في القمة العالمية للحكومات، التي ستنطلق في بداية شهر فبراير القادم، سيُعرض محور رئيسي حيوي يتمحور حول "مستقبل التعليم وتطلعات مجتمعات الغد". هذا الموضوع يأتي في ظل عصر يشهد تحولات تكنولوجية متسارعة وتغيرات اجتماعية عميقة، مما يجعل استكشاف العلاقة بين التعليم ونمو المجتمعات أمرًا بالغ الأهمية.

التعليم، كما نعرفه اليوم، يواجه تحديات وفرصًا غير مسبوقة. الثورة التكنولوجية لا تغير فقط كيفية توصيل المعرفة، بل تعيد تشكيل المهارات التي يحتاجها الطلاب للنجاح في المستقبل. هذا يتطلب نظام تعليمي يتميز بالرشاقة والمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة.

أحد الجوانب الأساسية لمستقبل التعليم هو الاندماج بين التكنولوجيا والتعليم. يجب أن يكون التعليم متقدمًا تكنولوجيًا، يستخدم أحدث الأدوات والمنصات لتوفير تجربة تعليمية غنية ومتفاعلة. من الواقع الافتراضي إلى الذكاء الاصطناعي، توفر التقنيات الحديثة فرصًا لتعلم أكثر تخصيصًا وتفاعلية.

كما يجب أن يركز التعليم على تطوير المهارات الأساسية مثل الإبداع، التفكير النقدي، والمرونة في التفكير، والذكاء الحضاري. في عالم يتسم بالتغير المستمر، يحتاج الطلاب إلى أن يكونوا مستعدين لمواجهة تحديات غير متوقعة واستغلال الفرص التي تظهر أمامهم.

من المهم أيضًا التأكيد على أهمية التعليم الشامل والمتكافئ. يجب أن يكون التعليم متاحًا لجميع الفئات في المجتمع، بغض النظر عن الخلفية الاقتصادية أو الجغرافية. هذا يعني الاستثمار في تقنيات التعليم عن بُعد وتوفير موارد تعليمية للمناطق المحرومة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك تركيز على التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة، (تم افتتاح جامعة في الصين احدى المتطلبات لا يقل العمر عن 70 عام) في عالم يتطور باستمرار، لا يمكن للتعليم أن يقتصر على السنوات الأولى من حياة الفرد فقط. يجب أن تكون هناك فرص للتعلم والتطوير المهني طوال الحياة.

أخيرًا، يجب أن يكون التعليم متجذرًا في التحديات والفرص الحقيقية التي يواجهها العالم. وأن يسعى إلى تنمية الوعي العالمي والتفاهم بين الثقافات والمنحدرة من عدة حضارات، وتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة للمساهمة بشكل فعال في مجتمع عالمي مترابط.

مستقبل التعليم يمثل أكثر من مجرد تحديث الأساليب التعليمية؛ إنه يتطلب إعادة تصور شاملة لكيفية تحضير الأجيال القادمة لعالم متغير بسرعة. القمة العالمية للحكومات ستكون فرصة لتبادل الأفكار ووضع استراتيجيات تضمن تعليمًا يعزز النمو والتطور في مجتمعات الغد.

* صالح سليم الحموري/ خبير التدريب والتطوير/ كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية