المخدرات .. غزة .. أكبر من ندوة
بلال حسن التل
01-02-2024 12:57 AM
تطلق جماعة عمان لحورات المستقبل، في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح بعد غد السبت في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي حملتها الوطنية لمحاربة آفة المخدرات وخطر تهريب الأسلحة من خلال ندوة وطنية تنظمها بالشراكة مع جهاز الأمن العام، حيث ستناقش الندوة مجموعة من أوراق العمل المتخصصة، والتي أعدتها مجموعة من ذوي الاختصاص.
وتأتي خطوة جماعة عمان لحوارات المستقبل هذه اولا ترسيخا لمبدء التشاركية بين المؤسسات الحكومية وبين مؤسسات المجتمع المدني، الذي تنصرف بعض مؤسساته للأسف الشديد عن التصدي للمشاكل الحقيقة التي يعاني منها مجتمعنا، والتحديات التي تواجهه، وتصرف جهدها لخدمة أجندات جهات التمويل الأجنبي، وهي أجندات في غالبيتها الساحقة تهدف إلى تمزيق مجتمعنا، وتعميق مشاكله وتشويه انتماؤه الحضاري.
كما تأتي خطوة جماعة «عمان لحوارات المستقبل» ثانيا إدراكا من الجماعة لخطورة ما يجري على حدودنا الشمالية والذي صار لا بد معه من قرع أجراس الخطر للانتباه من ما يهددنا جميعا، والذي يحتاج إلى ما هو أكبر من ندوة، إلا إذا كانت الندوات طريقا لبناء الوعي على الخطر الذي واجهنا، من خلال تهديده لأمننا في مستوياته كلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن ثم وضع خطط وآليات مواجهة هذه الأخطار استنفار قوى المجتمع مواجهتها، ذلك أن ما يجري على حدودنا الشمالية ليس عمليات تهريب للمخدرات والأسلحة فقط على خطورة المخدرات والأسلحة، وتأثيرهما على زعزعة استقرارنا، وإضعاف قدرت مجتمعنا على العطاء والإنتاج، خاصة وان المستهدف الأول للمخدرات هم الشباب الأردني الذين هم النسبة الاعلى من عدد السكان وعصب الإنتاج، وهم كل المستقبل الذي لا بد من أن نحميه، حتى ينعم أولادنا بالاستقرار والطمأنينة.
إن المتأمل في ما يجري على حدودنا الشمالية، يدرك تماما أننا نواجه نوعاً من أنواع حروب الجيل الرابع التي تفتك بالمجتمعات دون إراقة دماء، بل من خلال إنهاكها من الداخل فيسهل على عدوها السيطرة عليها لأنها تصبح مجتمعات مسلوبة الإرادة، وفي هذا المجال نستذكر محاولة العدو الصهيوني إغراق شباب الأرض المحتلة عموما وشباب قطاع غزة على وجه الخصوص بالمخدرات، حيث حقق في البداية نجاحات ملحوظة، حتى هيأ الله لغزة كوكبة من الدعاة على رأسهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين فاعادوا تحصين المجتمع الغزي، وتربيته تربية إيمانبة فصار القطاع هو الكابوس الدائم للاحتلال، وهو صانع انتصار السابع من أكتوبر الذي زلزل كيان الاحتلال. وهو الانتصار الذي تعقد ندوة يوم السبت في ظلاله علنا نستفيد من درس غزة في مواجهة المخدرات، لذلك فإن علينا نوقن بأن ما يجري على حدودنا الشمالية هو حرب حقيقية عنوانها الظاهر تهريب المخدرات والأسلحة، تهدف إلى الهاء شبابنا وإضعافهم من خلال إغراقهم بالمخدرات لتحقيق أجندات سياسية ومذهبية، تقف ورائها دول تختبئ وراء عصابات ومليشيات يفوق عددها وفق المعلومات الأمنية المئة وستين (١٦٠) تشكيلاً عصابياً، تم تسليحها بأسلحة ثقيلة، مما تتسلح به الجيوش، كالصواريخ متعددة الأنواع، والطائرات المسيرة، والمدافع الرشاشة، والألغام المضادة للأفراد، والبنادق الحربية المزودة بمناظير قنص، مما يذكرنا ببعض ما يجري لأهلنا في قطاع غزة، ويؤكد الرابط الخفي بين الحربين على قطاع غزة وعلى حدودنا الشمالية، فإذا أضفنا إلى ذلك أن العصابات والمليشيات التي تستهدفنا من حدودنا الشمالية لا تكتف باستهدافها لبلدنا، بأسلوب عصابات التهريب من خلال محاولة التسلل سرا، بل تلجأ إلى اسلوب الاشتباك مع قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وبأعداد كبيرة تصل إلى المئات في معارك تدوم لساعات طويلة، مما يؤكد أن وراء الأكمة ماوراءها من أخطار لا تستهدف بلدنا فقط لكنها تستهدف جوارنا العربي وعبره الكثير من دول العالم، اي ان بلدنا يخوض الحرب على حدودنا الشمالية نيابة عن العالم كله. مما يستدعي هبة إقليمية ودولية لمساندة الأردن في حرب المخدرات والأسلحة المهربة.
حتى تتم هذه الهبة علينا أن نعتمد على ذاتنا، وأن ننخرط جميعا في معركة الوطن الدائرة على حدودنا الشمالية، ذلك انه اذا كانت قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية كفيلة بالجانب العسكري والخشن من حرب تهريب المخدرات والأسلحة، فانه يقع على عاتقنا نحن في المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولية مقاومة الجانب الناعم من هذه المعركة، من خلال حماية ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، حتى لاتؤتى من حيث لا تحتسب، كما حصل في الإشتباكات الأخيرة عندما تم إطلاق النار على قواتنا المسلحة من الخلف، مما يثبت أن للعصابات المرابطة على حدودنا امتدادات داخلية، علينا أن نكون عونا في اكتشافها، من خلال بناء الوعي المجتمعي على خطورة عصابات تهريب المخدرات والسلاح ورعاتها من أصحاب الأجندات السياسية والمذهبية وإمتداداتها الداخلية وما يمثله ذلك كله من خطورة.
الرأي