غرر مدّعو التحرير بأبنائنا الشباب الأردني المتحمس، الذين يفتدون الوطن والقدس وفلسطين والعقيدة، بأرواحهم، فأرسلوهم سنة 1979 إلى أفغانستان، للقتال ضد جيش الغزو السوفياتي الشيوعي الكافر، الذي غزا بلداً مسلماً !!..
وغرر أولئك الدعاة بأبناء الأمة العربية والإسلامية ومنهم أبناء الأردن وجندوهم لقتال النظام السوري العلماني الملحد.
انضوى دعاة الجهاد والتحرير تحت مظلة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (C.I.A) التي أدارت الحملة الجهادية الأفغانية وخططت لها ووفرت لها تمويلا وباعت لهم عدة دول عربية سلاحها الخردة، ووفرت المراجع الدينية الفتاوى والأغطية الشرعية لذلك الجهاد الأميركي.
كنت أعمل حينذاك في صحيفة الأخبار السياسية اليومية، التي أسسها الأستاذ فؤاد سعد النمري وترأس الأستاذ راكان المجالي تحريرها، بصحبة جهابذة الصحافة والثقافة: عبدالرحيم عمر، وإبراهيم ابو ناب، وعدنان الصباح، وفواز الكلالدة، ومحمود الحوساني، وسليمان خير الله، ونيقولا حنا، ومحمد كعوش، وفخري النمري، وحافظ ملاك، وعبد الحميد المجالي، وجورج طريف، وعبد الحافظ مبيضين، ويوسف حجازين.
بلغ الغضب مداه عند الملك الحسين على هذا الخداع الكبير الذي أخذ الأمتين العربية والإسلامية إلى الجهاد ضد هدف مفبرك هو الغزو السوفياتي الذي كان استدراجاً اميركياً وقع فيه الدب السوفياتي بغباء لا يضاهى.
لقد ظلت بوصلة الهاشميين أعز قبائل العرب وسادتهم، من الحسين بن علي إلى عبد الله الثاني ابن الحسين، معلقة بالقدس.
وحين تم تجييش الشباب المسلم للانخراط في «الجهاد الأفغاني لإنقاذ المسلمين من قبضة الشيوعية الملحدة» دوّت في تلك الفترة، التي هيمنت عليها وأدرتها بالكامل المخابرات الأمريكية، صرخةُ الملك الحسين محذرةً من انصراف الطاقات عن مخاطر الاحتلال الإسرائيلي الجاثم القريب، إلى مقاتلة العدو البعيد.
حينذاك أطلق الملك الحسين صرخته الهائلة: «القدس قبل كابول»، فحدد الشواخص وأنار الطرق والأهداف.
ولكن لا حياة لمن تنادي.
فقد أنفقت الدول العربية في ذلك الجهاد مليارات الدولارات، كانت القدس المحتلة في أمسّ الحاجة إليها.
يقول روبرت غيتس مدير (C.I.A) الأسبق في مذكراته «من الظلال»: بدأنا بمساعدة الحركات المعارِضة في أفغانستان قبل 6 أشهر من التدخل السوفياتي !!
... ويستمر الخداع والتغرير.
"الدستور"