اليوم الدولي للتعليم وشعار "التعليم من اجل سلام دائم"
فيصل تايه
24-01-2024 12:20 AM
يصادف اليوم الأربعاء "الرابع والعشرين من يناير" الاحتفال السنوي ب"اليوم الدولي للتعليم" وللمرة السادسة منذ العام ٢٠١٨ ، وهو العام الذي أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة (اليونسكو) انطلاق هذه المناسبة ، ذلك احتفاءً بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية ، وليأتي تأكيداً بأهمية التعليم في بناء المجتمعات ، فالتعلُّم هو أحد أهم الحقوق الإنسانية ، وضرورة حتمية وفردية ومجتمعية للصالح العام ، وهذا اليوم يعتبر يوماً للدفاع عن الحق في التعليم ، ذلك بإظهار أن العالم يحمل الإرادة السياسية لدعم خطوات توفير التعليم الجيد والشامل للجميع على حد سواء دون أي تمييز أو تقرقة .
سيكون الشعار المعتمد الذي أطلقته " الجمعية العامة للأمم المتحدة " للاحتفال بالمناسبة لهذا العام مكون من كلمة تعليم Education، مع عام ٢٠٣٠ للإشارة إلى أهداف خطة التنمية المستدامة المُراد تحقيقها في هذا العام، إلى جانب القلم وهو رمز التعليم ، وسيتمحور الاحتفال حول شعار "التعلم من أجل سلام دائم"، حيث تمثل رمزية هذا الاحتفال الدعوة الى التاكيد أن التعليم يجب ان يتّسم بطابع تحويلي من أجل السلام ، كما ويساعد في تمكين المتعلمين من خلال تزويدهم بالمعارف الضرورية والقيم والمواقف والمهارات والسلوكيات كي يصبحوا دعاة للسلام في مجتمعاتهم المحلية ، في ظل يشهده العالم من احتدام للنزاعات العنيفة المقترنة باستفحال مُقلق للتمييز والعنصرية وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية ، ويتجاوز وقع هذا العنف أيّة حدود قائمة على أساس الموقع الجغرافي أو قضايا الجنسَين أو نوع العنصر أو الديانة أو السياسة عبر المنابر المتصلة أو غير المتصلة بالإنترنت ، لذلك فإننا أحوج ما نكون اليوم إلى تعهد صريح وعاجل بإحلال السلام ، وتُشدّد توصية "اليونسكو" الخاصة بالتربية والتعليم من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة على مكانة التعليم المركزية في هذه المساعي.
في هذا اليوم المخصص للاحتفال باليوم الدولي للتعليم ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة ، لا يفوتنا التذكير بألاثار التي خلفتها هذه الحرب ، وتوقف الحياة التعليمية في القطاع تماما ، وصعوبة عودة الطلاب إلى التعليم بعد هذا الكم الهائل من الدمار والخراب ، فما نراه بشكل يومي يأتي استمرارًا للمشهد التدميري الذي يستهدف مؤسسات التعليم في القطاع ، واستهداف عدد كبير من المدارس ، وتدمَّيرها بشكل كلي أو جزئي ، ناهيك عن جرائم القتل والابادة اليومية للمدنيين والذين من بينهم اعداد كبيرة من طلبة المدارس ، اذ ان هذا التدمير مخالفة وانتهاك واضح لكافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حماية المدنيين والمؤسسات التعليمية وتصون حرمتها ، ما يستدعي ضرورة أن تتحمل المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية مسؤولياتها حماية المؤسسات التعليمية ، وحماية حق أطفال فلسطين وطلبة المدارس في الحياة والتعليم، والوقوف في وجه الاحتلال والممارسات القمعية لجيشه ضد الاستهداف المتواصل للأطفال .
اننا ونحن نشارك العالم هذه المناسبة السنوية ، لا بد من الإشارة الى الدور الكبير الذي لعبه التعليم في بناء مجتمعنا الاردني وتنميته ، فهو أحد أهم أهداف التنمية المستدامة التي اكدت على ضرورة الوصول إلى التعليم الجيد والشامل والمنصف ، ولعلها فرصة للتأكيد على جهود الدولة الأردنية في السنوات الأخيرة للنهوض بالعلم والتعلم والمعرفة ، والتي جاءت إنطلاقاً من الايمان التام بأن التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية الشاملة ، وأساساً لبناء القدرات البشرية التي تعتبر أهم عناصر تنمية المجتمعات ، فهذه المناسبة فرصة غنية للإضاءة على واقعنا التعليمي ، حيث السعي من خلال وزارة التربية والتعليم إلى تعزيز جودة التعليم بإرساء نهضة تعليمية تواكب المتغيرات العالمية والتفاعل والتطور التكنولوجي ، بغية تحقيق مستويات متقدمة في التنمية البشرية ، وتطوير معايير التعليم ليصبح الركيزة الأساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الأردني ، حيث تمكنت من تحقيق العديد من الإنجازات على الصعيدين المحلي والدولي، وذلك من خلال تطوير خدماتها التعليمية وإطلاق المبادرات النوعية والمبتكرة من أجل ضمان استمرارية المسيرة التعليمية والتكيف مع الظروف والمتغيّرات.
لا بد من التأكيد على أن هذا اليوم يجب ان يكون بمثابة منصة لعرض أهم التحولات في مسيرة التربية والتعليم ، أذ اننا نسعى جاهدين الى إحداث تحوُّل نوعي في المستقبل ، ما يقتضي إعادة التوازن إلى علاقاتنا مع كافة مكونات العملية التعليمية التعلمية ، وبناء مستقبل تعليمي يتسم بقدر أكبر من الاستدامة والإدماج والاستقرار ، وكذلك مع التكنولوجيا التي تتغلغل في حياتنا حاملة معها فرصاً لإحراز التقدم من جهة ، ومثيرة مخاوف شديدة بشأن الإنصاف والإدماج من جهة أخرى ، اضافة الى التأكيد على تعزيز التعليم نحو اقتصاد المعرفة ، وكيفية توجيه التحوُّل الرقمي نحو الأهداف المنشودة ، وكذلك العمل على تحسين جودة ومستوى التعليم بمختلف مراحله .
كما واننا ونحن ماضون الى عملية التطوير والتحديث الشاملة ضمن رؤية التَّحديث الاقتصادي والتي هي مرتكز أساسي في مشروع التَّحديث الشَّامل ، بمساراته الثلاثة السِّياسي والاقتصادي والإداري ، حيث ان وزارة التربية والتعليم معنية بتحقيق هذه الرؤيه بإعادة توجيه السياسة التربوية ، من خلال الاستراتيجيات والخطط والبرامج المختلفة ، التي انبثقت عن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ٢٠١٦- ٢٠٢٥ ، والتي تضمنت عدداً من البرامج التنفيذيّة التي تعزز جودة نظامنا التعليمي تماشياً مع التطورات المتعلقة بطبيعة المعارف والمهارات ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة ، وأهمها خطة تطوير الثانوية الثانوية العامة وخطة الدمج لنرى ملامح "وزارة التربية والموارد البشرية" وقد استكمل تشكيلها ، ما يعزز الأهمية لبناء خريطة طريق محكمة للسنوات المقبلة، تضمن إطلاق الإمكانات لتحقيق النمو الشامل المستدام.
واخيراً فان اليوم العالمي للتعليم هو رسالة للجميع ، لتأكيد على ان مسيرتنا التربوية مستمرة باصرارنا على التصالح مع الأزمات وتحويل كافة التحديات إلى فرص تبلغنا اهدافنا النبيلة وتحقق غايتنا المنشودة باستمرار العطاء الذي هو السلاح السامي الأجدى لحماية أنفسنا والكفيل الذي تحمله العزيمة بيدها في أيامنا القادمات .
بقي ان أقول ان اليوم العالمي للتعليم هو فرصتنا الأخرى لتثمين جهود كافة العاملين في القطاعات التربوية المختلفة ولا بد من التأكيد بأن التعليم ثروتنا الكبيرة التي تستوجب الارتقاء بمخرجاتها وبما يحقّق التقدّم والازدهار لبلدنا الغالي .
والله ولي التوفيق..