ليس فتحاً جديداً القول بأنّ فلسطين التاريخية تمتد حدودها من البحر الأبيض المتوسط غرباً حتى نهر الأردن شرقاً، وأن ما جرى نهايات النصف الأول من القرن الماضي كان استعماراً صهيونياً لفلسطين بكل مقاييس الأداء السياسي التاريخي، وأن أوروبا الشرق والغرب هي من يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن وجود هذا السرطان الصهيوني الذي يستعمر اليوم كامل التراب الفلسطيني!.
قليلون ربما يعرفون أن كيان "إسرائيل" الجاثم اليوم على أرض فلسطين كان يمكن أن يقوم في أي مكان آخر من العالم، فقد تعددت الخيارات أمام عتاة الفكر الصهيوني في حينه، وقدم لهم الأوروبيون عتاة الاستعمار العالمي في حينه أكثر من خيار لإقامة "وطن قومي" لليهود، وهي خيارات كان من بينها بالإضافة لفلسطين، "أوغندا والأرجنتين وصحراء سيناء" وغيرها، إلا أن المكانة الدينية والتاريخية والسياسية لفلسطين كانت المبرر الأقوى وبالذات للمستعمرين الأوروبيين لتشجيع إقامة ذلك الوطن القومي المزعوم على أرض فلسطين، باعتبارها موقعاً استراتيجياً لزرع ذلك السرطان وسط طوفان عربي إسلامي لا يراد له أن يتمدد أو يتوحد أو أن تكون له شوكة وسلطان، فكان الخيار الأقوى هو إقامة "دولة إسرائيل" في فلسطين، ثم لاحقاً في كل فلسطين!.
من سخرية القدر أن الجيل الأوروبي الراهن، وحتى الجيل الصهيوني الراهن، يؤمنون بفعل الدعاية الصهيونية الماكرة أن "إسرائيل" دولة ديمقراطية يجري الاعتداء عليها من جانب عرب ومسلمين إرهابيين متخلفين يريدون إزالتها من الوجود، واستعمار البلاد التاريخية لليهود الذين يعملون حالياً على نشر الديمقراطية والتقدم في عالم عربي إسلامي جاهل!.
يجري هذا جهاراً نهاراً تباعاً ودونما تردد بينما العرب والمسلمون في سبات تؤكد أعمالهم وتصرفاتهم وسياساتهم أن تلك الكذبة الكبرى قد غدت حقيقة وأكثر على أرض الواقع! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ما يجب أن يدركه الجيل كله عربياً وإسلامياً وأوروبياً وعالمياً هو أن ذلك الكيان المسمى اليوم "إسرائيل" لا وجود له من حيث الحق والحقيقة وان الأرض التي يعيش اليوم عليها هي "فلسطين" العربية المسلمة، وهي بلاد لا بد وأن تعود إلى أهلها الشرعيين بزوال حكم ذلك الكيان الطارئ، وأن الأردن هو المملكة الأردنية الهاشمية التي قامت لتبقى إلى الأبد بشرعية الدين والتاريخ والعروبة، على ارض أردنية عربية خالصة لا على أرض مسروقة كما هو حال "إسرائيل".
وما يجب أن يدركه رموز الفكر الصهيوني الذين ترتعد أطرافهم اليوم جراء ما يجري في دنيا العرب من تطورات فيبادرون إلى الادعاء بأن الأردن هو فلسطين، هو أن كيانهم قد انتهى، وأن فلسطين أوشكت على أن تنهض من جديد على أرضها دولة حرة رغم أنف كل صهيوني يمني النفس عبثاً بشيء آخر!.
نعم ... لا وجود لشيء أسمه دولة إسرائيل في بلاد العرب والمسلمين، والكيان الموجود اليوم هو حالة غش وخداع واستعمار بكل المقاييس لا بد وأن يزول قريباً بإذن الله، لتنهض فلسطين من جديد على أرضها الممتدة من البحر إلى النهر شاء يهود الأرض أم أبوا، فقد انتهى مفعول "دولتهم" الأكذوبة بعد أن استمرت أكثر من ستة عقود حتى الآن، مستفيدة من فرقة العرب وضعفهم ونزاعهم، في وقت كان يجب أن ينتهي فيه هذا "الكيان" دونما قتال أو سلاح ، وإنما فقط بمجرد حركة الطوفان البشري العربي الإسلامي الهادر الذي لن يبقي ولن يذر للصهاينة أثراً سياسياً في فلسطين قريباً بعون الله.
يحيا الاردن عربيا هاشميا الى يوم الدين،وتحيا فلسطين عربية حرة الى يوم الدين بعون الله ، وهو من وراء القصد.