خامسة بلينكن .. ماذا حققت؟
كمال زكارنة
08-02-2024 10:43 AM
الزيارة الخامسة لوزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن للمنطقة منذ السابع من اكتوبر الماضي،لها هدفان رئيسيان،الاول التطبيع بين المملكة العربية السعودية واسرائيل،والثاني وهو من اجل تحقيق الهدف الاول،الافراج عن الاسرى الاسرائيليين المحتجزين في غزة،خلال هدنة طويلة.
لسوء حظ بلينكن الذي يتستر في مواقفه الداعمة بلا حدود للاحتلال الاسرائيلي،خلف مواقف نتنياهو وزمرته الفاشية العنصرية،انه سمع في الرياض موقفا ثابتا صلبا قويا مبدئيا لم يتغير منذ عقود،وهو ان لا تطبيع ولا علاقات سياسية ولا دبلوماسية مع اسرائيل ،الا بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ،على كامل التراب الوطني الفلسطيني المحتل عام 1967 ،ووقف الحرب على قطاع غزة والانسحاب الاسرائيلي الكامل من القطاع،والبدء بعمليات الاعمار وانهاء الحصار وادخال المواد الاغاثية ،بمعنى انهاء العدوان الاسرائيلي بكل تفاصيله واوجهه وابعاده.
هذا الموقف الوطني القومي المشرف للممكة العربية السعودية ،الدولة الاهم والاكثر ثقلا واهمية عربيا واسلاميا ودوليا،سوف يجبر الولايات المتحدة لاحقا على اعادة ترتيب اوراقها ومواقفها ،فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي بشكل عام،وقد بدأت ملامح هذا التغيير تظهر ،وان كان ظهورها خجولا وبطيئا حتى الان.
الادارة الامريكية اليوم بين نارين،وهي مقبلة على الانتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني المقبل،اما ان تخسر نسبة كبيرة من اصوات اليهود الداعمين لحكومة الاحتلال الفاشية العنصرية،واما ان تخسر الغالبية العظمى من اصوات العرب والمسلمين والافارقة وجاليات امريكا اللاتينية والجنوبية والمتضامنين مع القضية الفلسطينية،وهذا بكل تأكيد يخدم نتنياهو وحكومته المتطرفة،لان بايدن لا يغامر بخسارة الصوت اليهودي والصهيوني في امريكا،فلا يستطيع الضغط على نتنياهو الا في حدود معينة لا يمكنه ان يتجاوزها.
الولايات المتحدة طيلة السنوات والعقود الماضية،تحقق فشلا ذريعا سياسيا ودبلوماسيا في المنطقة،خاصة في قضية الصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلي،علما بانها الدولة الاكثر نفوذا وسيطرة وتغلغلا في المنطقة العربية والشرق الاوسط عموما،ومن المفروض ان تكون قادرة على ضبط الامور فيها،وان تشكل سياستها باروميتر وضبط التوازن في العلاقات بين دول المنطقة ،وان تمتلك القدرة على حل النزاعات والصراعات والخلافات بينها،لكنها اختارت الانحياز المطلق للمحتل الاسرائيلي المعتدي على الشعوب والاراضي والحقوق العربية ،مما ادى الى فقدانها دور الوسيط النزيه والعادل وخسرت ثقة دول وشعوب المنطقة،وتواجه الان صعوبة بالغة في اقناع هذه الدول بحياديتها ونزاهتها.
لا يوجد في قاموس نتنياهو ولا على اجندته غير لغة الحرب والقتل والابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية،فهو مسكون بالعقلية الصهيونية القديمة ،العقائدية التوراتية الدينية ،التي تقدس قتل العرب والمسلمين وخاصة الاطفال والنساء لانهن ينجبن الاطفال،فقد ضم الى حكومته وزراء اكثر منه تطرفا وتشددا ،وقناعة بالفكر الصهيوني الدموي العدائي للعرب والمسلمين،وهو معروف بمعاداته للسلام مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين ،لكن احيانا تحركه المصالح لتحقيق اهداف معينة.
عندما شكل حكومته الاولى عام 1996 واستمرت ثلاث سنوات،افشل اتفاق الخليل مع الجانب الفلسطيني،والذي كان يقضي بانسحاب جيش الاحتلال خارج المدينة،وفي حينها كانت عملية السلام في اوجها ،وفي نفس تلك الفتيرة ،خرج المرحوم الملك الحسين بن طلال بنتيجة وخلاصة مهمة ،بعد عدة لقاءات مع نتنياهو،بأن الاخير يكذب ولا يفكر مطلقا بالسلام ولا يسعى له.
هذا هو نتنياهو الذي تتفاوض معه الادارة الامريكية اليوم،فهو لم يتغير ،بل زاد تطرفا وتشددا وعنصرية وفاشية ودموية ،ولن يوقف الحرب على غزة والضفة الغربية ،حتى لو تستجيب المقاومة لكل شروطه،سوف يخرج بشروط جديدة ،حتى يجرد المقاومة من اي مظهر للنصر، ويظهر هو بكل اشكال والوان الانتصار.
ولا يخجل قادة جيش الاحتلال والناطق باسمه،من الكذب والافتراء،عندما يدعون انهم وجدوا وراء المقاومة عدة ملايين من الشواقل،مع ان هذه الاموال سرقها جنودهم وضباطهم من منازل الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الحرب،اضافة الى ذهب النساء، والاشياء الاخرى الثمينة.
الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على وقف الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني وانهاء الصراع بالكامل ،واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة،عملا وليس قولا لو ارادت،فهي تتحمل كامل المسؤولية في ذلك تاريخيا وحاضرا ومستقبلا.