لا رادع للسفاح نتنياهو .. حكومة الحرب الإسرائيلية تبيد فعليًا غزة
حسين دعسة
27-01-2024 07:08 PM
عندما تتوقف نظرة العالم عند حالة تاريخية أو محفز إيجابى ما، فالحياة تختلف، ذلك أن ما حدث ويستمر فى محكمة العدل الدولية، يقتضى منا طول النفس، فما يحدث فى غزة منذ ما يقارب 4 أشهر من الحرب العدوانية على قطاع غزة من الشمال وإلى الجنوب، مجازر يومية تجاوزت منطق ما قد يصل إلى العالم من نتاج هذه الحرب، التى تستمر فيها حكومة الحرب الإسرائيلية النازية بالعمليات الممنهجة، الإبادة مفتوحة جماعية، والمجتمع الدولى يتسابق فى الإدانة، وتأويل الوقائع.
إنا ننتظر المزيد ونفرح بالإدانة التاريخية من محكمة! وأى محكمة، وأى قضاة، وأى مصير يمكن أن ينتج عنه المزيد من الملفات والأحكام والتقارير، بينما الموت الأسود والتهجير والإبادة المأساة فى غزة يترقبها العالم بعين الأعور وأذن الأصم ولسان الأخرس، والأوراق والقرارات المحفوظة، بينما حكومة الحرب الإسرائيلية النازية، تضحك على تمسكنا بالأمل، بينما تدين إسرائيل دولة التطرف والصهيونية والإبادة الجماعية، كل نتاج محكمة العدل، بالتأكيد جاء الرفض والإدانة من شريك نتنياهو السفاح، الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التى تدعم الحرب على غزة، بل لنكون أكثر وضوحًا، تسن سكين الذبح بهدوء وتطرف توراتى مقيت.
* هى تدابير منتظرة، فإلى أى قرار ستقضى؟
ما عم العالم، فى الوقت ذاته مع استمرار الحرب على غزة، القول إن محكمة العدل الدولية: تقضى بتدابير فورية على إسرائيل؛ لوقف الإبادة الجماعية فى غزة، وإن على إسرائيل: ضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة فى قطاع غزة فورًا.
- أيضًا، على إسرائيل الضمانة الفورية لعدم ارتكاب قواتها أي انتهاكات ضد أهالى غزة.
مؤكد عند أى إنسان قانونى أو من قضاة العالم، يعد ما أصدرته محكمة العدل الدولية خلال الجلسة العلنية التى عقدت الجمعة ٢٦ الشهر الجارى، قرارًا يقضى بفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل (...) بهدف منع انتهاكات اتفاقية الإبادة الجماعية، مشددة علي أن عليها (إسرائيل) ضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة فى قطاع غزة وبشكل فورى والضمانة الفورية كذلك لعدم ارتكاب قواتها أى انتهاكات ضد الغزيين.
ديباجة القرارات صاغتها محكمة العدل الدولية، تطلب من إسرائيل-دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى- رد الدعوى فى القضية المرفوعة ضدها من جنوب إفريقيا بتهم ارتكاب جرائم حرب فى غزة.
وفى تحليل عن دلالة ما قالته رئيسة المحكمة القاضية «جوان دونوغو»، خلال قراءة الحكم الخاص، «يجب على إسرائيل، وفقًا بالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالفلسطينيين فى غزة، أن تتخذ جميع التدابير التى بوسعها منع ارتكاب جميع الأعمال التى تدخل فى نطاق المادة الثانية من الاتفاقية»، مثلما يجب عليها أن تضمن، على الفور، عدم قيام قواتها العسكرية بارتكاب أى انتهاكات، ويجب عليها أن تتخذ التدابير فى حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلنى على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، وهذه ديباجة تحايل لما يزيد من ١١٠ أيام من حرب، يقودها رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى المتطرفة، ومعهم فريق الإبادة باسم حكومة الحرب، الكابنيت، فكيف تخاطب المحكمة، الجلاد، المبيد، والسفاح، وتنتظر منه المزيد من الاستجابة، أو لنقل الرأفة.
*بنود اتفاقية الإبادة الجماعية.. وغزة!
محكمة العدل الدولية، تضع قواعد أفقية وعمودية للعودة إلى ما قد يفيد قرارات المحكمة، التى ترى وفق بنود «اتفاقية الإبادة الجماعية» وجود تطابق بين ما ورد فيها وما يعانيه الفلسطينيون فى غزة، وإنها تعى حجم المأساة الإنسانية فى غزة التى تؤثر على المنطقة. وأعربت المحكمة عن قلقها إزاء استمرار خسارة الحياة هناك، وأرى أن هذا الشعيب التاريخى، ينعى الواقع، الإبادة متجددة وحالة غزة نادرة فى كل المستويات، سواء من نظرة المجتمع الدولى أو من الدعم اللامحدود فى الحرب على شعب محاصر لأكثر من ٢٠ عامًا، ولا رهان على أن تتاجر المحكمة بآليات الانتظار، فمن قرأ مسرحية «فى انتظار غودو» يعنى القهر ودلالة الموت أي بالإبادة أو بالجوع أو بالقتل من القناصة، طائرات، مدرعات، ودبابات الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى النازى، وتؤكد القاضية فى العدل الدولية، أن وضع الأطفال فى غزة يدمى القلوب، «استشهد ما يقارب ٧٠٠٠ من الأطفال فى غزة- بين مَن قُتلوا أو نزحوا أو يعيشون فى خطر، نتائجه قد تدوم طويلًا، وأن العمليات التى تقوم بها إسرائيل بعد 7 تشرين الأول نتج عنها الكثير من القتل والإصابات ونزوح الكثير من السكان، وتدمير كبير للبنى التحتية فى قطاع غزة، لافتة إلى أن الشعب الفلسطينى محمى بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
.. وهنا توقفت «المحكمة» لتقول حقيقة ما (...) هى، أى العدل الدولية، إنها تأخذ بعين الاعتبار تصريحات المسئولين الإسرائيليين بخصوص غزة (كتصريح نتعامل مع حيوانات فى القطاع)، وتأخذ بنظر الاعتبار تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة عن الأوضاع الصعبة فى غزة، وأن على إسرائيل التأكد من أن جيشها لا يرتكب انتهاكات إنسانية فى القطاع، وأن عليها كذلك أن تضمن منع التحريض المباشر على الإبادة الجماعية،؛ ذلك أنه بموجب المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، يشكل الفلسطينيون ما تعتبره «مجموعة محمية».
* يبدو.. القاتلة!
عندما ترتهن إلى قول المحكمة على لسان القاضية، والعالم- أيضًا- يترقب ما قالت القاضية: «يبدو» أن الفلسطينيين يشكلون مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية متميزة، وبالتالى مجموعة محمية بالمعنى المقصود فى المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، فما هو وزن كلمة «يبدو»؟ وقد ألحقتها بالقول: «وفقًا لمصادر الأمم المتحدة، يبلغ عدد السكان الفلسطينيين فى قطاع غزة أكثر من مليونى نسمة، ويشكل الفلسطينيون فى قطاع غزة جزءًا كبيرًا من المجموعة المحمية».
.. ومن نتائج «يبدو» المحيرة:
1: أن «الحقائق والظروف المذكورة كافية لاستنتاج أن بعض الحقوق التى تطالب بها جنوب إفريقيا على الأقل والتى تسعى للحصول على الحماية لها هى مطالبة معقولة».
2: «هذا هو الحال فيما يتعلق بحق الفلسطينيين فى غزة فى الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأفعال المحظورة ذات الصلة المحددة فى المادة الثالثة وحق جنوب إفريقيا فى السعى إلى امتثال إسرائيل للالتزامات الأخيرة بموجب الاتفاقية».
3: «تهدف بعض التدابير المؤقتة التى تسعى جنوب إفريقيا على الأقل إلى الحفاظ على الحقوق المعقولة التى تؤكدها على أساس اتفاقية الإبادة الجماعية فى هذه القضية، أى حق الفلسطينيين فى غزة بالحماية من أعمال الإبادة الجماعية والانتهاكات».
وجاء قرار المحكمة، وهى أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة بناءً على طلب مقدم من جنوب إفريقيا لفرض إجراءات طارئة ضد إسرائيل التى تواجه اتهامات أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية على صلة بعدوانها على قطاع غزة، والمتواصل منذ السابع من تشرين الأول الماضى فى قطاع غزة، حيث تطالب جنوب إفريقيا بإصدار 9 إجراءات طارئة تكون بمثابة أمر حماية، بينما تواصل المحكمة نظر القضية بشكل واف، وهو أمر قد يستمر لسنوات.
4: كانت جنوب إفريقيا قد رفعت قضيتها ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلى، فى 29 كانون الأول الماضى بشأن ارتكاب إسرائيل انتهاكات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين فى قطاع غزة، وطلبت أيضًا من المحكمة إصدار تدابير مؤقتة لمنع وقوع مزيد من الضرر لحقوق الفلسطينيين وضمان امتثال السلطات الإسرائيلية لالتزاماتها بموجب الاتفاقية.
5: تُوصف «التدابير المؤقتة» بأنها أوامر تصدرها المحكمة قبل حكمها النهائى فى قضية ما؛ بهدف منع وقوع أضرار لا يمكن إصلاحها، وبموجبها تُلزم الدولة المدعى عليها بالامتناع عن اتخاذ إجراءات معينة حتى تصدر المحكمة الحكم النهائى.
ويشار إلى أن كل قرارات محكمة العدل الدولية تصدر بشكل قطعى ونهائى ولا تقبل الاستئناف أو الطعن بأى شكل من الأشكال، إذ إن الأحكام الصادرة بالاستناد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، تعد «ملزمة» لأن الدول الأطراف، ومنها إسرائيل التزمت بتنفيذ ما يصدر عن المحكمة مقدمًا.
فى انتظار غودو.. حقيقة الألم والإبادة النفسية
.. بالرجوع إلى مسرحية «فى انتظار غودو..»، نرى كيف استطاع الأدب والثقافة والفكر الفنى، رصد حقيقة الألم والإبادة النفسية، المسرحية كتبها الكاتب الإيرلندى صمويل بيكيت.. تدور أحداثها المثيرة للجدل والألم، حول رجلين يدعيان «فلاديمير» «واستراغون» ينتظران شخصًا يدعى «غودو» لا يصل أبدًا وفى أثناء انتظارهما، ينخرطان فى مجموعة متنوعة من المحاورات ويقابلون ثلاثة شخصيات أخرى، وتبدأ مداولات عن الواقع وحال الناس وإبادتها نفسيًا وعصبيًا.
فى انتظار غودو، هى ترجمة بيكيت مسرحيته الأصلية باللغة الفرنسية، وهى مترجمة «بالإنجليزية فقط» «ملهاة مأساوية من فصلين»،.. وفى هذا الخصوص، وبعد ما تم من محكمة العدل الدولية، هذه دعوة جادة لقراءة مسرحية بيكيت.
الدستور المصرية