قانون الضمان .. نسألك اللطف بنا
م.سميح جبرين
16-03-2011 02:18 AM
في البداية نقول الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، فقانون الضمان الإجتماعي الجديد رقم 7 لعام 2010 قانون مكروه ولا نستطيع القول بحقه إلا أنه قانون الضرورة أو أبغض الحلال أو الشر الذي لا بد منه.
إن هذا القانون جاء وبحسب الذين أعدوه للمحافظة على ديمومة الضمان الإجتماعي بعد أن تمَّ تبديد أموال الضمان بمشاريع إستثمارية جاءت في معظمها فاشلة. ولا نريد هنا أن ندخل في تفاصيل الصفقات الإستثمارية الغير مدروسة، فمعظم المواطنين باتوا على دراية بأدق التفاصيل لهذه الصفقات التي نشتم منها رائحة الفساد.
المؤسف بالأمر أن الذين أعدوا القانون الجديد لم يشيروا إلى أن الإستثمارات الفاشلة هي التي أدت إلى زعزعة الوضع المالي للمؤسسة لا بل إدعوا أن الضمان المبكر وعدم وجود سقف أعلى للرواتب هما كانوا السبب الرئيسي لتعديل القانون. ونحن هنا نقول بأننا مضطرون لتصديقهم لأننا على يقين بأن الأموال التي تبخرت من الضمان لا سبيل لإعادتها حتى لو تمَّ تكليف كل أجهزة مكافحة الفساد بالعالم للقيام بهذه المهمة.
ربنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، فالقانون الجديد هبط علينا كالقضاء الذي لا مفر منه. ولكن هذا لا يعني أن تذهب مؤسسة الضمان إلى أبعد الحدود في التضييق على منتسبيها من العاملين والمتقاعدين، فالقانون الجديد وضع سقف أعلى للراتب التقاعدي بحيث لا يتجاوز الخمسة آلاف دينار، ولكنه لم يرجع بأثر رجعي على المتقاعدين الذين تتجاوز رواتبهم التقاعدية الخمسة آلاف دينار باعتبار ذلك أصبح حق مكتسب لهم. في حين أن القانون الجديد وخاصة بعد توسعه الشمول لم يلتفت إلى الحق المكتسب للذين تقاعدوا مبكراً قبل إقرار القانون الجديد. فالقانون السابق كان يسمح للمتقاعد مبكراً العمل ضمن منشآت لا يزيد عدد العاملين بها عن خسمة أفراد، وبعد توسعه الشمول أصبح الذي يعمل لوحده مشمول بالقانون وحسب ما جاء بالتعليمات التنفيذية التأمينية الصادرة بالجريدة الرسمية رقم 5076 تاريخ 16/01/2011 فإن أي مهنة تُدر دخلاً يصبح صاحبها خاضع لقانون الضمان وحسب المادة الثانية من التعليمات التنفيذية بالفقرة أ – جاء ما يلي "تعني عبارة المهنة التي تدر دخلاً حيثما وردت كل مهنة تتم مزاولتها ومن الواجب ترخيصها وفقاً لقانون ترخيص المهن على أن تحدد هذه المهن بتعليمات تصدر لهذه الغاية".
مفاد هذا التعريف يعني أن الشخص الذي يبيع الخضار على عرباية أصبح مشمول بالقانون لكونه يحتاج لترخيص عربايته من الأمانة أو البلديات، فما بالك بسائق التكسي والكندرجي وحتى الطبيب والمهندس أليسوا جميعاً بحاجة لتراخيص. لم يبق لنا سوى مهنة التسول غير خاضعة للقانون ولكنها للأسف ملاحقة بشدة من وزارة التنيمة الإجتماعية.
خلاصة الكلام أن القانون الجديد سلب حق مكتسب للمتقاعدين مبكراً والذين بنسبة كبيرة منهم ذهبوا لهذا الخيار مرغمين بفعل الخصخصة والهيكلة وحرمهم من العمل وفق أحكام القانون السابق بحيث أصبح هذا المتقاعد ملاحق تحت طائلة القانون ومهدد بقطع راتبه التقاعدي وإسترداد الرواتب المدفوعة له وبفائدة تصل إلى 18% وبنفس الوقت هو أيضاً ملاحق من أفراد عائلته لتأمين إحتياجاتهم، فمبلغ الـ 200 دينار التي يتقاضاها 98% من متقاعدي الضمان لا تفي بمتطلبات عائلة مكونة من خمسة أفراد وهو المتوسط لعدد أفراد العائلة في الأردن.
أخيراً نقول وللحفاظ على الحق المكتسب للمتقاعدين مبكراً وللحفاظ أيضاً على ماء وجوههم أمام متطلبات عائلاتهم، فإننا نقترح الإبقاء على المنشآت الغير خاضعة لقانون الضمان كما كانت عليه بالقانون السابق مع إضافة شرط بأن يكون جميع العاملين بها من المتقاعدين.
وبذلك نضمن بأن جزء من رسالة الضمان وشيءمن العدالة قد تحقق وذلك بتأمين شيخوخة كريمة لفئة لحقها بعض الجور من متقاعديها. وإذا ما رغب مسؤولي الضمان أو غيرهم من مسؤولي الدولة فهناك أكثر من حل لهذه المشكلة، فالمهم أن يولي جميع المسؤولين إهتمامهم بهذا الموضوع المصيري.