اسرائيل تهددنا مائيا .. !
كمال زكارنة
27-01-2024 01:04 PM
هدد مسؤولون اسرائيليون بعدم تمديد اتفاقية المياه مقابل الكهرباء مع الاردن ،احتجاجا على مواقف المملكة من الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.
وجاء التهديد الاسرائيلي بدراسة وقف العمل بهذه الاتفاقية قبل ثلاثة ايام،وهم يعلمون جيدا ان الاردن اعلن تجميد هذه الاتفاقية يوم السابع عشر من تشرين الثاني الماضي ،وبذلك هم تأخروا كثيرا في الصحوة .
وتنص الاتفاقية التي تمولها وترعاها دولة الامارات العربية المتحدة ،على تزويد الاردن بحوالي 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة مقابل 600 ميجاواط من الطاقة الشمسية تحصل عليها اسرائيل من الاردن.
هذه الاتفاقية التي هي عبارة عن مشروع ،لم تدخل حيز التنفيذ ،ولم توقع بشكل نهائي،ولم يبدأ العمل بتنفيذها على الارض.
التهديد الاسرائيلي بدراسة وقف العمل بالاتفاقية ،يجب ان يشكل صدمة ايجابية للاردن،وان يذكر القائمين على قطاع المياه،بأن الاعتماد ولو نسبيا او جزئيا على اسرائيل بموضوع المياه، لن يجلب الخير للاردن،بل يشكل ورقة ضغط مهمة جدا في يد الاسرائيليين،الذين سوف يغلقون "الحنفية" في اي ظرف وأي وقت، ردا على اي موقف اردني سياسي او دبلوماسي لا يعجبهم،وسيستخدمونه ذريعة من اجل التدخل في سياسة الاردن الخارجية ،وعلاقاته مع الدول العربية وغيرها ان استطاعوا،وسيعتبرون التعاون المائي مسمار جحا للاحتجاج والحرد والتدخل في كل صغيرة وكبيرة.
الاعتماد على الذات مائيا والعمل على تحقيق الامن المائي الذي يحقق الامن الغذائي،يجب ان يكون هدفا استراتيجيا بالنسبة للاردن،وهذا ما اكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني اخيرا،عندما شدد على ضرورة المضي قدما بتنفيذ مشروع الناقل الوطني لتقل المياه المحلاة من العقبة الى العاصمة والمحافظات الاخرى ،كونه المشروع المائي الوحيد الذي يجعل الاردن في مأمن مائي على المدى الطويل،وهذا يتطلب الاسراع في العمل على البدء بتنفيذ المشروع بكل اهتمام وجدية،كما تم تنفيذ مشروع جر مياه الديسي ،الذي يرفد المملكة بأكثر من مئة مليون متر مكعب من المياه سنويا.
لا يجوز اعتبار التهديد الاسرائيلي،ناقوس خطر،بل يجب النظر اليه على انه تحفيز لنا للبحث عن مصادر مائية جديدة في بلدنا،والعمل على تنفيذ مشروع الناقل الوطني الاستراتيجي بسرعة،ومواصلة البحث عن المصادر المائية وتعزيز المصادر والمشاريع القائمة والعاملة في المملكة،كما يجب اعتبار هذا التهديد تحذيرا لنا من مخاطر تسليم اعتمادنا في تأمين يعض احتياجاتنا المائية على اسرائيل،وفي ذات الوقت اعتباره حافزا قويا للاعتماد على انفسنا مائيا رغم الفقر الشديد وضخامة التحديات وقلة الموارد واستنزاف المتاح من المياه.
موقف الاردن المشرف من الحرب على غزة ،ومساندة المملكة للشعب الفلسطيني سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا وامداد القطاع بالمساعدات الاغاثية ،استفز الكيان المحتل كثيرا،حتى ان يافطة مطعم في بلدة اردنية اثارت غضب كبار المسؤولين الاسرائيليين ،لان المطعم في الاردن،ولو كان في بلد آخر لما انفعلوا وظهر جنونهم بهذا الشكل.
للعلم القطاع الخاص في اسرائيل يستثمر في قطاع المياه، من خلال انشاء محطات تحلية خاصة على البحر الابيض المتوسط، ويقوم المستثمرون هناك بتحلية مياه البحر وتجميعها في برك ضخمة وبيعها لحكومتهم ،التي تبيعها بدورها داخليا وخارجيا، فلماذا لا يقوم القطاع الخاص الاردني بالاستثمار المماثل في العقبة؟.
صحيح ان الاردن يشتري المياه احيانا من اسرائيل في فصل الصيف عندما يرتفع الطلب على المياه، وفي المواسم المطرية الضعيفة بكميات قليلة، لكن هذا لا يعني ابدا ان بإمكان اسرائيل ان تستغل هذا الظرف وتعتقد بأنها قادرة على التأثير على الاردن وتحاول ان تلوي ذراعه، عليها ألا تجرب ذلك، لان اي اتفاق او تعاون مهما كان نوعه بين الاردن واسرائيل، فان الأخيرة تحتاجه اكثر وقبل الاردن.