تشير الإحصائيات إلى تراجع مستمر في عدد الشقق المباعة في الأردن من 41 ألف شقة عام 2021 إلى 38 ألف شقة عام 2022 و36 ألف شقة عام 2023.
هذه الأرقام ترافقت مع نمو "صفري" في رصيد قروض الإسكان الممنوحة للأفراد عام 2023، مقارنة بنمو بلغ حوالي 400 مليون دينار في 2022، و800 مليون دينار عام 2021، ومقارنة بارتفاعات سنوية مستمرة في رصيد القروض السكنية منذ ما يقارب 20 عاما.
هل يعني ذلك أننا أمام ركود عقاري، بما يحمله ذلك من مؤشرات سلبية على مستوى القطاع نفسه والاقتصاد الكلي بشكل عام؟
الوصول إلى إجابة دقيقة لهذا التساؤل يحتاج أولا إلى تحييد العوامل الاستثنائية التي أثرت على سوق العقار في 2021 و2022. فهذان العامان شهدا ارتفاعا استثنائيا في حركة العقار لتعويض الشلل الكلي وقرارات التأجيل نتيجة جائحة كورونا عام 2020.
ذات الأمر ينطبق على نمو رصيد القروض السكنية في 2021 و2022، والذي جاء ليعوض قرارات الشراء والاقتراض المؤجلة نتيجة الجائحة في 2020. كما أن جزءا من ارتفاع رصيد القروض السكنية خلال 2021 و2022 لم يكن ناجما عن قروض جديدة، إنما تحقق بسبب تأجيل أقساط القروض أو تثبيتها رغم ارتفاع الفائدة، مما سبب ارتفاعا كبيرا في رصيدها النهائي.
بالتالي، قد يكون اللجوء إلى مقارنة الأرقام الصادرة حديثا 1مع العام 2019 مفيدا أكثر لبناء قراءة واقعية لأداء سوق الشقق السكنية. وفي هذه الحالة، نجد بأن بيوعات الشقق ارتفعت بحوالي 6% من 34 ألف شقة عام 2019 إلى 36 ألف شقة عام 2023، وهو ارتفاع يفوق نمو بيوعات الشقق للأعوام 2015 إلى 2019. أي أن الاتجاه العام لنمو مبيعات الشقق السكنية في الأردن لا يزال مستقرا.
الملفت في استقرار سوق الشقق السكنية محليا أنه يأتي رغم ارتفاع سعر الفائدة بحوالي 5%، ورغم توقف النمو في الرصيد الكلي لقروض الإسكان عام 2023، مما يعكس توفر معدلات سيولة صحية غير معتمدة على التمويل البنكي في السوق.
هذه الصورة الإيجابية تفقد جزءا من بريقها عندما نقارن سوق الشقق في الأردن مع أسواق المنطقة الأخرى، والتي شهدت معدلات نمو كبيرة في البيوعات والأسعار خلال الفترة الماضية. فذلك يعني أن استقرار السوق الأردني يخفي وراؤه تراجعا جوهريا في تنافسيته أمام الأسواق المجاورة.
تراجع تنافسيتنا على هذا الصعيد يؤكده انخفاض بيوعات الشقق لغير الأردنيين عام 2023 إلى أقل مستوياتها تاريخيا منذ صدور البيانات الإحصائية عام 2011.
على ما يبدو، شكلت معدلات السيولة المرتفعة والأسعار المتزايدة وتسهيلات الإقامة في أسواق المنطقة عامل جذب للأردنيين والأجانب الراغبين بالاستثمار في العقار السكني. بالمقابل، بقي مصدر الجذب الرئيسي للسوق الأردني أسعاره الأقل والشراء المدفوع برغبة السكن وليس الاستثمار.
هذه معادلة ليست سيئة للمقبلين على الشراء والباحثين عن أسعار مقبولة، رغم أنها تحرم مالكي العقار والمستثمرين ووزارة المالية من أرباح وإيرادات لصالح أسواق أخرى في المنطقة.