تشكو الحكومات عادة من انخفاض الثقة الشعبية وتشكو اكثر من عدم تصديق الناس لكل تصريحاتها ووعودها خاصة وعود الاصلاح ووعود مكافحة الفساد التي تستهل كل الحكومات برامجها بالعادة بطرحه وتكثيف الاسلحة لقتله وتطهير معاقله.
لكن الاجراءات الحكومية عادة ما تحقق حسن ظن الناس بها وهذا هو الشأن الوحيد الذي تكون فيه الحكومة عند ظن الناس ، وحتى نؤكد ذلك نضع بين يدي هيئة مكافحة الفساد والحكومة قصة وزراء حصلوا مؤخرا على تقاعد مقرون بالمعلولية ونسبة اعتلال تقارب الاعاقة رغم ان احدهم خدم كوزير لمدة اقل من شهرين ، فهل جاءنا معتلا؟ ام ان هموم الناس جابت له العلة ومن ثم الاعاقة.
وزراء ثلاثة في الحكومة السابقة نحتفظ بأسمائهم ونكشف مواقعهم حصلوا على معلولية يا دولة الرئيس "وزير الصحة ووزير الاشغال ووزير الزراعة" بل ان احدهم حصل على نسبة اعاقة تصل الى %65 واخر على %76 اي انه معاق بالكامل رغم انه يطمح لرئاسة جامعة حكومية مهمة ، فهل يعقل ان يكون رئيس الجامعة معتلا ومعاقا؟ قصة المعلولية ليست جديدة فقد سبق ان حصل عليها شاب يافع عمل مديرا للضمان ومديرا للجمارك وقبلها وزيرا للصحة ثم مرشحا في البرلمان لم يحالفه الحظ او حالفنا نحن الحظ ، وقبلها وزير للزراعة وسفير ونائب كلهم حصلوا على نسبة اعاقة عالية تؤهلهم ليس لزيادة الرواتب فقط بل الى الحصول على خادمة دون رسوم اقامة وتصريح عمل.
وبعد كل ما نسمع ونعرف نطالب الناس بأن تثق بالحرب على الفساد ونطالب الناس بالصبر على الاوجاع الاقتصادية وانتظار نتائج الحوار الوطني لتحقيق الاحلام السياسية ، فكم سينتظر المواطن الاردني ليرى محاسبة حقيقية للفاسدين؟ وكم عليه ان يحتمل رواتب ضخمة وتقاعدات ضخمة لوزراء وموظفين كبار ، في حين نصّم اذاننا عن مطالب عمال المياومة والموظفين الغلابى بحجة ربط الحزام وكل عجوزات الموازنة.
الان ونحن في غمرة التسارعات الوطنية نحو الحرية والعدالة الاجتماعية مطالبون بتقديم نماذج واضحة الدلالة عن جدية الحرب على الفساد وجدية الاستماع لاوجاع الناس الصادقة ومطالبهم العادلة بأن تكون الحرب على الفساد حقيقية وليس حسب درجة القرابة وحسب الموقع الوظيفي ، فنعود الى ايام الجاهلية التي كانت تحاسب الفقير وتترك الغني والقوي ، فنحن امة رحمها الله بالاسلام الذي اعلن رسوله الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم "وأيمُ الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها".
ونحن في حمى وريث الرسالة نعيد ما قاله في اخر زيارة الى هيئة مكافحة الفساد "حتى الديوان الملكي مفتوح للهيئة" ، لذا لم يعد هناك مبرر لأي مواربة في الحرب على الفساد بكل اشكاله ولنبدأ من حيث الناس المؤتمنة على حماية اموال البلاد والعباد.
الدستور.