بصوته الذي لازال في أذني، بشر المغفور له -بإذن الله- الحسين بن طلال بولادة عبدالله، بكلمات الأب خاطب الحسين رحمه الله الشعب الأردني مشاركا إياه فرحته بقدوم عبدالله، حامدا شاكرا الله لهبته وأعطيت السماء وما يستشعره من سعادة، وما أحس فيه من هناء، أن عضوا جديدا ولد للاسرة الأردنية وابنا جديدا للامة العربية، وقد نذره منذ البداية لاسرته الكبيرة واهبا حياته لأمته المجيدة، راسما الحسين رحمه الله لشعبه قائدا قويا متسلحا بعلم وإرادة وحب لشعب وأرض استحقت عبدالله ملكا.
تحتفل الشعوب والأمم بأعياد ميلاد ملوكها وقادتها وعظمائها تقديرا واحتراما لعطائهم وإنجازاتهم ومحبتهم، ونحن الأردنيون بملك كعبدالله أجدر وأحق الشعوب بالاحتفاء، إذ يحق لنا أن نحتفل بيوم ميلاد قائد عظيم جعل كل العالم يؤمن بالأردن وشعبه، ووضعه على خارطة العالم سياسيا واقتصاديا وحتى ثقافيا، وأن تشهد الايام والشهور والسنين بعراقة وأصالة الأردن ودوره تاريخيا، سواء على صعيد الوطن العربي أو العالمي.
نحتفل بعيد ميلاد قائد الوطن وحادي الركب جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم بشرف لا يدانيه شرف، وهي مناسبة وطنية لها خصوصية وأهمية في كل بيت أردني، نقف فيها ومعها أمام حالة هاشمية غنية وراسخة يمثلها شخص جلالته، وهو يجسد قيم الوفاء والتفاني والتسامي في النظر والفكر والسلوك، ويعتلي صهوة التاريخ ويعانق علياء السماء بعزيمة لا تلين، وهو يوم أبلج أغر من السنين السمان وعباءات الزمن الصعبة، يفيض كرامة وعزاً وكبرياء، وهو يوم ميلاد الملك الإنسان الذي لم يرضَ يوماً الجلوس على عرشه متفرجــا من بعيد، وآل على نفســه إلا أن يكون بين أبناء شـعبـــه في السراء والضراء، فملك بأخلاقه وشهامته قلوب كل الأردنيين بل قلوب العالم أجمع، فكم فخري وسعادتي وأنا أرى حتى أصدقاء أشقاء عرب يهنؤوننا بميلاد أبا الحسين، مشاركين فرحتنا بهذا اليوم الذي يعبر فيه كل الأردنيون الأوفياء عن اعتزازهم وفخرهم بقيادتكم الشجاعة، وجهودها الخيرة لتحقيق المزيد من النمو والتقدم لبناء الأردن القوي القادر على مواجهة مختلف الأخطار والتحديات، لينعم أبناؤه بالأمن والسكينة.
في عيد ميلاد قائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الـ 62 الذي يصادف اليوم 30 من كانون الثاني / يناير، نستذكر الجهود العظيمة والحنكة السياسية الفريدة للقائد الفذ، الذي جعل أردنا انموذجًا في الإنجاز والعطاء.
فمنذ أكثر من عقدين من الزمان آلت القيادة الرشيدة لجلالته في الـ 7 من شباط للعام 1999 برحيل المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، ومنذ تلك اللحظة نذر جلالته نفسه ليواصل العمل بكل ما أوتي من قوة وعزيمة في استكمال بناء الدولة الأردنية، فكان الأردن دوما في كل أزمة تعصف به يتجاوزها بحكمة جلالته وجهوده وتوجيهاته.
وفي فترة زمنية قياسية وبجهوده العظيمة أصبحت الأردن محط ثقة العالم بأسره كنموذج متميز في الإصلاح، وتحقيق العدالة والحرية والمساواة، وترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية والعيش المشترك، لكي يبقى الوطن وأبناؤه بمنأى عن الانقسام والتشرذم ومهاوي الفتن والقلاقل، حين قاد جلالته سفينة النجاة من الأمواج المتلاطمة حولنا إلى بر الأمان ببصيرة ثاقبة وشجاعة فريدة، وتوكل صادق رغم ما تشهدة الساحة العربية والعالمية من توتر سياسي وعسكري. ولن ننسى موقف جلالته الثابت كان ومايزال من القضية الفلسطينية، وما يدور الآن في غزة من قبل عدو الله والإنسانية، من قتل وإبادة لأهلنا في غزة. فسيدي قالها وأعلنها للعالم أجمع: لن يكون هناك أي تهاون أو مساواة لحق الفلسطنيين في فلسطين. وسيكون الأردن قيادة وشعبا سيفا وسدا منيعا وحاميا لاشقائنا في فلسطين تؤام الروح، وأن فلسطين عربية وحق للفلسطينيين وعاصمتها القدس. فكم من دروس في العطاء والإنسانية والشجاعة تعلمناها، بل تعلمها قادة وزعماء عرب وأجانب من هاشمي أصيل منتمٍ لأمته وعروبته، فكان الأسبق بكسر قواعد عدو يهودي صهيوني متجبر، بل كان من حمل رسالة سيدي للعالم أجمع، بأنه لن يمنعنا من دعم ومساعدة أهلنا في فلسطين أي حاجز أو عدو، فجاء الإنزال الجوي رسالة للعالم أجمع بأن الهاشميين حماة الأقصى، حملوا الأمانة فكانوا أهلا لها، فزينت السماء بفارسا وفارسة هاشمية صاحبي السمو الملكي الأمير الحسين والأميرة سلمى، كيف لا وهم من نسل آل محمد عليه السلام، وجدهم الملك الحسين رحمه الله، وأبوهم القائد المعزز عبدالله الثاني مقدمين المساعدات دعما ومساندة لأهلنا في غزة.
وإن احتفالنا اليوم بهذه المناسبة الوطنية الغالية هو احتفاء بالإنجازات العظيمة التي تحققت في عهد جلالته على كافة الصعد المحلية والدولية، والتي أثبت فيها الملك أنه الأب والأخ والقائد السياسي المحنك، علاقته بشعبه مضرب للأمثال من حيث رعايته وتواضعه معهم، وحبهم له وبذل كل جهد لحمايتهم.
وفي يوم ميلادك يا سيدي نفتح كتاب تاريخ الأمة ونقلّب فيه صفحات أيامكم المشرقة وتضحياتكم المشرفة.
في عيد ميلادك يا سيدي تخفق الرايات ويتزين النشامى والنشميات، وتشرق شمس الأمل حاملة لنا في عهدك كل ما فيه رفعة للوطن وخير للأمة، فنكبر بك وتكبر فضائلك في قلوبنا، ونبني مستنيرين بقيادة جلالتكم وطننا أردن الخير و العطاء ..
وبهذه المناسبة العطرة وبكل معاني الولاء لعرشكم الهاشمي المفدى ورايتكم الخفاقة، يطيب لي وباسم كل أردني حر شريف أن نرفع لمقام جلالتكم السامي أطيب الأماني مقرونة بأوفى معاني الانتماء وصدق المواطنة، منتهزين هذه المناسبة لنؤكد البيعة والولاء لعرشكم المفدى، أن نعمل بكل جهد مخلص ونكون درعاً حامياً لأرضنا، وعيناً حارسة لوطننا، لا همّ لنا إلا خدمة أردننا المنيع بأصالته وتاريخه، والذي غدا بجهود مليكنا واحة من الطمأنينة يغرف من معينه الهاشمي الصافي الباحثون عن الأمن والأمان والحرية والكرامة،
ضارعين إلى المولى عز وجل على امتداد مساحة الوطن أن يكلأ جلالتكم بعين حفظه ورعايته وولي عهدكم الأمين، وأن يبقيكم ذخرا وسندا وفخرا لأبناء شعبكم الأردني الوفي، وأبناء أمتكم العربية الماجدة وكل عام وانتم والأسرة الهاشمية بألف خير..