صدر عن المركز الجزء الثاني من كتب الدراسات الاجتماعية للصفوف ١،٤،٧،١٠، وسأتحدث اليوم عن أحد هذه الكتب وهو التربية الوطنية، والمدنية للصف العاشر!
(1) احتوى الكتاب على خمس وحدات هي:
حقوق الإنسان، والعلاقات الأردنية الدولية العربية، والتراث، والتفكير المنطقي، والمهارات الحياتية.
وتكونت الوحدات من درسين إلى أربعة.
-تكون فريق التأليف من رئيس رفيع المستوى، ومن ثلاثة مشرفين من كبار "السياسيين"، وثلاثة مؤلفين، ومنسقة.
-تم تعيين مراجع تربويّ للكتاب.
-مرّ الكتاب أسوة بزملائه على ست وستين "عالِمًا" منهم وزراء، وحكماء، وشخصيات عُرفت بِ: "مجالسيتها الدائمة"، وفنيين، ومراجعين، ومقوّمين. وإذا أضفنا المُراجع التربوي يكون العدد سبعة وستين!
اللهم زد وبارك!!
(2) شعرت بعد قراءة الكتاب بالحزن واليأس وصعوبة البحث عن أمل.
(3) يمكن توجيه النقد السلبي الآتي للكتاب:
أولًا- إنه كتاب في التربية المدنية أكثر منه في التربية الوطنية.
فلا تكاد تجد أي اتجاهات وطنية، باستثناء ضرورة المحافظة على التراث الوطني، وقد وردت كلمة وطن مرة في عنوان الكتاب، وكلمة الأردن ثلاث مرات في فهرس الكتاب.
ثانيًا- كانت المادة سردية على طريقة عرّف ما يأتي:
- الشرعية الدولية؛ هي توافق … ص٨
-القانون الدولي؛ هو الذي…ص١٢
-القانون الدولي الإنساني؛ هو مجموعة…ص١٢
وأنا شخصيا -وهذا دقيق- أعرف أن القانون يسمى القانون الدولي لحقوق الإنسان يتضمن جميع المواثيق الحقوقية إضافة إلى جميع الاتفاقيات ضد التمييز بما فيها سيداو وحقوق الطفل، وأي اتفاقيات أخرى!! وهذا ما لم يتضح في الكتاب، حيث كان المقصود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين!
ثالثًا- وفي ص١٠ مصادر شرعت حقوق الإنسان ١٩٤٨ وضعوا ثلاثة مصادر هي:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ١٩٤٨، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ١٩٦٦، والعهد الدولي للحقوق المدنية ١٩٦٦.
ولم يوضح الكتاب الذي يعلمنا المنطق كيف تكون أحداث ١٩٦٦ مصادر لأحداث جرت قبلها سنة ١٩٤٨!!
أي منطق هذا؟
رابعًا- خلا الكتاب كالعادة من اسم أي مواطن أردني، فأي كتاب وطني هذا!!
خامسًا- خلا الكتاب من أي وثيقة، خلافًا لما طالب به الإطار العام للمناهج، علمًا أن مقدمة الكتاب تشير إلى ذلك! كما أن أبرز المشرفين كان مسؤولًا عن الوثائق ومهتمًا بثقافة الوثائق.
سادسًا- يقول الكتاب ص٥: إن هدف الكتاب هو التطوير، أو الارتقاء بالمستوى المعرفي للطلبة!! فهل يمكن لأحد أن يقول لنا: إن غرض كتاب في "التربية الوطنية والمدنية" هو غرض معرفي؟ فهل هو كتاب ثقافة وطنية، أم تربية؟ وشتان بين المفهومين!
سابعًا- لم يذكر الكتاب بأكمله أي فعل مستقبلي، ولم يوجه الطلبة لأي سلوك مستقبلي. وقد سبق أن أوضحت ذلك في مقالة سابقة.
ثامنًا- في وحدة المنطق، وليس التفكير المنطقي؛ تعاني هذه الوحدة مما يأتي:
-لخصت علم المنطق في وحدة صغيرة يستحيل فهمها، خاصة وأن من سيدرس الوحدة ليس مختصّا بالفلسفة!
-عرفوا التمنطق بأنه علم لغوي ص ٧٦، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق، بل تم التحذير من ربط المنطق باللغة، فالمنطق في معظمه منطق صوري رياضي، وليس لغويّا. بل قالوا: المنطق منطق، واللغة لغة.
ومن يُعمل المنطق في اللغة، يغترب عن اللغة وعن المنطق، ويقع في أخطاء منطقية!!
-حشد كل مصطلحات المنطق غير المفيدة، مثل القضية، وسور القضية الكلي والجزئي، والموجب والسالب، وأنواع القضايا.
وهي على أهميتها ليست مفيدة إلا إذا كان هدفنا تعليم مربع أرسطو! وكيف نحصل على نتائج من مقدمات!
-عرف المنطق ص٧٢ بأنه علم الاستدلال الصحيح، ولكنه تحدث عن الاستدلال ص٨٤ أي بعد درسين منفصلين! وهذا لا يستقيم؛ تعريف السهل بالصعب، أو باللا معرّف.
تاسعًا- وفي وحدة المنطق أضاع الكتاب فرصة ثمينة لإدماج مفاهيم وطنية، وإنسانية، وحياتية، وقيمية! ففي جميع الأمثلة التي ذكرها الكتاب لم نجد مضمونًا قيميّا واحدًا، ومن أمثلة ذلك:
-لا تكذب، ادرس، ما أجمل السماء! كم عمرك؟
-الجو غائم ص٧٨.
-حسن مجتهد.
-الجامعة الأردنية مقرها عمان.
-سارة متفوقة في الفلسفة"حيث لا توجد مادة فلسفة بعد".
-لا حديد يلمع.
-كل الشوارع المعبدة تصلح للسيارات.
-العصائر مفيدة.
وهكذا بقية الجمل التي كان من الممكن أن نضمنها قيمًا وطنية حقيقية.
عاشرًا- جميع الوحدات كررت أن الفكرة الرئيسة فيها هي: معرفة؛ وهذا يعني أننا لم نتقدم خطوة واحدة نحو أهداف مهارية، أو عقلية عليا، أو قيم واتجاهات، أو تفكير أو إبداع! واكتفينا من الغنيمة بالإياب.
حادي عشر- ويؤكد ما سبق في عاشرًا- أن جميع مراجعة الوحدات كانت التأكد من معرفة المعلومات.
ثاني عشر- هناك غياب للدقة والتمحيص في مواقع عديدة منها: ص٩٨ حيث عرف المحتوى الإعلامي، بأنه مجموعة من الأفكار والمعلومات…. إلخ. علمًا بأن المحتوى قد يكون معلومة واحدة، أو فكرة واحدة!
ص ٩٩ المحتوى الإعلامي يستند إلى مقومات متعددة، وكلمة مقومات غير دقيقة، وكلمة متعددة غير دقيقة! ومثل ذلك كثير!
ثالث عشر- يستسهل المؤلفون نسج حوارات وقصص ساذجة لإظهار معنى مفهوم معين، وهي قصص يمكن أن تكون مفيدة في الصفوف الثلاثة الأولى!
رابع عشر- في ص٩٨ تكمن أهمية المحتوى الإعلامي في أنه يمثل صوت الناس! فهل هذا صحيح؟ ماذا لو كان المحتوى ضد الرأي العام أو لتغييره؟ ماذا لو كان نشر إشاعة؟
خامس عشر- حمل الكتاب اسم تربوي ووظيفة، مراجع تربوي!! هل هذا يعني أن الستة والستين "قارئًا" وفريق المشرفين الرفيع جدّا وفريق المؤلفين ليسوا تربويين؟
أفهم وجود مصمم، أو مُراجع لغوي! أما وجود مراجع تربوي، فهذه خطيئة!
سادس عشر- خلت وحدة المنطق من كلمة القياس! وهي أهم مفهوم منطق عند أرسطو!
(4) مزايا الكتاب:
أشهد أن الكتاب استفاد من النقد الذي وُجّه إلى الجزء الأول؛ وهذه أدلتي:
-ركز الكتاب على إبراز دور المرأة الأردنية.
-اهتم الكتاب بذكر أسماء غير اسم الملك عبد الله الثاني؛ فذكر اسم الملك حسين ص٣١ حيث ذكر عن كرسي الملك حسين للدراسات، ثم ذكر فكر الملك حسين، واستجابته لاتفاقية التضامن العربي التي حدثت في عهده ص٣٠ وذكر اسم الملك عبد الله الأول الملك المؤسس ص٣٠ وكذلك اسم الملك طلال الذي وقع اتفاقية الدفاع العربي المشترك!
-أبدع الكتاب في "سرد" تاريخ فلسطين، ومقاومة الشعب الفلسطيني وصولًا إلى هجوم ٧ "تشرين"
-وصف إسرائيل بالعدو الإسرائيلي! وهذا فتح عربي خالد! وأرجو أن لا يكون ذلك التفافًا أو بديلًا لما طلبه مجلس النواب من إعادة تدريس القضية الفلسطينية.
-إخراج الكتاب على درجة من الجمال. وأخيرًا بذلت منسقة الكتاب جهدًا مشكورًا.
(5) مقترحات:
تصحيح الأخطاء برسالة سريعة
- تدريب المعلمين على وحدة المنطق.
- إجراء التعديلات في الطبعة القادمة،
بشكل عام.. عزيزي المواطن، هل رأيت تقدمًا؟
مرة أخرى
فهمت عليّ جنابك؟!