من يعبث باستقرار المنطقة؟
د. أيمن العدينات
23-01-2024 01:38 PM
لا يخفى على احد كان بان ما يجري في غزه يتضمن احراج لكل حلفاء وشركاء اميركا الاستراتيجيين في المنطقة كما تدعي اميركا لذلك فان استمرار الحرب والعدوان الاسرائيلي الغاشم على اهلنا في غزة دون ادنى قدرة من العرب على وقف العدوان قد اصبح محرجا لكل الدول المحيطة وخاصة مصر والاردن ولا نستثني بقية الدول العربية التي تداعت باجتماع طارئ لقمة عربية ولم تفلح مما زعزع من ثقة الشعوب العربية بقدرة العرب على مواجهة التحديات وايقاف الحرب.
ولا يخفى على احد كان ان مشاركة امريكا في الاعتداء على غزة سواء عن طريق إمداد إسرائيل بالاسلحة او مشاركة فرقة الدلتا قد ساهم في تأزيم الموقف ورسخ فكرة الشعوب العربية عن الادارات الامريكية كداعم حقيقي للجرائم الاسرائلية.
هذا الدعم الامريكي لاسرائيل احرج جميع دول المنطقة خاصة الأردن ومصر الأقرب لفلسطين والقضية الفلسطينية وايضا هذا الوضع اصبح يلقي ضغوطا كبيرة على البلدين كون انه يتزامن ايضا مع تحديات كبيرة تعانيان منها ففي الأردن يتزامن هذا الوضع مع ضعف الوضع الاقتصادي وهذا مترجم بضعف الوضع المعيشي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وارتفاع عجز الموازنة والمديونية وضعف النشاط الاقتصادي وفي ضوء ضعف الإصلاح الإداري مترجما بترهل ادارة القطاع العام وضعف حركته وغياب الكفاءات وفقدان التطوير والتحديث واستمرار الفساد المالي والإداري بقصد ومن غير قصد ويدل على ذلك تقرير ديوان المحاسبة المتخم بالملاحظات وفشل المؤسسات الخاصة والعامة وإفلاس الشركات وإقصاء الكفاءات والخبرات ويدلل على ذلك بهجرة العقول وإبعاد كل مبدع وحريص على مصلحة الوطن وكل ناجح تحت وقع اجندة المحاصصة والواسطة والمحسوبية وضعف الخدمات ويدل على ذلك ضعف قطاع النقل وعمليات الازدحامات المرورية العقيمة وضعف قطاعات التعليم ويدل على ذلك تراجع الأردن في الاختبارات الدولية وضعف رواتب المعلمين في هذا القطاع وضعف قطاع الصحة ويدل على ذلك طول فترات الانتظار للحصول على الخدمات الصحية وعدم توفر بعض الادوية ونقصها وخروج الكفاءات الطبية للقطاع الخاص هذا بالاضافة الى تغول رجال الاعمال على مفاصل القرار وفساد الية انتاج النخب وتغول السلطة التنفيذية على بقية السلطات وضعف الديمقراطية من حيث الية إفراز مجلس النواب وبالتالي القيام بدوره الطبيعي في الرقابة على الحكومة والتشريع وهشاشة الاحزاب وافتقارها إلى موضوعية الطرح وضعف سقوفها وافتقار بعض القائمين عليها للثقة الشعبية وبالتالي فقدان الثقة بالية تصديرها للجماهير.
وعليه فانه وفي ظل وجود هذه الفجوات او الأمراض التي تعاني منها الدول العربية وبلدنا فان امريكا ومن خلال دعمها للكيان الصهيوني الغاصب فإنها تعبث باستقرار المنطقة وان ما يجري حاليا في البحر الأحمر من خلال التأثير على سلاسل الامداد والتوريد سيفاقم من المشكلات الاقتصادية والمعيشية مما يعني بأن بقاء العدوان على غزة سيعزز فتح الجرح وسيخرج هذا الدمل الكبير بكل ما فيه من اذى على الأوطان بنتائج لا يعرف عقباها،
من هنا نقول بان على اميركا وقف العدوان فورا وان مرحلة ما بعد غزه تتتطلب من مراكز صنع القرار الانتباه والإسراع في معالجة هذه الأمور أعلاه من خلال اعادة إفراز النخب وتعزيز الديمقراطية وتحسين الوضع الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال لتعزيز الاستثمار وأدواته والإسراع في الإصلاح الإداري وعمليات التحول الرقمي وتطوير الإعلام الرسمي ومعالجة المؤسسات الفاشلة واستقطاب الكفاءات ومعالجة آلية إصدار القوانين وموجباتها وأسبابها لتكون ضمن دراسات اثر تشريعي واضحة ومهنية وتعزيز المشاركة بين القطاع العام والخاص وفق اسس الشراكة الحقيقية ومعالجة مشكلة توزيع الثروات والدخول وفق مؤشرات علمية وحقيقية فمؤشر جيني (Gini Coefficient يشير إلى هذا التباين في الأردن وتوزيع مقدرات التنمية على المحافظات بعدالة.
وختاما فانه على الجميع مخافة الله في هذا الوطن الأغلى والأسمى على القلوب وعلى الجميع حمايته بالمهج والأرواح والالتفاف حول ملكنا المفدى في جميع خطوات الإصلاح التي تعالج هذه التشوهات التي أنتجتها الحكومات المتعاقبة وذلك بالرغم من التوجيهات الملكية لها من خلال الأوراق النقاشية وخطب العرش وكتب التكليف السامي التي كانت دائما تحث الحكومات على معالجة هذه الاختلالات المشار اليها.
سائلين المولى عز وجل ان يحفظ بلدنا الغالي وملكنا المفدى وولي عهده الامين من كل مكروه وسوء.