انتقام من "أونروا" أم "أطفال غزة"؟
عوني الداوود
29-01-2024 12:36 AM
ندرك تماما أن الحرب على «الأونروا» لم تبدأ منذ أمس الأول، ولا حتى منذ بدء العدوان على غزة، فهي حرب قديمة «متجددة»، تفاقمت بقوة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكان الهدف ولايزال الغاء «رمزية الأونروا» وطي «ملف اللاجئين» الى الأبد والانتهاء من حق العودة، والحل النهائي، وحتى حل الدولتين..الى آخر الأمور التي ترفضها اسرائيل، حتى جاءتها فرصة للانتقام من هذه الوكالة «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين».. أما لماذا الآن؟ فالاجابة على هذا السؤال في النقاط التالية:
1 - لا يمكن تحليل توقيت هذا القرار بمعزل عن صدور قرار محكمة العدل الدولية، وقبول الدعوى المرفوعة من قبل جنوب افريقيا والتي تتهم فيها اسرائيل بارتكاب ابادة جماعية في غزة، مستندة الى خطابات وتصريحات مسؤولين اسرائيليين، اضافة الى تصريحات وتقارير مؤسسات ومنظمات دولية منها «الأونروا»، وهذا ما أوجع اسرائيل، وأحرج دولا داعمة لها و«مانحة» لهذه الوكالة الأممية.
2 - «البروبوغاندا» الاعلامية الاسرائيلية، وسردياتها الكاذبة التي بدأت منذ العدوان على غزة بأكاذيب «قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء» تتواصل اليوم باتهام هذه الوكالة الأممية بضلوع موظفيها في اعتداءات 7 اكتوبر، الأمر الذي دعا «الأمم المتحدة» لفتح تحقيق فوري.
3 - لكن - وعلى فرض ثبوت التهم على 9 موظفين أو حتى 12 من بين 13000يعملون لدى هذه الوكالة - فهل هذا سبب يستوجب سرعة اتخاذ قرارات من نحو 10 دول لتعليق دعمها للوكالة؟ ومعاقبة 2.2 مليون انسان في قطاع غزة؟
4 - في الغالب أن معظم الدول التي «حابت وجاملت» اسرائيل في هذا القرار كانت تنتظر حجة لوقف المساعدات «المتوقفة أصلا» لأن الوكالة ومنذ نحو أربع سنوات تقريبا كانت تعاني من شح المعونات وتلكؤ كثير من الدول بدفع التزاماتها، ولولا جهود الأردن والسويد ودول ومنظمات محدودة لأغلقت «الأونروا» منذ ذلك الحين.. اليوم جاءت فرصة سانحة لعدد من الدول للتخلي عن التزاماتها محاباة لاسرائيل وموافقة لما تقوم به من»جرائم حرب ابادة».
5 - «ازدواجية المعايير» تبدو جلية وفي أوضح صورها لدول تدعم اسرائيل بقطع المساعدات عن «المنظمة الوحيدة» التي تقدم القليل القليل من المعونات للاطفال والنساء والشيوخ في غزة، في حين تقدم أسلحة الدمارالشامل لاسرائيل كي تمعن بمزيد من قتل الابرياء في غزة.
6 - بعد الاجراءات العاجلة لمحكمة العدل الدولية وفي مقدمتها ايصال المساعدات الانسانية للمدنيين في غزة، ألا يعتبر موقف هذه الدول مشاركة لاسرائيل في جريمة الابادة الجماعية؟.. عن أي قانون دولي وحقوق للانسان وحقوق للطفل والمرأة تتحدث هذه الدول التي ترفع شعارات التحضّر، أم أن كل معايير الإنسانية لا تنطبق على أطفال ونساء غزة ؟
7 - أكثر من (150) موظفا في «أونروا» قتلوا في العدوان الاسرائيلي على غزة، ومدارس «الأونروا» هي ما تبقّى لايواء الآلاف الذين لجأوا اليها وقاية من القذائف والصواريخ ومن البرد والأمطار، ورغم ذلك لم يسلموا..فماذا بعد رفع الغطاء حتى عن هذه المدارس؟
- باختصار فان اسرائيل وبعد صدور قرار محكمة العدل الدولية تمعن تماما في «حرب الابادة» وبمزيد من الدعم من المتورطين معها، وهي بذلك تثبت للعالم أن هذا الكيان يبيد شعبا ويحرمه من جميع مقومات الحياة، فلا ماء ولا طعاما ولا سكنا ولا دواء..وكل ذلك لأن هذا الشعب يريد الحياة، يريد العدالة، يريد وطنه المغتصب، وكل من يساند هذا الشعب حتى لو كانت «أونروا»- ليس في السلاح - بل بشربة ماء عليه أن يدفع الثمن.
8 - في حربها «الوجودية» -كما تسميها اسرائيل، هي لا تريد «وجودا» للفلسطينيين، والحل أمامهم كما يجاهر متطرفوهم في حكومة العصابات دون خجل من أحد اما «التهجير» واما «القتل» ولا خيار ثالثا.
9 - كل يوم يطول فيه أمد العدوان على غزة تتكشف فيه أبشع صور «الحضارة الغربية الزائفة» من عنصرية وازدواجية معايير..ويبدو أن القادم أسوأ، فعلينا ألا نتفاجأ!
10 - الخطر الذي لم تأخذه اسرائيل ومن معها بالحسبان حتى الآن أن اسرائيل ربما تستطيع الضغط على بعض الدول، لكنها لن تستطيع اقناع باقي الدول..ولن تستطيع المضي في كذبها على «شعوب العالم» ولا حتى شعبها الذي يقترب من الانقلاب عليها..وهي لا زالت تكابر وتعتقد أن بامكانها تحرير الرهائن بمزيد من «الضغط» العسكري، وبالتجويع، وبقطع المساعدات عن «أونروا» وهي تفاوض على «هدنة» في باريس.. ولم تدرك بعد أنها فشلت في كل شيء، واذا تركت تفعل ما تريد فسوف تجر المنطقة والعالم الى ما لا تحمد عقباه، وعلى العالم منعها من ذلك بدلا من تشجيعها.
الدستور