تحقيق التنمية المستدامة في عصر الرقمنة
صالح سليم الحموري
01-02-2024 11:21 AM
في القمة العالمية للحكومات المقرر عقدها في دبي في الربع الأول من هذا الشهر، تبرز أهمية تعزيز وتيرة النمو والتغيير لحكومات فعّالة كأحد المحاور الرئيسية. لقد شهدنا في السنوات الأخيرة تسارعاً في مبادرات الحكومات الرقمية التحويلية، والتي أثرت بشكل كبير على منظومة الخدمات العامة وطرق تقديمها. هذا التحول الرقمي فتح بابًا لفرص جديدة، وفي الوقت نفسه أبرز تحديات عديدة، بخاصة فيما يتعلق بضمان إتاحة الخدمات لجميع شرائح المجتمع وتعزيز التنمية الاقتصادية.
أولى الخطوات الأساسية في هذا السياق هي فهم ومعالجة الفجوة الرقمية، لذلك يجب على الحكومات أن تضع في اعتبارها أن التكنولوجيا ليست متاحة بشكل متساوٍ لجميع الأفراد مثل الفئات المهمشة أو ذات الدخل المحدود، وكذلك المناطق النائية، غالباً ما تجد صعوبة في الوصول إلى الخدمات الرقمية. لذلك، يجب على السياسات الرقمية أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الفوارق وتعمل على سدها.
من الضروري التركيز على بناء البنية التحتية الرقمية بشكل يشمل جميع المناطق والشرائح السكانية. وهذا يتطلب استثمارات كبيرة من الحكومات والتعاون مع القطاع الخاص. كما أن تعزيز مهارات الأفراد وتوفير التدريب المناسب في مجال التكنولوجيا يعتبر عنصراً أساسياً لضمان قدرة الجميع على استخدام هذه الخدمات بفعالية.
علاوة على ذلك، ينبغي للحكومات أن تولي اهتماماً خاصاً لحماية البيانات وأمان الشبكات الرقمية. مع تزايد الاعتماد على الخدمات الرقمية، تصبح مسألة الأمان السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى. لذلك يجب أن تكون البنية التحتية الرقمية قوية وآمنة لحماية المعلومات الشخصية وضمان استمرارية الخدمات.
إن التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومات في عصر التحول الرقمي ليس فقط في تبني التكنولوجيا، بل في ضمان أن هذا التبني يخدم جميع أفراد المجتمع. وهذا يتطلب هذا تعاوناً دولياً وإقليمياً، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات. كما يتطلب من الحكومات أن تكون مبتكرة في تقديم الخدمات الرقمية بطرق تحترم التنوع وتعزز الشمولية.
في نهاية المطاف، الهدف هو تحقيق التنمية المستدامة في عصر يتسم بسرعة التغيرات التكنولوجية. لتحقيق ذلك، يجب على الحكومات التركيز على استراتيجيات تضمن أن التقدم التكنولوجي يخدم الجميع، وألا يتخلف أحد عن الركب في هذه العملية العالمية المتسارعة.
حضور القمة العالمية للحكومات من قبل صناع القرار سيتيح لهم التعرف أكثر على التغيرات في هذا المجال ومناقشة سبل وإمكانية إيجاد حلول للتحديات التي تواجهها الحكومات.
* صالح سليم الحموري /خبير التدريب والتطوير /كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.