الوكالة كابوس اسرائيل المزمن
بسمة العواملة
30-01-2024 11:31 AM
تعالت كثير من الاصوات الاسرائيلية في الاونة الاخيرة تلك التي تطالب بتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين او بما يُعرف بوكالة الاونروا ، هذه المطالبات ليست بالجديدة ، بل هي رغبة قديمة لدى الحكومات الاسرائيلية عملت جاهدة على تحقيقها عبر عقود ،متذرعة بحجج و اسباب عديدة ، بحيث دعت بالاونة الاخيرة الإدارة الامريكية الى تفكيك هذه الوكالة بالامتناع عن تقديم الدعم المالي لها للحيلولة دون استمرارها بعملها و ذلك بحجة أنها تساهم في نشر الكراهية ضد اسرائيل ومن انها تعرقل محاولات التوصل الى اتفاق سلام، حتى لا ينتهي دورها و بالتالي انتفاء الهدف من وجودها وآخر هذه المحاولات هو إدعاء اسرائيل من أن هناك عدد من موظفي الاونروا منخرطين في اعمال ساهمت في دعم المقاومة و في المشاركة بهجمات السابع من اكتوبر الماضي.
وجميع ما تسوقه اسرائيل من ادعاءات هي محض مزاعم، تهدف منها تصفية قضية اللاجئيين الفلسطينين بشكل نهائي من خلال تفكيك هذه الوكالة بعد أن نجحت في قيادة حملة ممنهجة استهدفت اقناع اكثر من ستة دول بالاضافة الى اميركا بوقف تقديم الدعم للوكالة تمهيداً لنقل مهامها الى الى المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة، بحيث تتحول من قضية سياسية الى قضية انسانية و يصبح بموجبه الفلسطينين شأنهم شأن لاجئين الدول الاخرى الفارين من الحروب .
ولنفهم ابعاد هذه الرغبة المستعرة لدى الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة علينا أن نعود بالوراء الى بداية و هدف نشأة الوكالة، فلقد نشأت الوكالة عام 1949 استناداً الى القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة والتي بموجبه منحت صفة لأجيء لقرابة السبعمائة و خمسون الف فلسطيني هُجروا من اراضيهم و ارتفع هذا العدد ليصل الى اكثر من ستة ملايين لاجيء حول العالم ، يتوزعون على ثمانية و خمسون مخيماً جلهم في قطاع غزة و الضفة الغربية و الاردن و سوريا و لبنان ، هولاء جميعاً مسجلين في الوكالة و يتقاضون المساعدات كونه اسماءهم مسجلة في بيانات الاونروا.
وقد عرّفت الوكالة الاجيء بانه الشخص الذي كان يقيم بصورة طبيعية في فلسطين خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1946 و عام 1948 , وفقد منزله و مورد رزقه بسبب حرب عام 1948.
حيث تبنت الجمعية العامة الاممية قرار رقم 194 الذي اكدّ في البند رقم 11 منه على حق اللاجئين الفلسطينين في العودة الى وطنهم و تعويضهم عن ممتلكاتهم التي فقدوها ، و حق العودة هذا الذي اكدت عليه الاونروا أعطى الفلسطيني اعتقاداً جازماً بأن في استمرار وجود الاونروا ضمان لحقهم في العودة ،ولكون مرجعية الوكالة تعود للجمعية العمومية و ليس لمجلس الامن الدولي اعطاها ذلك حماية.
من استهدافها بشكل مباشر و منع اي محاولة لتقويض قوتها و ثباتها، وهذا ما جعل اسرائيل خانقة دوماً و دأبت على تحريض المجتمع الدولي ضد الوكالة لتفكيكها و عرقلة حصولها على مصادر للتمويل، و مما عزز هذه الرغبة لدى اسرائيل ، تأسيس الأمم المتحدة مفوضية ثانية لشؤون اللاجئين في العام 1950 , من دون دمج الاونروا تحت مظلتها، هذه المفوضية بخلاف الاونروا تنزع عن الشخص صفة اللاجيء في حال الحصول على جنسية الدولة المضيفة ، اما الاونروا فإنها لا تنزع صفة الاجيء عن الفلسطيني إلا في حال وفاته.
كذلك ما يثير امتعاض الاسرائليين في وجود الاونروا و مساعيهم الحثيثة في تفكيكها هو ان الاونروا و حتى عام 2006 كانت تحصر تسجيل ذرية الاجئين على الرجال فقط ، قبل أن تمكن لوائحها الاجئات الفلسطينيات اللواتي تزوجن من اشخاص غير فلسطينين من تسجيل اولادهن في سجلات الوكالة ، و بذلك زعمت اسرائيل ان الاونروا تمنح الفلسطيني معاملة خاصه عبر نقل صفة الاجيء الى ذريته ، و قد ردت الوكالة بان هذا المبدأ يطبق على كافة اللاجئين بموجب القانون الدولي و ليس محصوراً على اللاجئين الفلسطينين.
لكل ذلك دأبت اسرائيل على محاولاتها تقويض جهود الوكالة و محاولة تفكيكها لأجل إنهاء ملف اللاجئين بشكل نهائي و قتل اي محاولة في احلال عملية السلام و قد نجحت في ذلك عبر اقناع كثير من الدول في وقف تقديم الدعم لوكالة الاونروا و تحويل ملف الاجئين الى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة بحيث تتحول من قضية سياسية الى قضية إنسانية وتُنهي بذلك اي حلم او أمل للفلسطينين في إقامة دولتهم ، ومن هنا كان لازماً على كافة الدول و دول الخليج تحديداً ديمومة و استمرارية دعم عمل الاونروا من خلال رفدها بالاموال الازمة لمنع اسرائيل من تحقيق غايتها و اهدافها المنشودة و حفظ حق العودة للاجئين الفلسطينين و حقهم في إقامة دولتهم المستقلة .
"الدستور"