الإدارة الأميركية تسعى اليوم لتفحص مواقف مصر الثورة بعد أن طوعت بكل الوسائل والسبل مصر مبارك.. هيلاري كلينتون قامت بزيارة استطلاع للقاهرة وتجولت في ميدان التحرير الذي انطلقت منه شعلة الثورة الشبابية الشعبية المظفرة لتقف على حقيقة السياسة الداخلية والخارجية وبخاصة سياسة مصر الثورة حيال أميركا وحيال إسرائيل..

لكن نتائج زيارتها قد خيبت أملها وأمل البيت الأبيض..حيث رفض قادة الثورة لقاءها وإجراء أي حديث معها.. فهم ليسوا بحاجة لتذكر سياسة واشنطن التي أخرجت مصرمن دائرة الصراع العربي - الإسرائيلي والتي دلت الجيش الإسرائيلي على ثغرة الدفراسوار المصرية أثناء حرب اكتوبر «1973» لتحجيم النصر المصري العروبي على إسرائيل وأقامت جسرا جويا لتزويدها بأحدث الأسلحة.. وهي التي شجعت اسرائيل على شن عدوان 5 حزيران 1967م وقدمت لها أحدث الطائرات المقاتلة لإلحاق الهزيمة بالجانب العربي.. إن شباب الثورة على علم بمدى انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل وبمدى دعمها لأطماعها التوسعية على حساب الاراضي والمياه الفلسطينية والعربية..

قادة الثورة الشبابية رفضوا لقاء كلينتون لعلها تدرك خطأ وخطل السياسة الأمريكية في المنطقة,ولعلها تدرك أن شباب «أم الدنيا» على حد تعبير هيلاري واعون تماما لعداء بلادها للأمة العربية.. ربما أدركت هذه المسؤولة الأمريكية خلال هذه الزيارةأن مصر الثورة لن تقبل بعد اليوم بالإملاءات الأميركية لمحاصرة قطاع غزة ولن تتواطأ لإجهاض المقاومة الفلسطينية واللبنانية.. فهل أدركت هيلاري أسباب رفض قادة الثورة لقاءها ؟..

صحيح أن واشنطن قد غازلت شباب الثورة عندما دعت مبارك وطغمته للتنحي والرحيل ولكنها بهذا الغزل سعت لإقناع قادة الثورة بضرورة استمرار التحالف الإستراتيجي الذي كان في عهدمبارك بين القاهرة وواشنطن وبضرورة استمرار التعاون المصري - الإسرائيلي الذي انعكس سلبا وأذى وخطورة على الأمة العربية.. وقادة الثورة بعد انجاز مهمات ثورتهم المجيدة سيعيدون تقييم وتقويم سياسة مصر لجهة رسم سياسة جديدة وفقا للمصالح الوطنية والقومية.. إن مصر الثورة لن تؤيد بعد اليوم أي غزو أميركي لأي بلد عربي او إسلامي أو غيره وأنها لن تؤيد العداء الاميركي للإسلام والمسلمين تحت شعار «مكافحة الإرهاب».. ولن تظل مكتوفة الأيدي كما أكد طلائع شبابها إزاء الحصار الإسرائيلي والغربي لقطاع غزة أوإزاء حملة الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.. وإن مصر الثورة لن تتواطأ بعد اليوم على تصفية القضية الفلسطينية أبدا.. إن مصر الثورة كما أكد طلائع شبابها ستعود فعلا إلى حضن أمتها العربية وستدافع عن الأمن القومي العربي..

وقد صدق الذي قال :إذا نهضت مصر نهضت الأمة العربية..

يا ليت الإدارة الأميركية تراجع سياستها في المنطقة وتحترم حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ولا تتدخل في شؤونها.. فالشعوب أدرى من الإدارات الأميركية بمصالحها وأقدر على رسم سياساتها الوطنية والدولية..

(الرأي)