الحاجة إلى تعديل قانون حق الحصول على المعلومات
د. أشرف الراعي
22-01-2024 09:52 PM
قبل نحو 14 عاماً وفقني الله تعالى لأكون أول باحث أردني يكتب مؤلفاً ومرجعاً علمياً وأكاديمياً في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، والذي كان يعد في حينها طفرة تشريعية، لأن الأردن – بحسب ما كتب صديقي المصري الصحافي في هيئة الإذاعة البريطانية حينها الأستاذ محمد السيد – كان الدولة العربية الوحيدة التي أعدت مشروع قانون أقر لاحقاً، ويضمن الحصول على المعلومات، وقد استبشر في حينها الصحافيون أولاً والمواطنون ثانياً، خيراً بأن حقوقهم في الحصول على المعلومات ستكون قائمة من دون اللجوء إلى الوسائل "المتعبة" و"غير القانونية" أحياناً في الحصول على المعلومات، ولينضم هذا القانون إلى نحو 30 قانوناً تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر في العمل الصحافي والإعلامي.
كان ذلك الكتاب - الذي صدر عن دار الثقافة للنشر والتوزيع وأعددنا منه طبعتين بواقع 1000 كتاب لكل طبعة؛ أي أن أجمالي ما بيع منع بلغ 2000 طبعة حتى اليوم - يناقش القيود المفروضة على وسائل الصحافة التقليدية ومنها الصحف والمجلات ووسائل التلفزة والإذاعات، وهو ما لم نعد اليوم بحاجة إليه في ظل التطور التقني والتكنولوجي الهائل الذي نعيشه وبسبب سرعة الوصول إلى المعلومات في ظل انتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والمنصات الرقمية والمواقع الإلكترونية، حتى باتت المعلومات متوفرة بلمح البصر، لا بل أذكر أن هذا القانون الذي كان يعد من القوانين العصرية كان في مرحلة من المراحل من أهم القوانين، التي تناقش مع حرية التعبير عن
الرأي والتنظيم القانوني للحقوق والجزاءات المفروضة على الصحافيين والإعلاميين، والقيود التي تتعلق بمنتهم.
مناسبة الحديث أن هذا القانون يخضع اليوم إلى نقاش في مجلس النواب الموقر لتعديله، وفي الواقع أن تعديله من دون العودة إلى أصحاب الاختصاص في ظل التقدم التقني ومراعاة ما نحن مقبلون عليه سيكون غير منطقي بالمطلق، لينضم إلى سلسلة نصوص قانونية "غير منطقية" بحاجة إلى تعديل لثغرات تشريعية وخلل في الصياغة في بعض الأحيان، مع الإقرار بأن هناك العديد من القوانين الجيدة التي أقرت أو عدلت مؤخراً وإن كان لنا ملاحظات على الصياغات التشريعية التي تتعلق بها، لا سيما فيما يتعلق بقانون الجرائم الإلكترونية الذي رأته شريحة واسعة من الناس بأنه مقيد للحقوق كونه يفرض غرامات وعقوبات مرتفعة قد تضر بالمجتمع وقد تصبح سيفاً مسلطاً عليه.
الواقع اليوم يقول إننا "في عصر تطور تقني وتكنولوجي هائل والقادم أعظم وأن تعديل النصوص التشريعية يجب أن يتطلع إلى هذا الواقع وألا يبقى محصوراً في بوتقة أو دائرة لا تقيم وزناً لهذا التقدم.. لا بد اليوم من مناقشة هذا القانون من دون معزل عن التطور الذي يشهده العالم وترامي المعلومات في كل الأطراف من خلال ChatGPT ومن خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence systems) والمنصات الرقمية والمواقع الإلكترونية وقواعد البيانات العالمية، وإلا سنبقى في ذات الإطار لمشروع قانون لا حاجة له في زمان قد تجاوزه!
والله من وراء القصد.