«العدل الدولية» تفاصيل تاريخية بقرارها
نيفين عبد الهادي
28-01-2024 12:29 AM
قرار تاريخي كما وصفه الأردن رسميا، قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الإبادة الجماعية في غزة، بطبيعة الحال لم يؤخذ بكل التدابير التي طالبت بها جنوب إفريقيا، والدول الداعمة للقضية، ولكن في واقع الحال وإن لم ينص القرار بشكل صريح وواضح على وقف الحرب على أهلنا في غزة، لكنه نص على وقف القتل الذي لن يتوقف بطبيعة الحال دون وقف الحرب.
رفع الدعوى مسألة هامة جدا، وما تلاها من خطوات أيضا غاية في الأهمية وتفكير خارج صندوق التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، فأن تقف إسرائيل موقف المتهم هو انجاز كبير، وما تبع ذلك من قرار لمحكمة العدل الدولية أمس الأول، فأن ينص قرار المحكمة بإلزام إسرائيل بوقف القتل لا وقف إطلاق النار فهو قرار هام، فكيف يمكن وقف القتل دون وقف إطلاق النار حتى ولو لم يستخدم المصطلح نصّا واضحا، ما يجعله قرارا هاما وحرّك ساكن النظر للجرائم الإسرائيلية دون الأخذ بأي خطوة على مستوى دولي من تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة وخرق التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
الأردن كان من أوائل الدول التي رحبت بالقرار، مؤكدا على أهميته بالنظر في ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإقرار تدابير إجرائية فورية تشمل وقف إسرائيل ارتكاب جرائم قتل الفلسطينيين وإلحاق الأذى الجسدي أو المعنوي بهم وإخضاعهم لظروف معيشية تستهدف التدمير المادي لهم، وتوفير الاحتياجات الإنسانية، وفيما ثمّن الأردن القرار أكد ضرورة تنفيذ هذه الإجراءات التدبيرية بشكل فوري لوقف قتل الأبرياء في غزة وتدمير كل مقومات الحياة فيه، بعد أن قتل العدوان الإسرائيلي أكثر من 26 ألف فلسطيني، وهجّر ثلثي سكان القطاع من منازلهم وحرمهم حقهم في الغذاء والمياه والدواء والخدمات الأساسية.
وبطبيعة الحال كان الأردن من أوائل الدول التي دعمت القضية وثمنت دور جنوب إفريقيا في رفع الدعوى لدى محكمة العدل الدولية، وقدّم كل ما من شأنه وقف هذه الحرب التي ألحقت أضرارا كارثية ومجازر في غزة، يجب أخذ خطوات عملية لوقفها، وحماية الأهل في غزة، وبدا الموقف الأردني واضحا منذ الأيام الأولى لرفع الدعوى، وحاسما، والأهم داعما.
القرار، في كافة قراءاته هام جدا، في كافة تفاصيله، وشكّل أملا للأهل في فلسطين وغزة بأن حلاّ بات قريبا لحرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على أهلنا في غزة، سيما وأن المحكمة طلبت تقريرا خلال شهر من يوم أمس الأول «الجمعة» يُرفع لها حول الاجراءات التي قام بها الاحتلال الإسرائيل لتنفيذ قرارها، وبين سطور القرار الكثير من الرسائل الهامة أبرزها وجود قناعة دولية ومن أكبر منبر قضائي عالمي بأن غزة تتعرض لجرائم حرب وإبادة جماعية، من قبل الاحتلال، القرار يعني أن هناك ابادة جماعية تُظهر ضرورة لاتخاذ تدابير احترازية.
كما ويؤشّر القرار على المدى البعيد في القرار النهائي وإن أخذ سنوات طويلة، بأن هناك ملاحقة قضائية للاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن كونه يعزز ويقوّي من الحقيقة الفلسطينية ويكشف أكاذيب الاحتلال ورواياته التي لم تعد تنطلي على أحد وحتما يزيد من عزلة الاحتلال ويرفع الشرعية عن أفعاله الإجرامية، كلها مضامين ورسائل هامة تتبع هذا القرار الذي يعدّ تاريخيا كما وصفه الأردن.
الجميع يدرك أن ما يحدث في غزة يحمل أبعادا عسكرية وسياسية وإنسانية، ترقى لكونها حرب إبادة جماعية، وجاء القرار ليجعل من إسرائيل مكشوفة الوجه، منعزلة، رفعت عنها شرعية ما تقوم به من جرائم بحق شعب لم تعد تخلو عائلة به من شهيد أو شهداء، أو أن عائلات بأكملها شطبتها هذه الحرب من سجلات الأحوال المدنية وباتوا جميعا شهداء، ناهيك عن عدد الجرحى والمفقودين، لتصبح كل هذه الأمور واضحة للعالم، لتمضي دوله كما شدد الأردن بتحرك فوري لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وما يسببه من كارثة إنسانية.
الدستور