في القمة العالمية للحكومات التي ستعقد في دبي في الربع الأول من هذا الشهر، يبرز محور رئيسي حول التوسع الحضري وأولويات الصحة العالمية. يُعد هذا المحور أساسيًا في تحديد ملامح المدن المستقبلية، حيث يركز على خلق مدن مستدامة، صحية، وشاملة تلبي احتياجات السكان المتزايدة في عالم يشهد تحديات معقدة.

التوسع الحضري المتسارع يطرح تحديات وفرصًا كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالصحة والرفاهية. يمكن للحكومات والمجتمعات العمل على تحويل هذا التوسع إلى فرصة لإنشاء بيئات حضرية تعزز الصحة والاستدامة. يتضمن ذلك تطوير أنظمة تنقل مبتكرة وسهلة الوصول تقلل من التلوث وتحفز على الحركة والنشاط.

أحد الأساليب الفعالة لتحقيق هذا الهدف هو تبني مفهوم "المدن الذكية"، الذي يستخدم التكنولوجيا لتحسين كفاءة الخدمات الحضرية وجودة الحياة. يشمل ذلك استخدام البيانات والتكنولوجيا في إدارة الموارد الطبيعية، وتحسين أنظمة النقل، وتوفير خدمات صحية أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المدن التركيز على التصاميم الحضرية التي تعزز الصحة والرفاهية. هذا يشمل إنشاء مساحات خضراء، تعزيز النقل المستدام مثل الدراجات والمشي، وتوفير بنية تحتية تسمح بسهولة الوصول إلى الخدمات الصحية.

من جهة أخرى، يجب على المجتمعات تبني ممارسات تعزز الصحة العامة. يتضمن ذلك تشجيع أسلوب حياة صحي، مثل التغذية السليمة والنشاط البدني، وتحسين جودة الهواء والماء.

كما يلعب القطاع الخاص دورًا حاسمًا في هذه العملية. يمكن للشركات والمؤسسات الاستثمار في تكنولوجيا صديقة للبيئة وتطوير مشروعات تعمل على تحسين الحياة الحضرية، مثل مشاريع البناء المستدام وتطوير البنية التحتية الخضراء.

لذلك يجب على الحكومات والمجتمعات الدولية التعاون وتبادل الخبرات والأفكار لتطوير حلول مبتكرة تلبي الحاجات الصحية والحضرية المتغيرة. يمكن للتعاون الدولي أن يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الصحة العالمية من خلال تبادل أفضل الممارسات والتكنولوجيا.

يشكل التطور العمراني والتحديات الصحية العالمية عقبة مهمة وفي نفس الوقت فرصة عظيمة لرسم ملامح مستقبل المدن. بالاعتماد على الابداع، التقنيات الحديثة، والتعاون المشترك، يمكن للمجتمعات أن تحول المدن إلى نقاط إشعاع للحياة الكريمة والنماء في عصرنا الراهن. توفر القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي منصة قيمة لإرساء دعائم هذا الأفق المستدام والمفعم بالصحة.

تمثل هذه القمة العالمية للحكومات محطة هامة لصناع القرار في الحكومات لتبادل الرؤى واستقاء أبرز الاتجاهات العالمية في هذا السياق.

*خبير التدريب والتطوير //كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية