السابع من شباط ذكرى الوفاء والبيعة، ففي مثل هذا اليوم من العام تسعة وتسعين من القرن الماضي انتقل الملك الحسين بن طلال إلى رحمة الله تعالى بعد مسيرة مظفّرة في الانتصار لقضايا الأمتين العربية والإسلامية بالتوازي مع سعي دؤوب وعمل مضن قاد الحسين بنفسه لبناء دولة ظلت توائم بين الأصالة والمعاصرة والاستجابة للتطورات التي فرضتها كبيعة الحياة، ومضت رحلة عطاء الحسين للأردن وللعرب سواء بسواء حتى أزفت ساعة رحيله ليلقى وجه ربه راضيا مرضيا، وفي ذلك اليوم بكاه الأردنيون في كل مكان كما انفطرت لرحيله قلوب العرب في كل مكان من ثرى وطننا العربي الكبير.
تسلم الراية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وانطلق يمارس سلطاته الدستورية وهو ابن السابعة والثلاثين ربيعًا فكان الملك الرابع للمملكة الأردنية الهاشمية وبدأت مرحلة أخرى في عهده الميمون وكان قوامها همة وعزيمة وإرادة وشعب أردني صادق في محبته للحسين وانتمائه لنجله الملك الشاب الذي درس فنون القيادة والحكم والرئاسة في مدرسة والده الذي قال له في رسالته إليه عندما عيّنه وليًا للعهد (وإنني لأتوسم فيك كل الخير وقد تتلمذت على يديّ وعرفتَ أن الأردن العزيز وارث لمبادئ الثورة العربية الكبرى وأنه جزء لا يتجزأ من أمته العربية).
في هذا العام حيث نمضي مع الملك ربع قرن في مسيرة البناء والعطاء، ثمة محطات مهمة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حملت في طياتها الكثير من التحديات التي واجهها الأردنيون بتصميم وعزيمة، وقد حمل كل عام في عهد جلالته الميمون أهدافًا وطنية نبيلة استندت في جُلّها إلى ما أعلنه جلالته منذ اليوم الأول لتسلمه سلطاته الدستورية والمتمثل في رفع مستوى معيشة المواطنين ضمن أقصى طاقات وامكانات متاحة، وهو القائل حفظه الله (إن الأولوية عندي تأمين حياة أفضل لجميع الأردنيين) هذا فضلًا عما قاده جلالته من ورشات بناء وعمل رسخ خلالها دولة القانون والمؤسسات وعظّم فيها مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، وجذّر حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية والتنمية الشاملة بإرادة حرة وصلبة حتى أصبح الإصلاح والتطوير هما العلامة الفارقة في نهج جلالته الحكيم.
في ذكرى الوفاء والبيعة يواصل الأردن بقيادة جلالته العمل على التطوير والتحديث، كما يواصل جلالة الملك رسالة بني هاشم في التصدي لكل التحديات والنوازل التي تحل بالأمة، فعلى امتداد ربع قرن من حكمه المديد فإن الأردن لم يتخل عن واجبه القومي والعروبي المقدس وكان المناصر والداعم والمدافع عن القضايا العربية وفي مقدمتها فلسطين، وتشهد المنابر والمحافل الدولية على حجم جهود جلالته التي بذلها في سبيل إحقاق الحق ونشر الوئام والمحبة والسلام، بل إن جلالة الملك يكاد يكون أكثر قائد عمل على بث مفاهيم العيش المشترك وتعزيز لغة الحوار وتعظيم قيم الإنسانية التي رأى انها يجب أن تسمو على كل الخلافات وأن تتقدم أولويات وأجندة الانظمة السياسية في العالم.
يوم من أيام الوطن، كان فيه الأردنيون متميزين كما هو العهد بهم، فودعوا قائدهم وزعيمهم الحسين بن طلال، وأعلنوا البيعة والولاء للملك عبدالله الثاني، وهاهم اليوم ما زالوا على العهد لا يضرهم من خالفهم ولا يؤتيّن من قِبَلِهم.
الرأي