بلينكن .. الجولة الحاسمة!!
محمد حسن التل
05-02-2024 05:52 PM
يعود وزير الخارجية الأمريكية إلى المنطقة للمرة الخامسة في أقل من أربعة أشهر في محاولة لإخماد الحرائق المشتعلة هنا والتي تهدد باندلاع حرب في الإقليم لن تقتصر نارها عليه .
يأتي الرجل في ظل الحديث عن قرب الاتفاق على هدنة في غزة طويلة نسبيا يتخللها تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، إضافة ألى تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع المنكوب في محاولة لتبريد الظروف على طريق إيقاف نهائي لإطلاق النار .
تأتي هذه التطورات في أجواء انقسام واضح داخل دوائر الحكم الإسرائيلية واضطراب الشارع الإسرائيلي الذي تزداد ضغوطه على نتنياهو للاستعجال بعقد صفقة تفضي بإعادة الراهئن من غزة ، والأخير لا يتعرض إلى ضغط الشارع لديه فقط بل إلى ضغط آخر أكبر، من حلفائه في الائتلاف الحكومي لرفض أي حديث عن هدنة مهما كان شكلها، والاستمرار في الحرب الأمر الذي يجد نفسه فيه يغرق في تناقضات كبيرة وعميقة ،زيادة على هذا كله الضغوطات الأمريكية الكبيرة عليه لإبداء مرونة في المضي على تفكيك الأزمة وتحييد الجميع في المنطقة حرب شاملة تتعرض فيها المصالح الأمريكية إلى الخطر ، ناهيك أن الإدارة الأمريكية تسعى للتفرغ إلى معركة الانتخابات المحتدمة عندها منذ البداية مع الخصم الشرس ترامب الذي يحقق حتى اليوم تقدما كبيرا على طريق البيت الأبيض ، وإذا لم تستجب الحكومة الإسرائيلية هذه المرة للضغوطات والرغبة الأمريكية بالتهدئة فمن الممكن أن تدخل الأزمة في نفق جديد لا يستطيع أحد توقع نهاياتها ونتائجها في ظل توسع الحرائق في الإقليم يوميا ، واشتعال الجبهات في العراق وسوريا واليمن ولبنان الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة في مواجهة هذا الظرف المعقد الذي لم يكن قبل أقل من أربعة أشهر في حساباتها حيث كانت تخوض معركة اقتصادية على الجبهة مع الصين ومعركة عسكرية غير مباشرة مع روسيا في أوكرانيا .
من غير المعقول أن يظل مصير المنطقة معلقا على شفا هاوية الحرب بيد مجموعة متطرفة في تل أبيب تريد حرق الجميع في سبيل تنفيذ برنامجها بقتل الفلسطينيين واستدامة الاحتلال وشطب أي أمل في حل القضية ،وإبقاء العالم كله قلقا من أن يصحو كل يوم على احتمالية حريق من المرجح أن شرره سيتطاير بعيدا عن المنطقة ، وليس من المعقول أن يظل نتنياهو يماطل في حل الأزمة من أجل مصالحه الشخصية وحماية لنفسه مضطرا في سبيل هذا إلى مجاملة إرهابيي الأحزاب "الدينية " في حكومته من أجل استمراره في رئاسة الحكومة الإسرائيلية ، في حين تحول العالم إلى ورشة عمل مفتوحة لتفكيك عقد الأزمة وإنهائها الهدف الذي لن يتحقق إلا بنزول الحكومة الإسرائيلية عن الغصن العالي في الشجرة والنزول عند الرغبة الأمريكية والعالمية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والاعتراف بأهمية إنهاء الحرب والقبول ببدء مفاوضات تؤدي إلى إنهاء الإحتلال للأراضي الفلسطينية على طريق قيام الدولة .
مهمة الوزير الأمريكي هذه المرة أكثر حساسية وتعقيدا نظرا لضيق الوقت سواء على مستوى تسارع الأزمة وتشعبها وكذلك على جهة الظروف في الولايات المتحدة في سنة الاستحقاق الانتخابي لذلك من المتوقع أن يقاتل الرجل من أجل الحصول على نتائج فعلية على الأرض ، على الأقل نزع الموافقة على هدنة طويلة نسبيا تعطي الجميع نفسا أطول في كتابة أسطر جديدة في ملف القضية الفلسطينية خصوصا أن الفلسطينيين والدول العربية منفتحون على الحل بل ومصرون عليه بما فيها المقاومة الفلسطينية نفسها ، حتى إيران اللاعب المهم في هذه المعادلة لا تستطيع في النهاية إلا أن ترضخ إلى شروط اللعبة وتستغل الفرصة لإنهاء ملفها مع الولايات المتحدة كجزء من الحل في المنطقة للحفاظ على مصالحها الذاتية .
من المهم بل ومن الضروري أن تكون الجولة الخامسة للوزير الأمريكي في المنطقة هذه المرة ذات نتائج حاسمة للحفاظ على ما تبقى من استقرار في المنطقة وخروج الجميع الى بر الأمان ولو مؤقتا!!