صلاح أبو زيد .. "THE BEST GHOST WRITER" وواحد من ريح الحسين
أ.د. سعد ابو دية
31-01-2024 10:54 AM
كتب الأستاذ الدكتور سعد أبو دية لـ عمون عن الوزير الاسبق الراحل صلاح ابو زيد:
كان صلاح ابو زيد من اقرب الناس الى الحسين رحمه الله لانه وكما كتبت سابقا قرأ جلالة الملك من الداخل تماما كما قرأ هيكل الرئيس جمال باعتراف جمال نفسه وعندي قصة تثبت ذلك اذ انه ذات يوم كلف رئيس الحكومة اثنين من وزرائه ان يكتبا خطاب الملك وكتباه ولكن في الليل طلب جلالته صلاح وذهب صلاح للديوان وطلب منه الملك ان يكتب الخطاب فكتبه وشرب الشاي وعاد الى منزله واكد لي ابو عماد انه لم يكن ياخذ اي تعليمات من جلالته وذكرني بمقولة (ارسل حكيما ولا توصه) وذكرتني المقولة انه في احداث نيسان 1989 وكان جلالته في الولايات المتحدة وطلب من احد المرافقين الاعلاميين المحترفين كما يفترض ان يكتب خبرا لاعطائه للصحافة الاميركية فكتب هذا الاعلامي (قامت شرذمة من المواطنين .....) وغضب الملك وشطبها وكتب قامت فئة من المواطنين ولما ذهب الحسين الى معان وكنت في شرف استقباله مع الجموع التي كانت في حداء مستمر حدداء الحسين وللحسين كان جلالته منتشيا بهذا الاستقبال الاسطوري وكان اول ما قاله تعليقا عن الاحداث.. هذه سمات الشعوب الحية..
وكان لي الشرف ان اكون على طاولة الغداء في معية جلالته وكبير الامناء سمو الامير رعد والمحافظ عيد باشا القطارنة فقط ولقد استقبل اهل معان جلالته بحداء رائع جدا كنت شاهد عيان عليه، وعودة للموضوع كانت تلك السنوات سنوات التخصص في الاردن صلاح بك اعلام ذوقان الهنداوي تربية حابس المجالي جيش ونويران للحراج الامانة احمد فوزي الشنقيطي للقضاء والتربية ومحمد رسول للمخابرات ابو الهدى وسمير الرفاعي رئاسة وغيرهم وحدث دون حرج ادوار شيوخ العشائر كانوا ذوي هيبة كبيرة خبرة ومنطقا وولاء ميزهم عن ولاء العشائر في العراق التي خذلت النظام الملكي امام مجموعة ضباط ليست في وزن شيوخ العشائر الذي كان كما يقول الانجليز (LIP SERVICE) والشيء ذاته اي الخذلان كان قد تكرر في معركة ميسلون 1920 في سوريا واؤكد مليون مرة لو كان الجنود اردنيون في ميسلون لهزموا الفرنسيين واعوانهم وكان في سوريا خمسين ضابطا عراقيا كبيرا وأكيد لم تتم الاستعانة بهم او سبب اخر.. على العموم والحديث عن الولاء عند صلاح بك ان عبد الناصر عرض عليه ان ينضم للفريق الاعلامي المصري وورفض بلباقة اعجبت الملك الذي يعرف ذلك عن صلاح اذ انه في مرة استشار الملك صلاح وكانت اجابته صريحة جعلت الملك يقول له لو اجبت بغير ذلك لاتكون ابو عماد..
ومن حديث صلاح بك تعرف ان اللقاءات مع جلالته كانت يومية تقريبا في فترة المساء وفي مكان حدة صلاح بك وتنتهي بعشاء بسيط جدا (رز ولبن) من مطعم معروف. وعن رسالة جلالة الملك التي كتبها جلالته في اللحظات الاخيرة من حياته انها من صياغة الملك كلها واقول ان من مظاهر الود عند جلالته لصلاح بك ظهرت في رسالته التي وجهها لصلاح حتى يعود للعمل في معيته وكل كلمة تحمل ودا عظيما ... اما عن سر الخلاف الذي حصل ودخول السجن ارتبط بتيار ركز على ابعاد صلاح بك عن الملك وبدأ ينشط هذا التيار عام 1976 وهي السنه التي توقف فيها صلاح عن كتابة خطابات الملك وسألته عن دور رئيس الوزراء قال لا ! ولكن من الادوات وبعد ان ذهب صلاح للخارجيه اصبح سفيرا مميزا في بريطانيا وكان طريقه مفتوحا لرئيس الوزراء اذ ربطته علاقة قويه خاصه مع رئيس الوزراء البريطاني ادوارد هيث اوفي لندن حصل حادث مقتل عبد الرزاق نايف عراقي يحمل جوازا اردنيا دبلوماسيا وكتبت الصحف م عن مقتل السفير الاردني ولكن ببراعه عالج صلاح بك الموقف ..
وبعد وفاة الحسين بفتره غادر صلاح الى الامارات بدعوة من الشيخ زايدواصبح مستشارا للشيخ وسكن في منطقه فيها احلى كورنيش في العالم والتي زرته فيها ....كان يحضر للاردن وكنا نلتقي حتى مرض لما طعن في السن وتوفيت رفيقة دربه وهي سيده فاضله من حقل الاعلام ايضا تعرف عنه كل شيء وتفاعلت مع حياته السياسيه وكانت قادره ان تناقش وتقيم الامور والاشخاص وقارئه من طراز رفيع واذا ذكرت كتابا كانت تطلبه مني وكنت اوفره لها ولا اذكر انني لم ازودها يوما باي كتاب طلبته ومنها الباب الضيق لاندريه جيد وكتاب سوزان طه حسين (معك ) رحم الله صلاح رحمة واسعه وهو من ريح الحسين رحمه الله.
صلاح ابوزيد كما عرفته) عرفت صلاح ابو زيد ابو عماد وانا في جامعة اليرموك كنت اريد ان اتأكد من معلومات عن كتاب ( الحسين بن طلال 1957)قال ابوعماد لي انه هو الذي كتب الكتاب .وبعدها اصبحت ازوره بانتظام كل يوم جمعه واصبح في جعبتي كثير من المعلومات التي تراكمت في ذهني ..ومنها :
اولا: كيف بدأت العلاقه مع الملك حسين رحمه الله ؟؟قال لي ان الملك زار الرئاسة وكان الرئيس سليمان النابلسي واستمع لايجاز من ابي عماد واعجب به وقال له (احب اشوفك عندنا ) وفي زيارة ثانية كرر الحسين نفس الكلام واضاف يمكن (تحضر بعد الظهر)، وهكذا كان .
ثانيا : كان الحسين مغرما بالاعلام والاذاعه والاتصال ووجد في ابي عماد مايحتاجه في صياغة الخطابات (جوست رايتر)واصبح ابو عماد كاتبا لخطابات الملك ومثلما قرأ هيكل عبد الناصر من الداخل قرأ صلاح الملك من الداخل وظل مع الحسين حتى عام 1976 اذ انتقل للخارجيه وزيرا ثم اصبح سفيرا في لندن على غير رغبته .
ثالثا: وبسبب قربه من الحسين وحب الحسين للاذاعه فان ابا عماد ابدع في الاذاعه وكل النهضه الفنيه التي حصلت في الاذاعه في اواخر الخمسينات واوائل الستينات كانت من بصماته القويه كان رجلا اعلام وفن ويهتم بالخبر الاردني اذ انه هو الذي لفت الانتباه للخبر الاردني لما لاحظ التركيز على اخبار العالم وخلو نشرة الاخبارمن خبر واحد اردني وكل النهضه الفنيه الكبرى التي لم تتكرر في تاريخ الاردن كانت من صنع يديه واستعان يومها بلبنان وجاءت فيروز وسعيد عقل وزكي نصيف واهم شيء انتبه اليه انه عندما استعان بسميره توفيق انها غنت بلهجه اردنيه متقنه وهذا لاينتبه اليه من استعان باللبنانيين هذه الايام اذ انهم يتحدثون باللهجه اللبنانيه وهذا غير مستساغ وغير ناجح ولايمكن ان ينجح واعلاميا قدم ابوعمادللحكومه ستة وزراء اعلام من اختياره .
رابعا: يمتاز ابو عماد بوفاء عظيم وحدثني راضي الخص ان صلاح وكان وزير اعلام زار التلفزيون واعجب بانجاز راه وسأل من عمله قيل له اسم راضي وعلى الفور طلبه وقال له اريد ان اعينك رئيس القسم وعاتبه لماذا لم تتصل بي ؟؟؟ ..(....انت ابوك ساعدني لما كنت في البنك كذا في اربد واكملت في عهده دراستي في دمشق) ...راضي اعتذر عن رئاسة القسم وشكر صلاح.
خامسا: بالرغم انم اخوال صلاح من ال التل فان صلاح كان مع التيار الاخر ضد تيار وصفي والسبب يتعلق بمصر وتوجهات التيار الاخر ضد مصر وجمال عبد الناصر .
سادسا: لما فكر حافظ الاسد بزيارة الاردن فان صلاح اقترح على جلالة الملك ان يكون في الموكب سلاح الفرسان من المطار حتى الديوان ولم يكن الشريف زيد راضيا عن ذلك ولكن الملك ايد الفكره وكنب صلاح الخطاب وابدع في الصياغه والدمج بين عبارات الفيحاء والبلقاء ونجحت الزياره .
سابعا: كان صلاح جيدا في التعبئه ولما تقفزفي ذاكرته بقايا اغنيه من عهد الطفوله كان يحضر من يكتبها شعرا من جديد كما حصل مع اهزوجة النصر (يامرحبا ياهلا من وين الركب من وين ...ربع الكفاف الحمر ) اذ اعطى للشاعر الفذ رشيد زيد الكيلاني عشرة دنانير وقال له (لاترجع الا والقصيده معك ) وذهب رشيد لمقهى في وسط البلد وحلق في اجواء القصيده وخرجت بصورتها وفي قلعة عمان صدح عبده موسى بحضور امين عام الجامعه العربيه وكانت ليلة من ليالي عمان البهيجه ودعى صلاح الجيش والذين اضفى حضورهم على الجو بهجة خياليه .
ثامنا: كان صلاح سريع البديهه وفي مصر بحضور الملك وجمال تهكم مصري على اغنية يالمرتكي على السيف ....استأذن صلاح الملك ورد عليه قال المرتكي غلى السيف رجل فارس يقف امام حبيبته عن بعد احسن من الذي يغني عندكم بنذاله (افوت عليك بعد نص الليل).
تاسعا: حصل خلاف مع تيار داخل الاردن اثناء عمل صلاح بالسفاره في لندن واعتقل لفتره بسيطه وفي سجن المحطه دخل عليه ثلاثة موقوفين واخطأوا عندما ذكروا ان هذا ثمن اخلاصه لكنه قال لهم اخرجوا من هنا ...انا كنت ابن النظام وانا في الخارج والان انا ابوه اخرجوا .الثلاثه احياء يرزقون .
عاشرا: مالبث الحسين ان استعان بصلاح بعد سنوات وعاد الى الحسين معززا مكرما وخضع لفحص طبي لمدة يومين وسأل الملك لماذا؟ قال له: رحلتنا طويله . وعلى فكره قرأت الرساله التي ارسلها الحسين لصلاح وهي طويله يشيد فيها بالعلاقه القديمه وبسجايا صلاح ولكن صلاح لم ينشر الرساله على الملأ .
احد عشر: كان الحسين يفتقد صلاح وفي مره حضر احتفال تاسيس التلفزيون ولم يشاهد صلاح فاتصل بصلاح الذي قال لجلالة الملك عباره بليغه (شاهدتم غيابي ...ولم تشاهدوا حضورهم ) .
رحم الله صلاح ابو زيد..