الأردن في مربع آسيا الذهبي!
د. حازم قشوع
03-02-2024 02:17 PM
تعتبر الرياضية أحد أهم أدوات قياس ميزان التطور والتنمية عند المجتمعات، فكلما كانت الرياضة في معدلات مرتفعة ومنازل عليا كان مؤشر المجتمع والدولة في المكانة الأفضل، هذا ما تقوله العلوم المعرفية وما تؤكد عليه السياقات التاريخية لميزان التقدم عند المجتمعات، فالفن كما الرياضية والأدب كما العلوم ترتقي عندما تستقر حركة المجتمع وتنمو عندما يصبح ميزان الانتماء والولاء مبشر لكون هذه المعادلة تعتبر خلطة إرادة وقاعدة اقتدار، وهو ما يدل بالمحصلة على مقياس الوطنية والإحساس بالمسؤولية العامة والقدرة على توظيف الطاقات الوطنية لتحقيق علامة فارقة عند المجتمعات ترتقي كلما ارتقت فيها المنزلة.
ظاهرة المنتخب الوطني في بطولة اسيا هي ظاهرة تستحق الثناء كما تستوجب الدراسة حتى يتم إسقاط نموذج الفريق الوطني على منازل الحياة العامة بكل ما فيها من شخصيات وطنية في المجالات السياسية والأكاديمية والمعرفية والأدبية والفنية والاعلامية وحتى الأمنية بهدف صناعة نجوم تحمل وطن السمة الفارقة عبر إيجاد برنامج خاص يعنى بصقل المواهب وتطوير الذات وبناء القدرات ضمن الإطار الجامع ل "رسالة أمة في وطن".
وهو النهج الذي كان قد دعى لإيجاده الأمير الحسين ولي العهد في بناء الموارد البشرية وتطوير الذات الوطنية، وهو البرنامج الذي بحاجة الى هيئة مستقلة تعنى بمسألة بناء القدرات وتهدف للارتفاع ببرنامج النماء الوطني الذي يعنى بالموارد البشرية ويعمل من أجل توظيف قدراتها في خارطة الحياة العامة بكل جوانبها بهدف تسهيل اعلام النجوم في وطن النجوم.
فكلما أصبح المجتمع "وطن نجوم" حمل معه الدولة ومؤسساتها واصبح معرف بميزان التميز وليس فقط مشفوع بعامل الارادة فإن الوصول للقمة مهم لكن المحافظة عليها بحاجة لمأسسة تعنى روافدها وحواضنها هو العنصر الأهم في ميزان التقدير العام، فالمبادرات الذاتية مهمة لكن الاهم منها هي مسألة ايجاد محتوى حاضن لهذه القدرات بحيث يكون عامل للتطوير مؤسساتها للعامة وليس فقط الوقوف على ذاتية ما تحمل من ارادة صلبة استطاعت أن تجعل من الحلم الاردني يتحقق في الثوب الذهبي للرياضة العالمية وتجعله يكون في مربع آسيا الذهبي.
من حقنا ان نحلم بعودة النشامى للأردن محملين بكاس آسيا، ومن حقنا ان نفخر بهذا الانجاز الذي تحقق بفضل رعاية ولي العهد وجهود الأمير علي واجتهادات الجهاز الفني والإداري ومجهود نشامى منتخبنا الوطني، لكن من الواجب علينا البناء على ما تم إنجازه ودعم المنتخب الوطني بما يستحق كونه أول المتأهلين العرب للمربع الذهبي.
وهو المنتخب الذي بات يعول عليه في انتزاع بطاقة التأهل لنهائي البطولة، وهو ما يعد انجازا كبيرا جدا للرياضة الاردنية كما هو إنجاز للدولة الأردنية بكل مؤسساتها، لكن من واجبنا أن نلتفت لحواضن العمل في المنشآت التي مازلت عناوينها على حال التأسيس واصبحت بحاجة الى وثبة حقيقية تقدم استاد يليق بالاردن عبر عنوان مدينة رياضية جديدة ومدينة طبية جديدة ومسارح ثقافية جديدة حتى لا تبقى صورة الماضي الذهبي في الأذهان قيد المقارنة مع قضية الحاضر المعاش !..
صحيح ان المؤسسة الامنية والعسكرية في تطور لافت وأن الصورة الخارجية للدبلوماسية الأردنية اصبحت ايقونة عمل تدرس بفضل جهود جلالة الملك القائد، لكن ما هو صحيح ايضا ان الاداء الداخلي مازال محدود لم يرتقِ لذات المنزلة التي نريدها بعد، لان المقياس الداخلي للبيان بحاجة لإصلاح جوهري وليس لبيان شكلي بحيث لا يبقى يجيب على الاسئلة لغايات الإجابة الموضوعية وهو يشكل بيت القصيد وعنوانه ويعتبر جملة الفصل التي من المهم التوقف عندها ... فلقد حان موعد الاجابة عن الاسئلة لكن بعد أن نفرح بالإنجاز التاريخي للدولة بوصول الاردن لمربع آسيا الذهبي.