الشيعة العرب .. أين المشكلة؟
سميح المعايطة
30-01-2024 12:24 AM
كلما ذهبت الأحداث في منطقتنا الى تصعيد وخاصة ما يتعلق منها بإيران نحتاج ان نقف على الموقف والنظرة لجزء من بعض الشعوب العربية وهم الشيعة العرب الذين كانوا موجودين في مجتمعاتهم منذ عقود وقرون، وهم جزء من دولهم ومسيرتها، بل ان بعضنا لم يكن يعلم او يتحدث عن اي تقسيم طائفي في بعض مجتمعاتنا العربية بين سني وشيعي قبل ان تدخل ايران بمشروعها الفارسي على تفاصيل هذه الدول.
ليست المشكلة ان يكون هناك شيعة في بعض الدول العربية حيث تتنوع بين الاديان والطوائف والقوميات والمذاهب، لكن المشكلة الكبرى فيمن يترك ولاءه لوطنه وأمته ويتحول الى جزء من اتباع ائمة ايران وجنديا في مشروعها الفارسي في الإقليم.
والمشكلة الكبرى فيما يسمى في ايران بولاية الفقيه اي ان مرشد الثورة الإيرانية هو المرجع في كل الأمور وهو صاحب الامر والنهي وأوامره هي النافذة على الشيعي الذي يؤمن بها وحده فلا وطن ولا قيادة وطنه ولا اي مرجعية اخرى الا للولي الفقيه، وهذه المرجعية تنتقل ميدانيا الى مؤسسات ايران الخاصة ببلادنا العربية وهي الحرس الثوري.
وما فعلته ايران منذ بداية الثمانينيات انها عملت على تجنيد فئات من الشيعة العرب لمشروعها عبر انشاء ميليشيات وتنظيمات في الدول التي فيها شيعة عرب، بل ان اول معركة طاحنة عسكريا خاضها حزب الله اللبناني في بداية الثمانينيات كانت ضد حركة امل شيعية، لان ايران كانت تريد ان يكون حزب الله المؤمن بولاية الفقيه هو ممثل شيعة لبنان، وكانت الخطوة الأولى ضرب حركة امل التي كانت اقرب الى العلمانية وتيارا وطنيا لبنانيا، ثم اختفى الامام موسى الصدر وهو محسوب على حركة امل ولم يعرف مصيره حتى الآن، وبعدها اصبح حزب الله هو الاقوى واستسلمت حركة امل للواقع الجديد واحتفظت برئاسة مجلس النواب اللبناني.
وحتى في عهد صدام حسين في العراق فقد كان هناك احزاب عراقية تؤمن بولاية الفقيه وموالية لإيران وكان جزء كبير من قادتها في ايران لاجئين هناك وكان أعضاؤه يقاتلون ضمن صفوف الجيش الايراني ضد بلادهم العراق لأنهم يؤمنون بولاية الفقيه التي تجعل مرشد الثورة هو المرجع وصاحب الامر.
وذات القصة تكررت في ساحة اليمن حيث لم تكن قصة الشيعة حاضرة في ملف اليمن إلى أن بدأت مع قصة الحوثيين الذين كانوا جزءا من اهل اليمن لكنهم تحولوا بفعل الاستغلال الفارسي للطائفية الى حالة موالية لإيران وجزء من مشروعها الاقليمي.
اما الدول التي فيها شيعة ولم تستطع ايران وضع قدم لها فيها، فالشيعة جزء من مجتمعهم، بل ان بعض الدول مثل لبنان والعراق فيها جزء من شيعتها يؤمنون بدولتهم الوطنية ولم يتحولوا الى جزء من ادوات المشروع الفارسي في الإقليم.
في مجتمعاتنا العربية أديان وطوائف وقوميات لكنها ان بقيت ضمن إطار دولتها الوطنية فان اي مشكلات تكون محدودة، لكن ان تحولت إلى جزء من مشروع خارجي فإنها تصبح اداة إضعاف لدولها وتتحول إلى احجار في مشروع الخارج الذي اختطفها.
إيران ومنذ جاء نظامها الحالي استعملت أمرين اولا الطائفية وقضية فلسطين والهدف خدمة المشروع الفارسي لهذا فهي اليوم تستغل كل ازمة في اي دولة عربية لتدخلها وتصنع لها نفوذا، ورغم كل العقود من العداء الاعلامي لاسرائيل واميركا فإنها لم تطلق رصاصة من جندي ايراني نحو اميركا ولا اسرائيل بل تستعمل اتباعها العرب والهدف زيادة مساحة النفوذ والأوراق التي تملكها للمشروع الفارسي الذي كان في عهد الشاه واستمر في عهد ثورة الخميني لكن بأدوات جديدة.
الغد