الاستعداد للمستقبل: إعادة تشكيل الدراسات العليا لمواكبة التحولات العالمية
صالح سليم الحموري
07-02-2024 12:44 PM
نشهد تغيرات "اقتصادية وجيوسياسية" متسارعة تعيد رسم معالم العالم حولنا، وتضع منطقة البحر الأبيض المتوسط في قلب هذه التحولات كنقطة استراتيجية مؤثرة بشكل متزايد على "الاقتصاد العالمي". التفاعل المتنامي بين أوروبا، إفريقيا، وآسيا يفتح الباب أمام "فرص وتحديات" جديدة، مطالبًا الجيل الجديد بفهم عميق للتوجهات الجديدة وبناء قدرات فعّالة للتفاعل الناجح ضمن البيئة الدولية.
في هذا السياق، تتجلى الضرورة الملحة لإعادة تقييم وتحديث "برامج الدراسات العليا" بما ينسجم مع التحولات الجارية. أحد الأمثلة المثيرة للإلهام التي صادفتها، يتمثل في برنامج الماجستير الذي يقدمه معهد أوروبي بارز؛ حيث يبدو جليًا أنهم قد "استشرفوا متطلبات المستقبل" وطوروا مجموعة من البرامج التي تعكس ذلك. يتعمق محتوى البرنامج في استكشاف التفاصيل الدقيقة "لديناميكيات منطقة البحر الأبيض المتوسط"، مشددًا على الأهمية الكبرى للتعاون السياسي، الاقتصادي، والثقافي. البرنامج، الذي يخصص جزءًا كبيرًا من اهتمامه لقضايا مثل الاقتصاد السياسي، تغير المناخ، التحول الطاقي، الأمن، الهجرة، والتبادلات الثقافية، يزود الطلاب بالمعارف والمهارات الضرورية لتطوير "سياسات فعّالة ومستدامة". يُعد هذا الأسلوب التعليمي دليلاً واضحًا على الحاجة الماسة للمؤسسات التعليمية عالميًا لابتكار برامج تواكب التحولات المعاصرة وتُمكن الطلاب من مواجهة التحديات المتطورة باستمرار بكفاءة وفعالية.
برنامج الماجستير المتخصص هذا يستند إلى النهج التعليمي القائم على "الاستقصاء"، حيث يلعب الطلاب دورًا فعّالًا ومباشرًا في عملية تعلمهم. علاوةً على ذلك، ستوفر الزيارات الدراسية وبرامج التبادل مع الجامعات الشريكة فرصةً فريدةً للطلاب للاطلاع على مشاريع تطبيقية والتعرف على آراء متنوعة. كما سيشتركون في مبادرات تطبيقية تعاونية مع شركات ومؤسسات متنوعة في المنطقة وينخرطون في مناقشات حول دراسات حالات معينة، مما يتيح لهم فرص التواصل مع نخبة من الأكاديميين والمهنيين ذوي الخبرة العالية في مجالاتهم سواء في القطاع الخاص أو العام، ان التفاعل النشط والمشاركة المستمرة من الطلاب ستكون أساسية في الفصول الدراسية. الامتحانات ستُجرى ضمن سياق تفاعلي، وسيُقيم الطلاب كذلك بناءً على مدى مشاركتهم، المشروعات الجماعية، العروض التقديمية، والمناقشات الصفية بالإضافة إلى المحاكاة وتحليل دراسات الحالة.
ان الاستثمار في تعليم "يركز على المستقبل" لا يقتصر على تحضير الطلاب لسوق العمل فحسب، بل يعدّهم كذلك للمشاركة الفعّالة في تطوير مجتمعاتهم وإرساء قواعد لعالم مستقر ومزدهر. لذا، يُعتبر ضروريًا للجامعات والمعاهد التعليمية أن تتبنى "رؤية مستقبلية"، معززة "بالابتكار والمرونة" في المناهج التعليمية وتجاوز المسارات التقليدية واعتماد أساليب "تعليمية مبتكرة" يُعد أمرًا حاسمًا لإعداد الشباب ليس فقط لمواجهة تحديات المستقبل بثقة، بل أيضًا لتمكينهم من الإسهام بشكل إيجابي في "بناء مستقبلهم ومجتمعاتهم"، فالمستقبل يتم بناءه الان.