إسرائيل تحارب فوق وطن لا تملكه
د.حسام العتوم
28-01-2024 10:40 AM
كتب الدكتور عبد الفتاح مقلّد في مؤلفه "الكنعانيون وتاريخ فلسطين القديم"، وهو الذي يتحدث عن حضارات قامت على أرض فلسطين منذ قبل 4000 سنه، بل أن الكنعانيين وجدوا من قبل 7000 سنة، وهم من اخترعوا البرونز والحديد والكتابة الفنيقية. وإسرائيل تكونت بالقوة عبر ثلاث مراحل تمثلت من أوروبا وآسيا وأمريكا ليحتلوا فلسطينين مدعين أنها أرضهم. وتكونت إسرائيل من طوائف تنذر بتفكك إسرائيل، "انتهى الاقتباس". وإسرائيل عبر قرار التقسيم عام 1947، وحروبها مع العرب (1948 / 1956 / 1967 / 1968 / 1973 / 2023- 2024) حاولت ولازالت تحاول ترسيخ وجودها غير الشرعي على أرض فلسطين، وباقي الأراضي العربية المحتلة، وتعطي أولوية سيطرتها الاحتلالية الاستيطانية لأرض فلسطين والقدس الشريف.
فقرار تقسيم فلسطين عام 1947 التفاف للصهيونية على الأمم المتحدة، بتصويت 163 دولة من أصل 193 دولة. وأول دولة اعترفت بإسرائيل كانت الولايات المتحدة الأمريكية عبر الحكومة المؤقتة، تبعها الاتحاد السوفيتي. ولم تستطع إسرائيل بسهولة نيل عضوية الأمم المتحدة التي تقدمت لها عام 1948 وحصلت عليها عام 1949 . وأصدر قرار التقسيم بتوصية خبيثة على شكل رسالة يعرف جوابها، عندما عرض على العرب – الفلسطينيين دولة، وهو يعرف رفض العرب المسبق لها لقدسية فلسطين، وإسرائيل اليوم ترفض الدولة الفلسطينية علنا، ويتقدم رفضها نتنياهو – وحزب الليكود العنصري المتطرف معتبرين غور الأردن أرضا إسرائيلية كذلك. الأمر الذي يصعّد لغة الحوار مع الأردن مباشرة أيضا.
لقد انقسمت حروب إسرائيل مع العرب الى قسمين، واحد لترسيخ هوية إسرائيل على فلسطين التاريخية ، والثاني لاحتلال كامل فلسطين والقدس الشريف ، وفرض شروط سلام على العرب . لذلك خرجت إسرائيل من سيناء وجنوب لبنان وغزة والباقورة والغمر، وعينها على سلام بشروط مع لبنان شريطة تسليم حزب الله لسلاحه، واعادة الجولان بشرط إسرائيلي يبقي على الهضبة العربية السورية خالية من السلاح والماء . ولقد رفضت سوريا السلام مع إسرائيل مرتين، في عهد اسحق رابين 1995، وفي عهد أولمرت عام 2008 بسبب شروط إسرائيل المسبقة، ولكون أن نهج سوريا قومي لا يقبل بالشروط المتعالية .
والآن في وقتنا المعاصر، ومع عاصفة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ، بعد ردة فعل حماس – حركة التحرر العربية الفلسطينية الإسلامية والأيدولوجيا، التي تنعتها إسرائيل والغرب الأمريكي بالإرهاب ، ويعفون أنفسهم منه ، بينما التاريخ المعاصر يتحدث لنا كيف صنعت صهيونية ثيودور هرتزل عام 1897 ، وعصابات ( شتيرن ، والهاغاناه ، والأرغون ) الارهابية إسرائيل ، وكيف أصبح الغرب وحلف " الناتو" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية رهينة لإرهاب إسرائيل ، لدرجة لم نعد نفرق فيها بين ارهاب إسرائيل وارهاب الغرب .
ولقد أثبتت إسرائيل اصابتها بعمى الالوان عندما تقرر مواصلة الحرب على قطاع غزة وعلى حماس والمقاومة الفلسطينية ، والعربية في لبنان " حزب الله"، وعلى حزب الله في العراق ، وعلى الحوثيين في اليمن من خلال أمريكا وبريطانيا في زمن تعقد فيه سلاما مع مصر والأردن والامارات والبحرين والمغرب ، وعينها على السعودية الصيد الكبير .
وإسرائيل في حربها الحالية في غزة امتهنت الابادة عن قصد وسبق اصرار ضد المدنيين الفلسطينيين وبرقم وصل الى 26 الفا من الشهداء جلهم من الاطفال، وتواصل الاعتقال والتعذيب والتجويع ومنع ادخال الأدوية وخاصة علاجات التخدير الخاصة بعمليات الاطفال ، وتبحث عن عدد محدود من الأسرى الإسرائيليين، ولاترى جريمتها البشرية الكبرى البشعة ذات الوقت، ويصرح بذلك نتنياهو علنا، وتحاول انكارها بالأدلة الدامغة أمام محكمة العدل الدولية. وكلما طالبت حماس بوقف اطلاق النار نهائيا، كلما ذهبت إسرائيل الى المراوغة مطالبة بالأسرى وللعودة للقتال وقتل المدنيين الفلسطينيين من جديد . ويقتل جنودها ولا تأبه ، ويستشهد المدنيين الفلسطينيين ولا تلتفت ، تماما كما الغرب ، وتبحث عن تصفية ليس حماس فقط وهو المستحيل لأنها حركة أيدولوجيا ، وانما لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ، معتبرة قيام دولة فلسطين بمكانة قنبلة ايران النووية .
الخطاب الرسمي العربي يختلف بطبيعة الحال عن نقيضه الشعبي ، ففي الوقت الذي اعترفت بعض الدول العربية التي وقعت سلاما مع إسرائيل بتحول فلسطين التاريخية الى إسرائيل فعلا ، نجد الشارع العربي يرفض الاعتراف بإسرائيل ، ويعتبر كلمة "إسرائيل" أو "اليهودي" شتيمة يتداولونها فيما بينهم حالة وقوع خلاف ، ولا علاقة للموضوع بمعاداة السامية . وتدعي إسرائيل حق الدفاع عن النفس وأحقية الحرب وسط أراضي فلسطين لعام 1967 في غزة والضفة الغربية ، وتهاجم أراض عربية مجاورة مثل لبنان وسوريا التي تحتل اراضي فيها منذ عام 1967 أيضا ، وتهاجم اليمن بالوكالة عبر أمريكا وبريطانيا لمجرد فزعة الحوثيين مع أهل فلسطين ، أهلنا، وهو حق شرعي لهم ، يخولهم اعاقة ملاحة البحرين الأحمر والعرب ما دامت إسرائيل ترفض وقف الحرب على غزة رغم نداءات المجتمع الدولي وكبريات مؤسساتها الدولية .
حق الدفاع عن النفس تملكه حركات التحرر العربية فقط وفي مقدمتها الباسلة حماس ، وان لم توقف إسرائيل عدوانها على الفلسطينيين ، فإن الحرب مرشحة للتوسع ، وعندها لن ينفع إسرائيل حتى " الناتو "، وستبقى أمام خيارين لا ثالث لهما ، اما اعطاء الفلسطينيين حقهم التاريخي في الأرض والدولة وعاصمتها القدس الشرقية ، وتجميد المستوطنات ، وضمانة حق العودة ، أو تحزم إسرائيل حقائبها ، وترحل مع يهودها الى حيث رغب الزعيم السوفيتي بداية جوزيف ستالين عام 1950 الى القرم أو سخالين ، وهو الذي تعاطف معهم بعد محرقة "هولوكوست" عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية التي اصابتهم وغيرهم كثر من شعوب العالم المشتركة في الحرب. وبما أن إسرائيل عزيزة على أمريكا وبريطانيا والغرب ، رغم أنها محتلة ومستوطنة وعنصرية ، ويتعاملون معها بإنحياز وليس على طريقة روسيا الاتحادية التي توازن استراتيجيا بين علاقتها مع إسرائيل بحكم الحضور الديمغرافي اليهودي والروسي والذي يتجاوز المليون انسان ، وبين حق الفلسطينيين بالحصول على دولتهم وعاصمتها القدس وبتجميد المستوطنات ، وبضرورة مغادرة إسرائيل الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وفقا لقرار الأمم المتحدة 242 ، فإن خيار ترحيل إسرائيل الى اقليم "الاسكا" الأمريكي الروسي الأصل معقول ، وفي مكانه وزمانه . وللحديث بقية.