الاصلاح باللجان .. وصفة اردنية بامتياز
حسين الرواشدة
16-03-2011 02:42 AM
فيما اعلن الاسلاميون "قرار" تعليقهم المشاركة في لجنة الحوار الوطني "تفاجأوا" بوجود ثلاثة من "حمائم" الحركة بين الاسماء الـ 52 ، وفيما كان الكثيرون يراهنون على وصفة "اصلاحات" شاملة تستند الى مرتكزات واضحة وتشكل تحولا ديمقراطيا حقيقيا وسريعا ، اكتشفنا ان مهمة لجنة الحوار الوطني تقتصر على اعداد قانون الاحزاب والانتخاب فقط ، وفيما كنا ننتظر نتائج اللجنة التي شكلتها الحكومة لكشف "البلطجية" الذين اعتدوا على المحتجين في ساحة المسجد الحسيني ونتساءل عن اسباب التأخير في احالة "المتهمين" للقضاء ، فوجئنا -ايضا - بدعوات "بلطجة" جديدة تهدد باقتحام منازل المعارضين ، وفيما كنا نتوقع ان نسمع عن احالات جادة لرؤوس الفساد الى المحاكم وفتح ملفات دسمة دارت حولها "شبهات" وسجالات طويلة اقتنعنا الآن - للأسف - ان كل ما قيل عن الفساد مجرد شبهات واشاعات ، وان بلادنا "والحمد لله - لا تعاني من اي فساد ، كما ان ذمة المسؤولين المتهمين نظيفة وانقى من "الثلج" الذي لم نره هذا العام.. وفيما... وفيما انتهى المشهد واسدلت الستارة ، وكل عام ونحن بخير.
كنت اخشى ما اخشاه ان نذهب الى العناوين "الغلط" او ان نلتقط ذبذبات الناس ومطالبهم بأجهزة استقبال "رديئة" تعجز عن فك شيفرة اصواتهم ، او فهم رسائلهم المختلفة ، لكن يبدو ان ذلك -للاسف - قد حصل ، وحسب اي مراقب لما جرى على امتداد الشهر الماضي منذ تشكيل حكومة الدكتور البخيت ان يدرك ذلك بكل وضوح ، فقد تمخضت كل الوعود التي انطلقت لتطمين الناس على ان "الاصلاح" قادم وسريع في تشكيل لجنة للحوار لا احد يعرف كيف تم اختيار المشاركين فيها ولا احد يمكن ان يتنبأ بمصير الاقتراحات التي ستقدمها ، وفيما اذا كان البرلمان سيوافق عليها ام لا؟ هذا بالطبع اذا افترضنا بأن الاسلاميين وغيرهم سيقبلون بالمشاركة فيها ، واذا افترضنا -سلفا - بان المهمة المسندة اليها كان يمكن لمجلس النواب -لو كان حقيقيا - ان ينجزها في اقل من شهر.
في قضايا مواجهة الفساد تكررت "البروفة" ذاتها فقد احالت الحكومة عددا من الملفات الى هيئة المكافحة بدل ان تحيلها الى مجلس النواب باعتباره المخوّل بمساءلة الوزراء ، ثم استدركت الحكومة واعلنت عن تشكيل لجنة "وطنية" مصغرة لفحص الملفات والتدقيق فيها ، واكتشفنا بعد ذلك ان "الهيئة" تعاني من "الفقر" في الكوادر والامكانيات وان مجلس النواب دخل على الخط للتحقيق في الفساد ، ولكن المدهش اننا - حتى الآن - لم نر أية نتيجة ، بل ان معظم اعضاء مجلس النواب قد تأخروا عن اشهار "ذممهم" المالية رغم انقضاء الفترة القانونية (وربما بعض الوزراء ايضا) ، كما ان ساحة القضاء العادل ما تزال بانتظار اي ملف يمكن ان يطال مسؤولاً سابقا تجاوز صلاحياته.
يمكن ان ادرج عشرات الملاحظات على خط سير قطار "الاصلاح" الذي وعدتنا الحكومة بأن عجلاته قد دارت ، ويمكن- ايضا - ان نطرح المزيد من الاسئلة حول "العناوين" الصحيحة التي اتفقنا على الذهاب اليها لانجاز "التحول الديمقراطي" ، لكن المسألة لا تحتاج الى المزيد من المتابعات والادلة لندرك ان "قطار" الاصلاح ما زال معطلا ، وبأن قطار نفاد الصبر يسير بسرعة جنونية ، وبأن ما جرى لا يتجاوز محاولة امتصاص غضب الشارع واحتجاجه ، والاهم من ذلك كله ان المشكلة ليست في تشكيل لجان للحوار ، واخرى لفحص ملفات الفساد وثالثة للتحقيق مع "البلطجية" و.. و ، وانما المشكلة في الحكومة التي انتظرنا "بركاتها" ولم تأت بعد ، وفي "الديمقراطية" التي يعتقد البعض اننا لم ننضج بعد للتعاطي معها (،) وفي هذا المنطق الغريب الذي نتعامل فيه مع بلدنا ومجتمعنا ، ومع هذه المرحلة الحرجة التي نعرف جميعاً استحقاقاتها ، والثمن المطلوب الذي يفترض ان ندفعه ، بدل الهروب الى المجهول.
(الدستور)