facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ارتحالك .. اسطورة شتاء


أحمد سلامة
01-02-2024 12:57 PM

في إحدى اساطير الارتقاء العربي بالاندلس عثر على مقبرة للمسلمين في طليطلة، ضمخت جماجم الموتى يرحمهم الله فيها اثار خيوط دم.. وتوهم بعض البحاثة، ان مقبرة لمجزرة وقعت اثناء تعدد الحروب هناك لكن تبين في البحث والتمحيص ان القصة مختلفة… (ان بقية هذه الدماء على الجماجم سببها سرعة المسلمين في الدفن (وتهييل) الدبش، والحجارة والتراب المحصوص بفوضى التأكيد على حكمة باهظة
في قسوتها (اكرام الميت دفنه) وتجري عملية الدفن بسرعة طائشة فتترك الجماجم مكسورة…

نحن بعض أمة لا تتقن فن الوداع وتجهز على ميتها بحجة تكريمه فتسارع في دفنه دون ترو ودون ذكر للخصال والسجايا

لست ادري لماذا احاطت هذه القصة قلبي وروحي وانا اهم في لظم حروف مرثيتك ايها الجليل صلاح ابو زيد يرحمك الله!!!… اشهد الله
اننا لم نتقن فن وداعك ايها الجليل ولقد ولدت غريبا وقاتلت وحيدا ومت بعيدا يرحمك الله..

ادري ان العصر الامبريالي الامريكي الذي بسط سطوته على القمر قبل ان يهيمن على الكرة الارضية برأسمالية فردية قبيحة وبغيضة اتت على قيم الاسرة المقدسة فاستباحتها.. قد اتاحت ان يكون وداعنا لـ صلاح ابو زيد بهذا البرود.. واسأل الأنه اختار الشتاء فصلا للرواح جاء حزننا عليه (باردا حد التجمد، حد البهوت) ام لان اساطير الشتاء تليق به وحده فهو الريح القاصفة والحنجرة العاصفة فدوى لـ عيون الوطن

(بورك الدم يا كرك، بورك الدم يا خليل، بورك الدم يا سلط، وبورك الدم يا نابلس، بورك الدم يا اربد، وبوركت مآذن القدس واجراس كنائسها)، وعاد يكرر اللازمة بورك الدم يا كرك .. من دون ان يذكر اسم (هزاع) زف بشرى استشهاده للامة !!

هذا الذي كان يثور الكون بطريقته الايحائية هو صلاح ابو زيد

… هو صلاح ابو زيد الذي زم الاغنية الى التعليق السياسي الى الخطاب السامي الى تعريب النص الاذاعي فصارت (ام الحيران) في زمنه
(محبرة الامة) وبعد ان غادرها اضحت ام الحيران (مقبرة)

سمعت بعض خطباء الزمن الصعب زمننا هذا يقول (إن شرعية عبدالله المؤسس، قد قامت على عقدنا معه بالحرية والمرونة) وربما ان الخطاب قد قيل في يوم ان اسلم صلاح ابو زيد روحه لخالقها كانت اغفاءة ذلك الطود اذنا لثقافة جديدة تسري في عروق الشباب الجدد للدولة المئوية تسويغ شرعيات للحكم الهاشمي يا الهي

حسنا ان (صلاح) قد انتقل الى جوار ربه والا لو سمع ذلك اعتقد انه جن جنونه لان (الهاشمي) لم يأت باحثا عن شرعية في بلاد الشام
ايها الشباب النواب انما هو من وهب الشرعية للجغرافيا بتاريخه ومنح الشرعية للحكم بفلسفة حكمه هو وارتقى بالناس الى فكرة الملك والملكية وكانت اخر ملكية عربية في بلاد الشام قبل الهاشمي قد انطوى علمها منذ العهد الاموي عروبة الشام دونها السيف من استرد هذا الموقف الخالد (لـ خالد بن الوليد)

كان هو فيصل بن الحسين في مزرعة ال البكري في القابون حين (زت شماغه وعقاله) وصرخ في قادة حزب العربية الفتاة (طاب الموت يا عرب) احتجاجا على مذبحة عالية ومشانقها سنة ١٩١٦م…

هو وحده صلاح ابو زيد من صنع من شرعية الحكم الهاشمي في بلاد الشام اغنية وقصيدة وشعارا ينادي تابعيه لقد كرس صلاح ابو زيد
شرعية حكم مليكه الذي آمن به ايمان العجائز

ولقد صنع صلاح ابو زيد مجدا ثقافيا في عمان من فيروز (اردن ارض العزم) حتى سميرة توفيق (حنا كبار البلد) ومن سماهر حتى سلوى
ومن جميل العاص حتى توفيق النمري (ضمة ورد من جنينتنا)

كان صلاح اول الرد على الناصرية المستبيحة لكل شيء واوقفها اعلاميا في معارجه الابداعية وتصدى للبعث المشاكس وبنى على الدوار الثالث بدعم من الجيش منارة (الله الوطن الملك) هذه الثلاثية من صنعها صلاح ابو زيد في ليلة واحدة وفاجأ بها الاردن كله

في إحدى ليالي شتاء لندن المستبد جلسنا ثلاثتنا سمير الرفاعي وهيا (كريمة صلاح) وانا في بهو فندق ال (الرويال غاردن) واستدار الحديث الى ليلة اصطحاب (ابو عماد) إلى السجن كانت (هيا) اذ تشرفت بتلازمها في المقر السامي في تسعينيات القرن الماضي
حين تم الافتراء (على صلاح) واودع السجن مثل كل النبلاء في التاريخ ابن زيدون ابن خلدون والحلاج وليس اخرا عبد الحميد الكاتب
كانت هيا تلك الليلة لم تزل طفلة ساظل اذكر طوال ما تبقى لي من العمر كيف كانت سردية (هيا) لتلك الليلة لا يشفى صاحبها او صاحبتها من وجع طفولي للنكران والحزن والضياع واقول الان بما يشبه البوح الاليم (ان رواحي خمسة عشر سنة الى البحرين) كان في احدى حلقاته الخفية محكوما لسردية هيا ابو زيد لوالدها صوب السجن وهي طفلة ولقد بذلت كل ما استطيع حتى الان تجنيب الابناء وهم اطفالا تلك المرارة التي استشعرتها في حوار لندن وذكريات المر…

السؤال: ما الذي فعله صلاح ابو زيد كي يذهب للسجن !؟

لقد اقترف خطيئة في ظني انه لم يقبل الانتساب لشلة ولم يهادن ولم يزر سفارة في ليل ولم (يطعج) على حزب معارض ليستقوي به
ظل فردا سيفا مقاتلا واحدا فاردا صدره للريح في وجه الطغاة وظل (يقف ويأكل وينام ويصحو بين اكياس الخنادق في الحجابات التي تذود عن الوطن)

كان صلاح وطنا في رجل… اخر لقطة خلدتها له الكاميرا الاردنية كان يقف في جوار الحسين رحمه الله وفي جواره الغالي علي الفزاع
يرحمه الله في مدينة الحسين الطبية بانتظار ان تحط الهيلوكبتر التي تقل (المرحوم الشيخ احمد ياسين) كاحدى شروط الرضا الهاشمي
على البغيض نتنياهو ما غيره.. كان الليل في آخره وكان صلاح ابو زيد نضرا باشا فخورا مبتسما ليس مثله ذلك الرجل الذي يعبر بملامحه عن النصر والعزة الوطنية

ليلتها كانت عمان عاصمة الدنيا وكان الحسين رضوان الله عليه صانع الادوار ومدور الزوايا وجاعل العدا يتطامنون امام بريقه وكان صلاح ابو زيد الصورة الاجلى للزهاء الوطني بفرحة ملامحه…

اخر مرة رأيته فيها قمرا كانما بزغ فجأة من وراء تلة ليضيء الكون كله حين سجل الحسين نصرا سياسيا تاريخيا على نتنياهو الصغير حين
كان خالد مشعل (ولدنا) واحمد ياسين يستقبل ابو عمار من تحت رعاية الحسين في ديارنا

صلاح ابو زيد.. اول الاعلام واخر الاعلام اول من صنعه واخر من ترك فيه الاثر المذكور… التقيته اول مرة كنت في معية سماحة الحاج محمود سعيد في شهر نوفمبر عام ١٩٩٠م في دارة رجل الدولة الاستثناء دولة ابو سمير (زيد الرفاعي) اطال الله من عمره ذهبت لاقدم له اول كتاب لي (الهاشميون وفلسفة الحكم) ووقعت عيني اول مرة على معالي الاستاذ صلاح ابو زيد فاجأني بقوله (اين نسختي يا احمد)
احب قلمك تعال غدا صباحا الى البيت وانتظرك لافصحك بالاعلام والصحافة واذعنت برهبة وبلهفة ورغبة كنت بين يديه في مكتبه على يمين مدخل الدارة الادفأ في اول الشميساني ولم انقطع عنه سوى بالغربة حين فرقتنا

وتشرفت بمزاملته برهة من الزمن الحسيني البهي في المقر السامي اول مرة احضر له درسا في الاعلام حين استأذن سيدنا الحسين (باستقبال عماد الدين اديب) قبل ان يجري المقابلة التلفزيونية المشهورة حين اشعل الحسين سيجارة عماد الدين اديب… قال له صلاح ابو زيد: اسمع يا عماد انت تدخل بعد قليل لتلتقي اشرف ملك نسبا وخلقا ومروءات.. إن هذا الحسين به واحد بالمية ملك وتسع وتسعين بالمية انسان، سخر مهاراتك في التركيز على ال ٩٩ بالمية

يا لنبلك ايها السيد في قومك لم تعرف الكراهية في حياتك قط كنت كبيرا وكريما وحميما

لقد آثرت الصمت في اواخر عمرك لكن صمتك كان ابلغ من كل ما كتبه غيرك وابتعادك ظللت من خلاله اقرب الى الاردن بكل تفاصيله من حبل الوريد لم تساوم ولم تشكك..

صلاح ابو زيد حياتك تمثل اجمل قصة حب للاردن فانت مثلا ناصعا للعصامية التي بسطت جبروتها على كل الفناء وأنت جرح لم يساوم وانت جرح تذكر كل من يحب ان يتذكر ان قسوة من غير سبب تقع من دون سبب وتستبدل من غير سبب وتختفي ولا تذكر دون العثور على السبب

يا صاحب المعالي بعطائك وتضحياتك ونقاء سفرك الوطني مت يرحمك الله نودعك بعبارت صادقات حارة ونستذكر مسيرتك المجيدة لتبقى فينا عبرة وموعظة حسنة

اصدق العزاء للزميلة والصديقة الغالية هيا التي اختصرت المراحل كلها بفطنة وموهبة وغادرت بصمت الى ميادين رحبة والعزاء كله للسيدة الاستاذة ايمان وليس اخرا من تكنى الكبير باسمه لـ عماد البكر الطيب ولكل افراد العائلة عوضنا الله لفراقه بكم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :