facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




معتز عزايزة كمثال


فيصل سلايطة
31-01-2024 12:41 PM

من الحالات التي تستهوي الشارع العربي و التي بها يُفتَقد بها عنصر النقد البنّاء أو تناول الشخصيات أو الاحداث بشيء من الموضوعية و المنطقية و الحيادية في الطرح و الانتقاد هي حالة التأليه !.

وتأتي حالة التأليه من اسقاط صفة " ممنوع الانتقاد " و ما يتبعها من خصوصية تُفرض على الحدث أو الشخص من جموع الجماهير تجعله بعدها في مصاف الممنوعين من التحليل أو التشكيك أو الانتقاد أو طرح الاسئلة حتى , و حالة الصحفيّ المصوّر الناقل الأول لاحداث غزة المؤلمة " معتز عزايزة " واحدة منهم .

معتز كما عرفناه منذ بدء طوفان الاقصى شابٌّ غزّاوي كان سابقا يحمل كاميرته و محموله و يصوّر كل شيء بمحيطه , يصوّر الورود و الشروق و الغروب , يصوّر غزّة قبل أن تدمى و غيرها من المدن التي زارها , و منذ صباح السابع من اكتوبر بات يُحتِّم عليه ضميره نقل صورة غزة و اهلها كما هي دونما تجميل أو تشويه , نقل أفظع المجازر و اقسى الصور للغرب و بسببه توضّحت صورة الصراع على حقيقتها و ساهم بشكل أو بآخر بتحريك الجموع الشعبية الغربية نحو الشوارع و العواصم لنصرة المستضعفين و المظلومين في القطاع .

ما حدث مع معتز هو تماما ما حدث مع مشاهير و شخصيات و حكّام كُثر على مدار التاريخ العربي , الذين بدأوا مسيرة الشهرة بالافعال التي يراها الجمهور صائبة بغض النظر عن صوابها من عدمه , و من ثم رأى الجمهور عدم صوابية منهجهم , لينتقلوا من قمة عدم المساس إلى قاع الانتقاد بطرق شنيعة , و هنا تكمن المشكلة , فكلما اتسعت الرقعة بين الايجاب و السلب كلما كان المجتمع عديم العقلانية و عاطفته غير مدروسة أو مشوّشة .

عدم عقلانية المجتمع تتمثّل أيضا بعدة مناسبات , فمثلا منذ بدء حرب غزة بات الجمهور العربي يستهدف أي تجمّع أو احتفال أو مناسبة أو امسية موسيقيّة أو تجمع عائلي أو صورة لمائدة طعام بحجّة " غزة " و نصرة غزة , وفي ذات الوقت يسارع هذا الجمهور العربي للاحتفال بشتى الطرق بعد أي انتصار كُرويّ للمستديرة ؟ و كأنّ كرة القدم حدث واجب الاحتفال به حتى لو كانت نهاية العالم غدا ! تناقض رهيب لا أسس به ولا معايير ...و لنا أن نتخيّل امسية موسيقية في مدرّج ما تقام لأجل التبرّع برعيها لغزة ؟ ماذا كان سيفعل الشارع العربي ؟ كان سيعلّق المشانق المنتقدة لمن خطّط و نفّذ و ذهب و حضر , في الوقت الذي يرقص بالشارع بنشوى انتصار المستديرة , فماذا نفعت المستديرة المستضعفين ؟ وهنا أنا لا انتقد الحدث الرياضي من اساسه, بل انتقد بالمقارنة المعايير الازدواجية في سلوك الشارع العربي .

هذه الحالة من التأليه لاحداث و شخصيات تجعلنا في اللاوعي نضيع في فهم و تناول الاحداث , في استيعاب جدواها من عدميتها , تماما كما مع حالة طوفان الاقصى أيضا , فالبعض يرى به صافرة البدء لاجتياح غزة قُدّم للاحتلال على طبق من ذهب , بينما البعض الآخر يستميت في رجم من يتناولوه بتحليل منطقي واقعي , حالة التأليه هذه ليست جديدة على الصراع مع اسرائيل و افعالها المنبوذة , ففي الماضي الغابر راحت حالة التأليه لأبعد من ذلك عندما افتعلت وقائع اثناء الحروب " لتخدّر " الجمهور العربي بالانتصار بينما على أرض الواقع كانت النتائج احتلالا اوسع و أشمل لهذا الكيان الغاصب.

إذا في المحصلة ما حصل مع معتز عزايزة من منع لانتقاده إلى تناول سفره من غزة و انتقاده لعيش حياته بشبه سلوك طبيعي , تنمّ عن خلل عميق في غالبية العقول العربية , بالاضافة أنّه بغض النظر عن توجّهاته السياسية و كيف ينظر لحرب غزة منذ البداية هي في النهاية حرّية في الطرح يجب أن تُكفل له كما يجب أن يُشكر على ما قام به تجاه أرضه , فاختلاف البعض مع افعاله لا يجب أيضا أن تنزع عن ما قام به صفة البطولية !.

لغزة الجريحة كل امنيات السلام، ولمعتز و غيره من ابطال هذه المرحلة كل الحب، على أمل أن يعود المواطن الغزيّ لأرضه و لحياته الطبيعية في أقرب وقت ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :