«ملك إسرائيل» هو مصطلح يملك إرثا دينيا بحتا حسبما ورد في العهد القديم حيث طلب بنو إسرائيل بعد دخولهم أرض فلسطين قادمين من مصر، طلبوا من النبي صموئيل اختيار ملك لهم يقودهم في الحرب ضد العماليق أي «الفلسطينيين» وضد سكان «ادوم»، فاختار لهم صموئيل «طالوت» أو «شاؤول» الذي انتصر على «جالوت»، وأعاد لهم حسب العهد القديم «تابوت العهد» الذي كان فيه التوراة، بهذه الخلفية اكتسب المصطلح قداسة خاصة هي قداسة الظفر والانتصار والاقتدار لدى اليهود بعامة والاحتلال بخاصة ولهذا تم إخراجه من سياقه التاريخي الديني وتوظيفه توظيفاً ظرفياً وسياسياً وإطلاقه على بعض الشخصيات «الإسرائيلية» من باب التمجيد والتقدير والافتنان بقدراتها.
كان أرييل شارون أول من لقب «بملك إسرائيل»، فالرجل لم يهزم في أي معركة قادها أو تولى مسؤولية التخطيط لها، وكانت خطته في اختراق «ثغرة الدفرسوار» في حرب أكتوبر عام 1973 والالتفاف حول الجيش المصري ذروة «الصيت والقدرة»، أما حامل اللقب بعد شارون، فهو بن يامين نتنياهو الذي احتفظ بأطول فترة رئاسة لحكومات دولة الاحتلال منذ انشاء الكيان قبل 75 سنة، ولكن لن تتخيلوا مثلاً أن الشخصية الثالثة التي ستحوز على هذا اللقب وبتقديري الشخصي هو «الارهابي ايتمار بن غافير في رصيده الاجرامي 53 لائحة اتهام بقضايا جنائية»، وبن غافير ينحدر من أصل «كردي عراقي» أي ليس «اشكنازيم» ليس أوروبيا والذي نشأ في منطقة (مَفسيرت صهيون)، إحدى ضواحي القدس الفقيرة والبائسة والتي تكونت بالأصل لتكون مسكنناً مؤقتاً للمهاجرين اليهود القادمين من كردستان العراق.
والسؤال المفترض لماذا بن غافير هو المرشح بعد شخصيات تاريخية ومهمة مثل شارون ونتنياهو دون غيره؟
الجواب هو: أن الأكثر تطرفاً في منظومة الاحتلال هو من يستحق لقب «ملك إسرائيل»، لأن هذا الكيان يُعظم القتل كمعيار ديني وأخلاقي عن أي معيار آخر، وبن غافير هذا القادم من المجهول ومن وسط اجتماعي شرقي ومتواضع للغاية، وبقدرات علمية وفكرية متواضعة للغاية، قفز وبسبب تطرفه ودمويته إلى مرتبة صانع القرار الأول في إسرائيل، ونجح بسبب هذه التكوين العنصري الحريدي المتدين ليكون الشريك الاستراتيجي مع نتنياهو في الحكومة الحالية ممثلاً لحزب القوة اليهودية (عوتسما يهوديت) الذي حاز بتحالفه مع حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتيرش على 14 مقعداً، وبات هذا التحالف هو بيضة القبان في الحكومة الحالية وعملياً أصبح بن غافير الرئيس الحقيقي للحكومة، وأن نتنياهو «أسيراً» لديه أو لهما، وأنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار حاسم في مسألة الحرب على غزة أو الأوضاع في الضفة إلا بالعودة لبن غافير وسموتيرش.
الخلاصة والحقيقة الصعبة أن المجتمع الاسرائيلي بعد السابع من أكتوبر وبكل ما نتج عن ذلك من ارتدادات على الصعد كافة، وبعكس توقعات الكثيرين من المختصين بالشأن الإسرائيلي سيكون مجتمعاً أكثر تطرفاً وسيكون أكثر قرباً من «صهيونيته المتوحشة»، وأكثر ابتعاداً عن أدميته المفترضة»، وأن بن غافير أو أي خليفة له سيكون عنواناً لهذه الدولة المستوحشة الفاشية.
الرأي