلة و عنوانها مستأجر , شعبها نصفه مهجّر و الآخر يعيش حدّ الهلاك ,,,فهل تريدون الاردن في مرتبة البؤس هذه ؟
العقل العربي يجب أن يتعلّم الفَصلْ , أن يفصل بين مشاعره و الاحداث , أن يحبّ وطنه أولا ثم يلتفت للمحيط , لا يمكن أبدا سلخ كل دولة من هويتها و جغرافيتها و تفاصيلها و لحمها مع الاخرى دون تفكير أو ترتيبات سياسية , في الاردن نُحبّ فلسطين و كلّما جلس اثنان كانت القدس و هواها ثالثهما , لكن ليس بالضرورة أن نتاجر , فنحن الجيرة الحقيقية و الجار الساند في كلّ الظروف , و من حقنّا و واجبنا الوطنيّ كما نريد انصاف الجارة فلسطين أن ننصف أي عمل و حدث يرفع اسم وطننا في كل المحافل العالمية ...
منذ السابع من اكتوبر و الاردن في حالة توتر كنتيجة لما يحدث من مآسي في غزة , السياحة اصبحت شبه معدومة و القطاع السياحي دخل مرحلة النزاع , هذا عدى عن التضرر الاقتصادي الذي يلاحق كل شريحة , و في ذات الوقت لم يتوانى الاردن عن دعم الاشقاء بكل الظروف و الاوقات , و في النهاية إن ابدينا بعض الفرح نكون قد "خذلنا القضية " بحسب ما يقول طوني خليفة ؟
ثم أين تلك الكيانات و الاحزاب التي نادت بطريق القدس لعقود ؟ أين هي الآن مما نادت طوال تلك السنوات ؟ لماذا لم تنطلق نحو ما يرون الآردن قد توانت عنه ؟ أم أنّ حرب غزّة عرّت تلك المنابر و خلعت عن تلك الشعارات و العناوين رداء الزيف المُقنّع ؟ اليسوا هم أحقّ في الانتقاد بالقدر الحماسي الذي كانوا يتحدّثون و يتوعدون به ؟ و عندما حلّت الحرب و حانت الفرصة و الوقت المناسب اصواتهم خفتت و لم يبق في جعبتهم سوى " الدعاء " ...على عكس الاردن الذي تعامل بمنطق و حكمة كبيرة مع القضية و احتوى و حمى و ساعد و ساند و اهتم أن يتوافق نسيجه الاجتماعي مع الاشقاء ليزيد الانسجام و اللحمة الوطنية , و إن أردت أن اكتب عما قامت به الاردن و قيادته الحكيمة و شعبه المضياف سأحتاج لعشرات المقالات لانصافه ...فشكرا طوني خليفة و شكرا لوعيك و صوتك الحر الذي حلّل و فسّر المشهد بحكمة و وعي بالغ ...حمى الله الأردن و نصر الله فلسطين ...