facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




سفينة مميّزة وربّان ماهر وركّاب متحابّون


الاب رفعت بدر
30-01-2024 05:15 PM

عيد ميلاد سعيد لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين. إلا أنّه هذا العام له طعم خاص، فهو عام اليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك المعظم على عرش المملكة الأردنيّة الهاشميّة. ونستذكر هنا الشاب ذا السبعة والثلاثين ربيعًا، يخلف والده الباني الكبير الحسين بن طلال رحمه الله، ويبهر العالم بحنكة سياسيّة وحكمة دبلوماسيّة ونهج إنسانيّ، وليصبح بعد ربع قرن من العطاء الموصول عميدًا للقادة العرب، وأقدمهم وأكثرهم حنكة ودراية في تعزيز الاستقرار في وطننا الحبيب، وتوحيد الموقف العربي الدائم والداعم للقضايا العربيّة، وأعزها على الاطلاق القضية الفلسطينيّة.

احتفل مع إخوتي وأخواتي في الأردن باليوبيل الفضي لجلوس العميد، فيما تدور عجلة الذكريات الشخصية والرسميّة التي جمعتني بجلالة الملك. ولدى مراجعتي للصور التذكارية، أفتخر بأنّ الشيب قد وخط رأسينا معًا، رويدًا رويدًا. ومن الصور ما تقدّم شعرين أسودين، وصولاً إلى عيد الميلاد هذا العام حيث اللون الأبيض يكلّل رأسينا، ولسان حالي يقول له في كل مرة، ما قاله شاعرنا حيدر محمود: "الشيب في فوديك أوسمة نبيلة، يا عزّ أهلنا ويا عزّ القبيلة".

وأرفع الرأس في كل المحافل بأنني أردنيّ ولدت في مقربة من موقع مار الياس، في بلدة الوهادنة، وأمضيت هذه السنوات في بلدي المقدّس، شاكرًا الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار، فهما بالفعل نعمة. وقد تابعت كيف فتح الأردن أرضه لاستقبال الأشقاء من العراق وسوريا، وتألمنا معهم، لكننا في الوقت ذاته كنّا نرفع أكف الشكر والحمد بأنّ الربيع الأردني مع جلالة الملك كان مختلفًا عمّا يسمّى بـ"الربيع العربي" الذي جلب الدماء وشرّد الأبناء. فالربّان لدينا ماهر ، والسفينة الاردنية متجدّدة الشباب ، وركابها، مسلمون ومسيحيون بوئام ومحبة وتعاون.

من الصور المحبّبة على قلبي، في مطار عمّان الدولي، حيث تشرّفت، لثلاث مرات، بأنّ أكون ناطقًا إعلاميًّا لزيارات البابوات للأردن، وكنت دائمًا أرى الفخر والسرور على محيا جلالة الملك، الذي قد يكون الزعيم الأول في العالم الذي يستقبل ثلاثة أحبار أعظمين قادمين من حاضرة الفاتيكان، وهذا عنوان عريض للقداسة الأردنيّة، والانفتاح الأردني والوئام الذي تكلّل على مدار الأعوام الخمسة والعشرين بالعديد من المبادرات الملكيّة، التي باتت مضرب المثل في العالم، وتعتبر بمثابة المدرسة الهاشميّة في الوئام الديني. ومن حسن الطالع أن يحلّ اليوبيل الملكي هذا العام، فيما نُحيي مرور ثلاثين عامًا على إنشاء العلاقات المميّزة بين الأردن وحاضرة الفاتيكان. وكذلك نُحيي يوبيلاً فضيًّا للمبادرات النبيلة التي قادها جلالة الملك وأصبحت دروسًا عميقة المعاني والأثر في نفوس أبناء وبنات الأسرة البشريّة.

ففي عام 2002 رعى جلالة الملك مؤتمر العرب المسيحيين الذين تصدّوا للتهم المغرضة تجاه الإسلام بأنّه دين إرهاب. لكنّ العرب المسيحيين في الأردن وفلسطين قالوا كلمتهم وقتها أمام جلالة الملك وتحت رعايته. وفي عام 2004، أي قبل عشرين عامًا، صدّر الأردن برعاية جلالته رسالة عمّان، التي أصبحت وثيقة لكلّ باحث عن صورة الإسلام الحقيقية. وفي عام 2007 جاء تأسيس المنتدى الإسلامي الكاثوليكي الدائم، وإطلاق مبادرة "كلمة سواء"، بمبادرة مشتركة بين الأردن والفاتيكان. وكانت هدية الأردن المميزة على درب التلاقي الإسلامي-المسيحي في عام 2010، حيث قدّم جلالة الملك في الأمم المتحدة عرضًا من الوفد الأردني، برئاسة سمو الأمير غازي بن محمد، لإنشاء أسبوع الوئام بين الأديان، فأنشىء بإجماع أمميّ في الأسبوع الأول من شباط، وهو الأسبوع الذي تسلّم فيه أبو الحسين سلطاته الدستوريّة عام 1999.

وتتمتن المبادرات حين استقبال الأردن للمهجّرين من الموصل عام 2014، وهم الهاربون من الاضطهاد الديني الذي مارسته عصابة داعش عليهم. فوجدوا في الأردن، بتوجيهات شخصيّة من جلالة الملك الذي تبرع بالاسرّة التي نام عليها المهجرون في أماكن الايواء في مختلف القرى والمدن الأردنيّة، الملاذ الآمن الذي قدّم لهم معيشة طيبة وممارسة طبيعية لحريتهم الدينيّة. ومن أجل ذلك، لم نستغرب أن ينال جلالة الملك على مدار ربع قرن كل الجوائر المتعلقة بجهود التقارب بين الأديان، وهذا فخر كبير ورفعة راس لكلّ أردنيّ ولكلّ محب للأردن الكبير. فقد تسلّم عام 2005 جائزة البابا يوحنا بولس الثاني، ليكون أول مستلميها بعد إنشائها إثر وفاة البابا القديس، الذي زارنا في عام 2000، واستقبله الملك الشاب وقتها. وفي عام 2018، نال جائزة تمبلتون الدوليّة لحوار الاديان في نيويورك، وفي 2019 جائزة أسيزي للسلام في إيطاليا، وفي 2022 جائزة زايد للأخوّة الإنسانيّة في أبو ظبي، وكذلك جائزة الطريق إلى السلام التي تمنحها بعثة الفاتيكان لدى جمعية الأمم المتحدة لأشخاص مميّزين على درب الحوار.

كل عام وسفينة الأردن وربّانها وركابها بخير ووئام..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :