جبهاتنا واحدة .. وعزمنا لا يلين !
د.زهير أبو فارس
27-01-2024 01:57 PM
قدر لنا ، نحن عدد من الاعيان ، بمعية دولة رئيس المجلس فيصل الفايز ، وفي هذه الظروف الاستثنائية، ان نزور وحدات جيشنا العربي المرابط على حدودنا الشمالية والشرقية .وربما كانت هذه الزيارة ، بالنسبة لي ، حلما ان نلتقي بجنودنا للتعرف على ما يجري على حدودنا، وكم كانت سعادتنا غامرة بتحقيق هذه الفرصة . لقد أيقنا ان بلدنا في حالة حرب حقيقية متواصلة تشنها عصابات تهريب المخدرات والاسلحة،وميليشيات ذات ارتباط مباشر بقوى وجهات ودول اقليمية معروفة، في الوقت الذي لم نلحظ ما يدل على أن اشقاءنا في الجانب الآخر من الحدود يقومون بأية إجراءات واضحة للتصدي لهذه العصابات ، لوقف هذا الخطر الذي يتربص بنا ، ويحاول على مدار الساعة ، عبور حدودنا، وإغراق بلدنا بالمخدرات والاسلحة ، على الرغم من عديد بيانات الخارجية الأردنية، والزيارات والاتصالات الرسمية، والتنسيق مع الجهات المعنية ، المطالبة ببذل جهود حقيقية وفعالة لوقف هذا العدوان الممنهج والممارس منذ سنوات ، والذي يهدد ليس الأردن فحسب ، بل واشقاءنا في دول الخليج العربي، وكميات التهريب دليل على خطورة هذه الحرب الشيطانية على شعوبنا العربية.
ومما يؤسف له حقا ، ان ما يجري على جبهتنا من استهداف شمالا وشرقا ، وعين بلدنا على الغرب ، حتى لا تقوم دولة الاحتلال بعمليات التهجير التي تحلم بها ، وتعمل من أجلها . اي انه في الوقت الذي يقاتل فيه الأردن على الجبهة الغربية دبلوماسيا وسياسيا ، وبمختلف الطرق الممكنة ، تحاول الجبهة الشمالية ان تنخر في هذا الجسد الصامد في وجه قوى الشر من مختلف الجهات . والمؤلم أيضا ان كل ذلك يجري والأردن منشغل شبه وحيدا ، بالملف الأهم ، وهو ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من عدوان صهيوني وجرائم إبادة جماعية لم تتوقف منذ أشهر. ويبدو ان صمود الأردن، هذا البلد السليم ، المعافى ، القوي ، المتضامن والداعم لفلسطين واهلها( فعلا لا قولا ) ، لم يرق لاعدائه الذين يريدونه ان يدفع ثمن مواقفه الأصيلة الثابتة. وما يتعرض له الساعة من حروب المخدرات ( شمالا وشرقا) ، وحروب التعطيش ، والتجويع ، والتضييق الاقتصادي ، هي بالضرورة مرتبطة بمفهوم "اثمان المواقف!"، هذه المواقف التي لن يتنازل عنها مهما بلغت التحديات. وما محاولات دولة الاحتلال الاسرائيلي عدم تمديد اتفاقية المياه ، إلا دليل صارخ على ما نزعم. ويقينا ان كل محاولات مشاغلة جيشنا ، واستنزاف طاقات وامكانات بلدنا ، لن تنجح في تغيير بوصلتنا الموجه دوما إلى فلسطين وأهلها وقدسها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
لقد جاءت هذه الزيارة إلى قواتنا المسلحة المرابطة على واجهة المنطقة العسكرية الشرقية ، تعبيرا عن الامتنان والتقدير والوفاء لبواسل جيشنا ومؤسساتنا الأمنية- الأعين الساهرة ، التي تصل الليل بالنهار ، لمواجهة قوى الشر والظلام ، وعصابات المخدرات والاسلحة الاجرامية ،والذود عن ثرى الأردن الطاهر ، وحماية شعبنا ومنجزاته.
حيث اطلع الاعيان من قادة المنطقة والتشكيلات على الصورة الحقيقية لما يجري على حدودنا الشرقية الممتدة لمئات الكيلومترات، والمهام والواجبات التي تنفذها وحدات حرس الحدود ،بكل شجاعة واقدام ، والجهود العظيمة التي يقوم بها جيشنا العربي ، باستخدام أحدث انواع تقنيات الرصد ،والمراقبة الالكترونية ، والمتابعة ، والتنسيق ، والاتصال ، وكذا الأسلحة اللازمة ، وكل ما يعزز قدراتها على تنفيذ مهامها وواجباتها، بكل كفاءة واقتدار ، وبالتالي ، التصدي الفعال لمحاولات التسلل والتهريب ، في كافة الظروف والأجواء.
لقد وجدنا الاحترافية المهنية الرفيعة ، نتيجة لخطط التدريب المحكمة ، والأهم ، المعنويات العالية،التي يتميز بها نشامى حرس الحدود البواسل ، معانقة سحب الخير ، التي غطت سماء ارضنا الطيبة ، في ذلك اليوم الماطر الجميل.
كما شاهدنا، بأم أعيننا ، كيف يحيي أطفال المنطقة الطيبين المرحين في البلدات المجاورة التي مررنا بها ، جيشهم ، الذين تشع عيونهم حبا وإعجابا وفخرا به ، وهي تعبير بالغ وأصيل للمكانة الخاصة لجيشنا الباسل في وجدان شعبه وأطفاله- أجيال جيشنا القادمة .
لقد عدنا من هذه الزيارة ونحن اكثر شعورا بالأمان ، واعتزازا ببلدنا ومؤسساته الوطنية الراسخة. كما أحسسنا بقلوبنا ، وايقنا بعقولنا ، كم هي عظيمة قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، والمستوى الرفيع الذي وصلت اليه : تدريبا ،وإعدادا ،وتنظيما، في تنفيذ المهام والعمليات ، والذي وصلت إليه ، بفضل جهود قياداتها ، على مختلف المستويات، والدعم الموصول، والرعاية المباشرة من لدن القائد الأعلى جلالة الملك عبد الله الثاني، وقرة عينه الفارس الهاشمي النبيل ، ولي العهد سمو الأمير الحسين، حفظهما الله .
نعم، كنا في زيارة لا تنسى لجيش الأخلاق ، والقيم النبيلة ، حامل لواء الثورة العربية ، والعقيدة القتالية (الإجتماعية -السياسية ) : فهو جيش الشعب ، المدافع عن مصالحه ومكتسباته ؛ وحامي نظامه السياسي ، الملتف حول قيادته الهاشمية، ورسالتها التاريخية. العقيدة، التي تتصف: بالعقلانية، والدينامية ، والحسم ، في آن معا .
فالجيش العربي ، كان وسيبقى ، جيش الأمة، المدافع عن قضاياها العادلة، وفي مقدمتها ، القضية الفلسطينية، التي قدم قوافل الشهداء الأبرار في معارك البطولة ، فداء لها ،ودفاعا عن قدسها ومقدساتها.
فهنيئا لقائد الوطن المفدى ، وشعبنا ، وامتنا بجيشنا العربي - قواتنا المسلحة الأردنية-عقال الوطن ، ورمز عزته ، وحامي أمنه واستقراره.
الرأي